رد: الحب في زمن كوفيد19
هي الآن ببيتها، تلعب مع صغيرها، وتغني معه بأعلى صوتهما فيضحك، وتضحك أيضا، يرددان معا وهما يرقصان على إيقاع الكلمات وموسيقاها التي يستشعرانها بحب:
Sur le pont d’Avignon
On y danse .. on y danse
Sur le pont d’Avignon
On y danse tous en rond
وقبل أن يتابعا معا الغناء والرقص، ويصلا معا إلى أحب لقطة يمثلانها وهما يرددان:
Les belles dames font comme ca
Et puis encore comme ca
Les beaux messieurs font comme ca
Et puis encore comme ca….
سيدخل الزوج، ودون أي كلام أو سلام سيسأل إن جهز الطعام، وستجيبه أن ليس بعد، فقد انشغلت بأمور أخرى، ومع ذلك فلم يتبق إلا وقت قليل ويجهز ؛لكنها مع ذلك تقول له:
_ على الأقل سلم أولا.. إن لم يكن علي فعلى الصغير..
وتبادر هي بالسلام فتمنحه قبلة، ويعتذر هو متعللا بأن الجوع أنساه حتى نفسه؛ يقبل جبينها:
_ حتى لا تقلقي؛ أهبك قبلتك المفضلة.. على الجبين كالعروس على هودجها دائما..
تبتسم وباستغراب ترد وفي حركة مستمرة بالمطبخ:
_ حتى لا أقلق؟ تهبني؟ ... يا سيدي رغما عنك تقبيلي..
_ المهم أريد أن آكل الآن..
_ ساعدني إذن..
_ أنا لم آت من العمل إلا الآن، ثم إني مرهق جدا.
_ وأنا أيضا جئت من العمل مباشرة إلى هنا، انظر حتى ملابسي لم أبدلها بعد..
لكن هو كعادته، يبدل ثيابه، ودون أن يغسل يديه أو ينظف حاله، يجلس بانتظار المائدة..
الطفل ينظر بتأمل إلى كل ما دار بين أمه وأبيه، إلى ملامحهما معا أثناء الحديث، إلى رد فعل كل منهما، ..وهو يمسك سيارته الصغيرة الآلية، وبعد أن جلس والده، طلب منه أن يلعب معه قليلا، لكنه رد عليه بلا مبالاة ودون حتى أن ينظر إليه، فهو مشغول بالتلفاز ينتقل من قناة إلى أخرى كأنه سيختار كتابا لقراءته ويقلب عدد صفحاته ويستطلع بعض كلمات نهاية الكتاب ووسطه...
_ متعب، العب وحدك.. ألا تكفيك ألعابك؟
تسمع الأم ذلك؛ فتزداد حنقا على هذا الرجل، أ حتى مع ابنه لا يعرف كيف يتعامل، يا إلهي كيف يمكن أن يكون هذا أستاذا أمام من يجب تأهيلهم لمستقبل مشرق؟.. تنادي ابنها:
_ ابراهيم؛ حبيبي؛ اغسل يديك وتعال.. ستساعدني لتضع بعض الصحون على المائدة.. هيا بسرعة.
ويغسل الصغير يديه، و يأتي إلى أمه، تنحني هي على ركبتيها، تقبله وتضمه إليها، ثم تمسك ذراعيه وتقول بصوت شبه منخفض:
_ أبوك كعادته سيتغذى وينام، و أنا وأنت سنصلي معا ثم نلعب، ونغني ونقرأ قصة ما رأيك؟
يعانق أمه ويهز رأسه موافقا..
وبصوت أعلى تقول بعد أن وقفت لإكمال مهمتها بالمطبخ:
_ هيا يا عزيزي؛ خذ الخبز بسرعة إلى المائدة..
_ عبد الرحيييييم (منادية زوجها) ، ارحمنا واغسل يديك لتأكل..
وجبة الغذاء مر وقتها .. عبد الرحيم بغرفة النوم وقد غط في نوم عميق، ابراهيم لم ينتظر كي يلعب مع أمه .. بل نام وهو يجلس أمامها على السجاد أثناء صلاتها، أنهت فريضتها، وحملت صغيرها إلى سريره ثم اتكأت بجانبه ممسكة هاتفها، وتفتح ريم صفحتها الفايسبوكية؛ تجد ردا من علي حامد على الميسانجر:
_ لك ذلك؛ كان الله في عونك.
لا ترد، تنتقل إلى الصفحة التي كانت سببا لتواصلها مع علي، تقرأ بعض التدوينات والكتابات، تعجبها كلمات وعبارات وأخرى لا تسترعي اهتمامها.. تكتب بعض التعليقات، فتخطر ببالها كلمات تريد أن تشارك بها:
" مجرد بسمة.. مجرد همسة.. كلمة حب صادقة، قد تحمل في طياتها للآخر سعادة أبدية، فلتبتسم"
" غن للبحر.. غن للحياة.. غن لنفسك التواقة ناشدا أملا ؛ راجيا خيرا؛ مستقبلا مفاجآت جديدة سعيدة تزكو بها الروح"
كلماتها هذه كانت بالنسبة لعلي إعلانا على أنها حاضرة ويمكن أن يتم التواصل بينهما، لكنه قبل ذلك رسم بعض الكلمات المزخرفة والملونة بإتقان كتعليق على كلماتها التي أدخلت عليه الفرحة كما يزعم:
"_ ريم.. مجرد قراءة كلماتك هذه تجعلنا نبتسم ونقف أمام البحر مجددا ونغني مستقبلين إشراقات صباحات جديدة"
وعلى الميسانجر:
_ مرحبا ريم
_ أهلا علي
_ كيف حالك؟ كيف قضيت يومك بالعمل؟
ترد عليه متفاجئة مستغربة، ألم يكن هو كذلك بالعمل؟ ألم يأت هو أيضا متعبا ويريد أن ينام؟...
ياااااه! منذ متى لم يسألها عبد الرحيم عن حالها.. ؟ منذ متى لم ينتبه إلى ما إذا كانت متعبة إلا إن شكت هي نفسها بعد صبر لم ينتبه إليه... ثم تنبه نفسها إلى أنها أحيانا هي لا تسمح له بذلك إذ تتجاهل كثرة لغوه، مع أنه لا ينس أن يسأل عن آخر الأخبار والمستجدات كأنه صحفي نشيط يستعد لنقل نشرة الأخبار، وفعلا هو كذلك فلا يغيب عن أهله حركة علم بها وقعت في بيته أو في بيت أهل زوجه..
انسي الأمر ريم الآن ، لعلك تجدين راحة هنا، و تابعي حديثك مع السيد علي.
_ بخير.. الحمد لله؛ شكرا لك.. وأنت؛ كيف قضيت يومك؟
(يتبع)
|