رد: الحب في زمن كوفيد19
فجأة وزوجها منشغل بالآلتين _ التلفاز والهاتف_ طار النوم من عينيها، أخذت هي الأخرى هاتفها بين يديها، شغلت النت.. فتحت الفايسبوك لتكتب على صفحتها المفضلة حيث الأصدقاء الجدد :
كم هو الليل كئيب وأنا وحدي.. أتأمل عينيك المغمضتين صغيري ثم أقول، بل وحدك أنت معي. ،تريد أن تغلق الفايس لتجرب حظها مع النوم لكنها تنتبه لرسالة واردة من علي حامد، تفتحها فإذا فيها صورة ورود وأزهار، وصورة بحر ثم عبارة: أرجو لك ريمي ليلة سعيدة وتصبحين بخير..
لم ترد ريم على الرسالة واكتفت بابتسامة ارتسمت على شفتيها..
وضعت هاتفها جانبا على المنضدة المجاورة، ثم حاولت أن تخلد للنوم، وقد اعتادت أن تتلو بعض السور القصيرة والآيات الكريمة وتردد بعض الأدعية، ثم تغيب مع أفكارها وخيالاتها إلى أن يغيبها النوم، وكذلك كان.
في الصباح استيقظت تعد إبراهيم للذهاب إلى المدرسة .. ناولته فطوره ، بينما عبد الرحيم يفطر واقفا وهو يرتدي ملابسه، فمه مشغول بمضغ الطعام والكلام:
_ كارثة بالصين حصلت..
_ اللهم لطفك.. أهكذا تستهل الصباح؟!
_ لم أرد إزعاجك بالموضوع ليلا كي لا تقولي إني سبب كوابيسك
_ حسنا فلتزعجني إذن على نغمات زقزقات العصافير..
_ الناس يموتون هناك جماعات جماعات وأنت هنا تريدين الاستمتاع بالصباح وتغريدات الطيور..
- يا ربي لطفك..
_ وباء انتشر بالصين مؤخرا خاصة في ووهان.. اسمه كورونا..
ظهر منذ شهر دجنبر لكن حدته زادت في هذا الشهر.. إنه قاتل، يميت الناس فيسقطون أرضا كالذباب..
_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
يخرج بعد أن يسلم على ابنه وزوجه وهو ما يزال يمضغ الطعام والكلام، تطلب من إبراهيم أن يسرع عل والده يأخذه معه بطريقه.. لكن عبد الرحيم يدعي بأنه تأخر وبألا وقت لديه..
أنت لا تعملين هذا الصباح، ليس لديك ما يشغلك فقط ستقفين به بضع دقائق لانتظار النقل المدرسي.
خرج، أخذت صغيرها وهو سعيد يمسك بيد أمه اليمنى ويضمها إليه ثم يقبلها، لم يكن ليفعل ذلك مع أبيه، فهو إن أخذه لينتظرا معا النقل المدرسي، يذهب به إلى الدكان المجاور يشتري له حلوى أو بسكويت، ثم يطلب من صاحب المحل أن ينتبه له ريثما يأتي النقل، أما أمه فلا تشتري له شيئا، ولكنهما يتهامسان،يقرآن آية قرآنية تخطر ببال أحدهما، ثم يرددان بعض أناشيد الأطفال أو قصائد الصغار:
أرسم ماما، أرسم بابا
بالألوان بالألوان
أرسم علمي فوق القمم
أنا فنان، أنا فنان..
××××××××××
يأتي النقل بعد لحظات، يركب إبراهيم سيارته بعد تبادل القبلات والعناق مع أمه،ثم من خلف نافذة السيارة وهي قد أخذت تسير إلى حيث تقاد، يلوح إبراهيم بيديه ويرسل قبلاته لأمه، وهي تبادله الفعل نفسه إلى أن تغيب السيارة عن عينيها، تعود ريم إلى البيت، تغسل الأواني وتستعد لترتيب البيت، تشغل المذياع، صوت الحسين العمراني من صباح بلادي جميل كجمال الصباح ومشرق كعادته يبعث الأنس من أصداء الراديو،وتجده حيويا ونشيطا حتى بالمساء في برنامج" كولي نكولك" ( قل لي . . أقل لك)... بعد قليل سيبدأ برنامج اللقاء المفتوح... كثرت أصواته الجديدة، حتى إنها لم تعد تعرف أيا منها، وأصبحت تجد البرنامج مملا بعض الشيء، حسنا ستستمع لأول تقديم ثم للأغنية الأولى، وقد تشغل شيئا من هاتفها عبر ما حملته من اليوتيوب، الأغنية الأولى من التراث " عيساوة" برئاسة عبد العالي المرابط..
أوه كم تحب ريم عيساوة، رغم أنها لا تحب من يمازحها فيقول لها إنه تراث مكناسي الأصل وأنتم أهل فاس وغيركم تقتبسونه من الهادي بن عيسى، فريم ترى أنه تراث مغربي وحسب وإن كانت جذوره من مكناس فالفاسيون قد برعوا في آدائه..، على نغمات عيساوية كانت ترقص بفرح وكأنها في حضرة " اجدبة". لتنتهي الأغنية ويعود صوت المذيعة، ستقدم الوجبات والوصفات وطرائق الديكور واللباس... والتعامل مع الأبناء، ريم لا تحب أن تسمع لذلك، شغلت هاتفها، وفتحت الفايسبوك، لتجد الكثيرين قد وضعوا بصمات الإعجاب على كلمتها ليلا، وبعضهم قد علق بتعليق ما، ومنهم ذاك الذي صار لا يهمل لها نقطة إن وضعتها بالصفحة، فرد عليها:
سكون الليل والوحدة قد يرسمان علينا وجوما ، ومع ذلك لليل جماله، وللوحدة أنسها وحفظ الله صغيرك .. لن تكوني أبدا وحيدة مادام معك.
تتذكر مادار بينهما من حوار ليلة أمس، وكيف أنها وجدت رسالة تصبحين على خير ولم ترد، ومع ذلك هاهي رسالة أخرى واردة منه أيضا، لابد أنها صباح الخير مع الورود والبحر، أم لعله سيسألها من جديد عن صورة لها؟!
افتح يا سمسم صفحة الرسائل..
نعم؛ كما كان متوقعا.. ورود جميلة وبحر يبدو كأن جبالا تحيط به وأمواجه تحاول أن ترتقي لقمة الجبال، وعبارة الصباح هذا اليوم:
صباح الخير قديستي ريمي.
|