 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد |
 |
|
|
|
|
|
|
_ أقول لك؟! مازلت تنتظرين أن أقول لك؟ أطبعت على جبهتي شاعر أو كاتب؟ أنا لست نزار قباني ولا أبو الطيب المتنبي... ولست كاتبا، أما الورود فتعطى لمن يستحقها لا لك..
لم تستطع الرد عليه حينها، كان بالباب خارجا فسكتت هي بعده وابتعدت كي لا تسلم عليه، ضحك وتمتم ببعض كلمات مبينا أنه فهم من ابتعادها عدم رغبتها في توديعه وهو خارج... فتحت الميسانجر مباشرة لتجد ما تستأنس به ورود وكلمات هي عطر الورود...
كان علي قد طلب منها قبل أيام أن تقبل دعوته على حساب آخر قديم له لكنه لم يكن يستعمله منذ مدة حتى يخصص لها حسابا فلا يستعمل دائما الأول الذي يلزمه بالحديث مع كثيرين غيرها وهو يتحدث إليها، أو قد تأتيه رسائل كثيرة في نفس الآن منها رسالتها، وتكون بعيدة فلا ينتبه إليها لكثرة ما لديه من أصدقاء تجاوزوا الألفين على صفحته، وأكثرهم في الحقيقة ليسوا أصدقاء وإنما هم ثلة من المعجبين وكثرة من المعجبات به كأستاذ أو كأديب ينشر أعماله بمجلات وصحف ...
ولريم الحظ في أن تكون المميزة من بينهم جميعا...
أصبحا لا يتحدثان إلا على هذا الحساب الجديد
غالبا.. كان يسعد بحديثها معبرا عن فرحه وهي تحكي له بعض ذكرياتها.. وتسعد هي بتلك الضحكة التي يضعها كملصق أو يكتبها بهاء مكرر ... يظلان كذلك مدة إلى أن يغلب أحدهما النوم بعد أن تكون قد أخذته السنة الأولى فتغلب عليها واستفاق لمواصلة الحديث ثم سِنة ثانية وأخرى وأخرى... إلى أن يستسلم..
كانت مرة وهي تتحدث إلى علي بالطريق متجهة من عملها إلى البيت قالت له:
_ سيغضب زوجي ويعاتبني لو يعلم أني اتخذت هذا الطريق إلى البيت.. يقول إنه خطر ولكني أجده سبيلا أقرب خاصة وأني أحب المشي وهو يأمرني دائما أن أستقل سيارة أجرة أو حافلة، وأتجنب كثرة المشي
_ لو كنت معك لرافقتك ممسكا بيدك كي لا تفلتي مني ، وأسير على خطاك من حيث تحبين أنت المرور.. ... لكن مع ذلك ارأفي به، يبدو أنه يخاف عليك
_ هههه يخاف علي !؟ .. حسنا سأبلغه سلامك
_ سلامي؟! ألا يغار؟ أنا أغار عليك منه، فكيف به؟!
_ لا تخش عليه.. لا تعرف الغيرة له طريقا، ربما هو يثق بي لذلك لا يغار علي.. على كل هو يعرفك، فقد حدثته عنك كثيرا..
_ عني؟!
أكدت له ريمه أنها حدثت زوجها عنه وأنها الآن تراه أمامها ينتظرها قرب البيت، ستسلم عليه وتضع الهاتف، وقد كان أن فعلا بلغته سلام علي لكنه كعادته يسألها من علي كأنه مصاب بالزهايمر فترميه ببعض كلمات عنه وتغير الحديث سريعا إلى مجرى آخر وتصمت كي يتحدث هو ولا يسكت...
هي تدرك أن زوجها يحبها لكنه لا يعرف أبدا كيف يظهر هذا الحب، تنظر إلى علاقة الحب بين أهله وبينه وبينهم فترى...
|
|
 |
|
 |
|
فترى تعلقا ونفورا.. ائتلافا ومجافاة.. لا يمكن ان يمر يوم دون لقاء أو على الأقل حديث بالهاتف.. يلتقون وقد لا يقبلون بعضهم، لا يسلمون حتى السلام، فيشرعون مباشرة في أحاديث لا تنقضي.. حدث أمس.. ووقع قبل قليل.. وجاء فلان.. واتصل علان.. أخبار لا يجب أن تفلت من قبضة أحدهم..
لا تبادل للأشواق بينهم.. وإن غبت زمنا طويييييلا تسمع كلمة " توحشتك" باردة جدا كأنها جاءت في مضمون حكي من حكاياهم..
ريم تناقش زوجها فيما استجد من أخبار العالم .. الخبر الذي تشترك فيه الكرة الأرضية قاطبة، هذا الفيروس المستجد.. ظهور أول حالة بالمغرب في الثاني من مارس أمر مقلق، لا شك ان بعده سيتفاقم الوضع، تقول ريم : إن ظهرت حالة ثانية فيجب أن يأخذ الحذر، وأن يلزم كل فرد بيته، يجب أن تساعد الدولة على ذلك .. فمادام كل الناس يخرجون، وكل من يعمل يذهب إلى عمله فقد يزداد الأمر خطورة..
وتظهر بعد يوم أو يومين حالة ثانية.. ولا من يحرك ساكنا إلا بعض الدردشات على مواقع التواصل الاجتماعي..
ريم حين تكون على موعد للحديث مع علي تنسى الفيروسات وتنسى التاريخ والجغرافيا فتكون معه بزمن واحد على موقع واحد بالخريطة.. لا يتحدثان إلا شعرا وأدبا وذكريات ونصائح... كل شيء جميل كان بينهما لا يشوبه ألم ولا ملل.. لا عتاب ولا لوم.. كانت الضحكات تصدح في رسائلهما..
كتب لها شعرا ذات مرة وكانت سعيدة به، لكنها لم تتمكن من حفظه، كانت تظن أنها تستطيع حفظه بالرسالة لكنه ضاع منها.. كتب لها شعرا ينطق بحروف اسمها الثلاثة أولا وأخيرا ويهمس ريمي ويغني للريم والغزال والظبي...
لم تدر كيف ذات مرة وقد أرسل لها رسالة يصف فيها كيف رآها بحلمه لثاني أو ثالث أو ربما خامس مرة، وكأنها مغيبة عن الكلمات التي رسم بها جسدها، فلم تظهر غضبا ولا اشمئزازا كأن على عينيها ضباب منعها من رؤية الجمل تلك التي بدأت تتحول شعرا لولا كلمة :
" أحبك" التي نطقتها وهي ترسم أحرفها بالأزرار مغيبة عن كل ما يحيطها تراه أمامها وهي بالواقع لو رأته ما عرفته..
يسألها باستغراب غير مصدق لما قرأ.. أأخطأت الإرسال؟ أكانت تريد أن ترسلها لغيري فوصلتني؟ أكانت تريد أن تكتب شيئا آخر فحوله الهاتف كالمصحح للخطإ إلى
أحبك؟
تساؤلات راودته سريعا لم يسمح لها أن تأخذ من وقته ليتأكد من قولها:
_
ريم!
كأنه يناديها ليتأكد من أنها ما تزال موجودة معه، بجواره.. ليتأكد من أن
أحبك كانت له.. ماذا سيقول لها الآن؟ ترد هي:
_
نعم وتصمت في خجل كأنها بدأت تعود لوعيها، أو ربما ما تزال في هلوستها وغيبوبتها..
_
تحبينني أنا؟
ويعود بعض الحياء، وتحس أنها لو قاست حرارتها لوجدتها فوق السبعين .. فتقول والدمع منحبس بجفنيها:
نعم
وماذا كنت ريم تودين القول غير " نعم" وأنت كذبت أحاسيسك قبلا فأردت إقناع قلبك أنه مجرد صديق، أنه في عمر والدك أو أصغر بقليل أو ربما أكبر بقليل، أنه إنسان لم تقبلي صداقته إلا لمعرفتك به أديبا مثقفا واعيا وأستاذا يمكن الإفادة من خبراته خاصة وأنك تخوضين في إنهاك نفسك بالعمل بمدرسة خضدصوصية تتعبك لتعودي إلى الأشغال الشاقة ببيتك فتجدين في " علي" الصديق المسلي والمؤنس الذي يساعدك حتى وأنت في المطبخ بوناسته، فالإذاعات بالراديو التي كنت شغوفة بها قبل زمن لم تعد كما كانت.. أصبحت برامجها كئيبة ومملة.. وأصبحت مطلقا لا تشغلين تلك الآلة.. فكان علي هو كل ضحكتك حين يكون صغيرك بالمدرسة او نائما أو منشغلا بألعابه أو أوراقه وكتيباته..