عرض مشاركة واحدة
قديم 17 / 08 / 2020, 10 : 05 AM   رقم المشاركة : [76]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الحب في زمن كوفيد19

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
فترى تعلقا ونفورا.. ائتلافا ومجافاة.. لا يمكن ان يمر يوم دون لقاء أو على الأقل حديث بالهاتف.. يلتقون وقد لا يقبلون بعضهم، لا يسلمون حتى السلام، فيشرعون مباشرة في أحاديث لا تنقضي.. حدث أمس.. ووقع قبل قليل.. وجاء فلان.. واتصل علان.. أخبار لا يجب أن تفلت من قبضة أحدهم..
لا تبادل للأشواق بينهم.. وإن غبت زمنا طويييييلا تسمع كلمة " توحشتك" باردة جدا كأنها جاءت في مضمون حكي من حكاياهم..
ريم تناقش زوجها فيما استجد من أخبار العالم .. الخبر الذي تشترك فيه الكرة الأرضية قاطبة، هذا الفيروس المستجد.. ظهور أول حالة بالمغرب في الثاني من مارس أمر مقلق، لا شك ان بعده سيتفاقم الوضع، تقول ريم : إن ظهرت حالة ثانية فيجب أن يأخذ الحذر، وأن يلزم كل فرد بيته، يجب أن تساعد الدولة على ذلك .. فمادام كل الناس يخرجون، وكل من يعمل يذهب إلى عمله فقد يزداد الأمر خطورة..
وتظهر بعد يوم أو يومين حالة ثانية.. ولا من يحرك ساكنا إلا بعض الدردشات على مواقع التواصل الاجتماعي..
ريم حين تكون على موعد للحديث مع علي تنسى الفيروسات وتنسى التاريخ والجغرافيا فتكون معه بزمن واحد على موقع واحد بالخريطة.. لا يتحدثان إلا شعرا وأدبا وذكريات ونصائح... كل شيء جميل كان بينهما لا يشوبه ألم ولا ملل.. لا عتاب ولا لوم.. كانت الضحكات تصدح في رسائلهما..
كتب لها شعرا ذات مرة وكانت سعيدة به، لكنها لم تتمكن من حفظه، كانت تظن أنها تستطيع حفظه بالرسالة لكنه ضاع منها.. كتب لها شعرا ينطق بحروف اسمها الثلاثة أولا وأخيرا ويهمس ريمي ويغني للريم والغزال والظبي...
لم تدر كيف ذات مرة وقد أرسل لها رسالة يصف فيها كيف رآها بحلمه لثاني أو ثالث أو ربما خامس مرة، وكأنها مغيبة عن الكلمات التي رسم بها جسدها، فلم تظهر غضبا ولا اشمئزازا كأن على عينيها ضباب منعها من رؤية الجمل تلك التي بدأت تتحول شعرا لولا كلمة : " أحبك" التي نطقتها وهي ترسم أحرفها بالأزرار مغيبة عن كل ما يحيطها تراه أمامها وهي بالواقع لو رأته ما عرفته..
يسألها باستغراب غير مصدق لما قرأ.. أأخطأت الإرسال؟ أكانت تريد أن ترسلها لغيري فوصلتني؟ أكانت تريد أن تكتب شيئا آخر فحوله الهاتف كالمصحح للخطإ إلى أحبك؟
تساؤلات راودته سريعا لم يسمح لها أن تأخذ من وقته ليتأكد من قولها:
_ ريم!
كأنه يناديها ليتأكد من أنها ما تزال موجودة معه، بجواره.. ليتأكد من أن أحبك كانت له.. ماذا سيقول لها الآن؟ ترد هي:
_ نعم وتصمت في خجل كأنها بدأت تعود لوعيها، أو ربما ما تزال في هلوستها وغيبوبتها..
_تحبينني أنا؟
ويعود بعض الحياء، وتحس أنها لو قاست حرارتها لوجدتها فوق السبعين .. فتقول والدمع منحبس بجفنيها:
نعم
وماذا كنت ريم تودين القول غير " نعم" وأنت كذبت أحاسيسك قبلا فأردت إقناع قلبك أنه مجرد صديق، أنه في عمر والدك أو أصغر بقليل أو ربما أكبر بقليل، أنه إنسان لم تقبلي صداقته إلا لمعرفتك به أديبا مثقفا واعيا وأستاذا يمكن الإفادة من خبراته خاصة وأنك تخوضين في إنهاك نفسك بالعمل بمدرسة خضدصوصية تتعبك لتعودي إلى الأشغال الشاقة ببيتك فتجدين في " علي" الصديق المسلي والمؤنس الذي يساعدك حتى وأنت في المطبخ بوناسته، فالإذاعات بالراديو التي كنت شغوفة بها قبل زمن لم تعد كما كانت.. أصبحت برامجها كئيبة ومملة.. وأصبحت مطلقا لا تشغلين تلك الآلة.. فكان علي هو كل ضحكتك حين يكون صغيرك بالمدرسة او نائما أو منشغلا بألعابه أو أوراقه وكتيباته..

بقيتما على حالكما، تتبادلان الكلمات الحلوة الجميلة حول حبكما، كنتما معا روحا واحدة تطير في المكان والزمان متعانقة مع ذاتها، وجسدين متباعدين يتعانقان في صور الخيال.. صار علي يطلب منك في كل مرة بإلحاح أن يرى صورة لك لأن الصورة الوحيدة على الفايسبوك كنت تبدين بها أصغر سنا، وفعلا كان قد مر عليها ما يناهز نصف عمرك، ومع ذلك تغزل بشفتيك اللتين بدتا له كوردة قرمزية، كنبع سلسبيل، ككرز حلو متفتح؛ لكنه كان يقطر الكلام عليك عسلا بكل تواصل كي يخبرك كل مرة بولعه بشفتيك اللتين كانتا أول ما أثار انتباهه، فعرفك ببسمة منهما مؤكدا لقلبه أنه من المستحيل ألا تكوني ريم التي هزته بكلماتها التي لابد أنها تداعب شفتيها هاتين وهي تكتبها، وأما العينين فنظرتهما كما قال لك علي؛ لص سرق قلبه فأجبره أن يتأمل الملامح كلها؛ وألا يبعد نظره عن صورتك التي احتفظ بها في مكتب حاسوبه...
بعد إلحاح منه في أن يرى صورة حديثة لك وقد كنت مترددة إذ تفكرين في عواقب ذلك، أقنعك الحب بأن مثله؛ رجل؛ أب؛ أستاذ التربية الإسلامية؛ حاج؛ وحبيب ومحب لا يمكن أبدا أن يؤذيك، فأرسلت له صورتك تحملين ابنك بين يديك، لكنه طلب صورة لحظية آنية لك وحدك، ثم ترددت أيضا لترسليها أخيرا، بعد أن أخذت بنفسك صورة لك..
يسعد علي بالصور فيكتب شعرا، وخواطر، ويرسم كلمات ملونة ومزخرفة، ثم يحس من جديد أن الصور وحدها لا تكفي، فيطلب رؤية ريم مباشرة عبر اتصال خاص وتفعل.. فتراه هي لأول مرة، ويراها هو وابتسامته تطير في الهواء إليها، يتبادلان النظرات والابتسامات، يشعر هو أن ابتسامته هكذا وهي تنظر إليه بعينيها مباشرة تداعبه، تلامسه، وتحفر شغاف قلبه، يقول لها: أنت أميرتي وملكة حبي ، أنت سلطانة قلبي وأنت.... وأنت .... وأنت... يشبهها بقطرة الندى فتذكرها بأغنية سمعت بعضا من كلماتها مرة وحفظت لازمتها، فأخبرته بها، وعرفها، فبحث عن رابطها مباشرة وأرسله لها.
https://youtu.be/zP4ny3VnEwA
حدث أن تأخرت عنه مرة بالحديث ليلا، وانتظرها صباحا أيضا لكنها لم تكلمه إلا مساء، أخبرته أنها تشاجرت مع زوجها لذلك لم تستطع أن تتواصل معه، خشي أن يكون هو سبب ذلك فأكدت له أنه بعيد عن الأمر ولا علاقة له به، فهي مهما كان تزوجت لتكون ربة بيت، وعزمت على أن تحافظ على هذا البيت، كان زوجها قد ضجر من بعض ما يجمعهما من حياة وكانت هي مكرهة لا تستطيع أن تمنحه كل ما يريد ما دام لم يتمكن من أن ينال قلبها، ما تقدمه من واجب له دائما كانت تعتبره مفروضا عليها باعتبارها زوجا وعليها أن تتحمل مسؤولية توقيعها على ورقة عقد الزواج، بدأ علي ينصحها حينها كأنه أب لا حبيب، ينصحها في كيفية التعامل معه وتليين الوضع بينهما، أخبرته أنه خرج من البيت منذ الصباح رغم الحجر الصحي ولم يعر اتصالاتها اهتماما، لكنها أرسلت له رسائل تحثه فيها على العودة إلى بيته.
المشكل هو أن ريم وجهت له كتلة من الرسائل وقد ركبها الغضب خاصة وأنها لم تواجهه إلا بالصمت حين كان يصرخ هو بكل أرجاء البيت ويرمي بويلاته أمام الصغير، واستطاعت ريم أن تتغلب على دمعاتها هذه المرة، لكنها انسابت مباشرة بعد خروجه، فأخذت هاتفها ترسل له لوما وعتابا، تعلن له إخفاقها في محاولة حبه منذ سنين مع أنه كان يعرف أنها لم تتزوجه عن حب، وحتى بعد الزواج كثيرا ما رددت له عبارة : " أنا لا أحبك" وسكتت عنها بعد زمن رغم أنها لم تحس بعكسها احتراما لحبه هو لها، فلماذا لم تستطع حبه؟ لم تتمكن من ذلك... حاولت، لكن الحب لا يفرض ولا يُعَلَّم أو يلقن أو يتم التدريب عليه، الحب يفاجئ، الحب يباغت، الحب يأتي هكذا؛ ينزل من لا مكان فيحط كنحلة تلسع وردة القلب...
ولم يا ريم أحببت علي؟ وتشبثت بحبه حتى بعدما أخبرك فيما بعد عن تجاربه التي لا تعد في الحب، وتجاربه التي لا تحصى في ممارسة الحب، بل أحيانا كان يرسم لك تفاصيل علاقاته وكنت تقرئينها في صمت.. يا ريم ما الذي دهاك؟ كنت تأملين الزواج بشخص يقارب سنك ولم يحب غيرك، ولم تكن له تجارب سابقة فتحقق مرادك لكنك يا ريم ... لم تحبي هذا الإنسان الذي انتظرته.
أحيانا كانت ريم تتساءل ما الذنب الذي اقترفته بحياتها حتى وجدت نفسها تعيش على هذه الحال، وهي التي كانت دائما تسعى لطاعة ربها حتى إن كل أهلها كانوا يتخذونها قدوة منذ صغر سنها في أمور عديدة، و الأكثر من ذلك أنهم إن أرادوا أن يتحقق لهم شيء ما لا ينسوا أن يطلبوا من ريم الدعاء لهم كأنها ولي من أولياء الله، حتى أصدقاؤها، بل كل من عرفها كانت تلك نظرتهم إليها، ترى كيف سيرونها الآن بعد هذه الخيانة؟ تتساءل أكانت مساعدتها لبعض صديقاتها قبل زمن وقد التجأن إليها وهن يعرفن أنها البعيدة عن العلاقات مع الجنس الآخر كي تساعدهن في التخلص من هذا أو ذاك؛ يبحن لها بأسرارهن، ويرسلن لها رسائل هذا أو ذاك لتبعث لهن بالرد المناسب الذي يمكن أن يجعلهن يتخلصن منهم، أو قد تقف وجها لوجه مهددة أحدهم وقد سبب لصديقتها أذى ما، ودون أن تسمع منه شيئا يكون هو قد اكتفى بالاعتذار لريم معلنا احترامه لها، ترى أيمكن أن يكون أحدهم أو بعضهم أو كلهم دعا عليك يا ريم؟؟؟
تذكرين يا ريم حين أخبرت علي بأنك صرت تؤدين فريضة الصلاة وأنت خجلى من الإله رغم أنك بفضل علي أصبحت تصلين جل الصلوات بوقتها دون تأخير اقتداء بحبيبك...؟
تذكرين حين قلت له إنك ما عدت تستطيعين رفع كفيك للدعاء، لأنك ما عدت تعرفين كيف يمكنك الدعاء وأنت نفسك ترين ذاتك قد اقترفت ذنبا؟ أصبحت غدارة.. خائنة.. منافقة...
تذكرين ماذا قال لك حينها؟ قال لك:
" قولي: اللهم اجمعني بحبيبي"
كان الوقت ليلا حينها، ظللت تنظرين إلى العبارة وأنت تفكرين في علاقتك بزوجك... علاقتك بعلي .. علاقتك بالله.
ثم قلت لعلي:
" تصبح على خير"
وكان علي يتحدث مع ريم ذات مرة عن حبه لها، وكيف يتمنى أن يأخذها من يدها ويجرها لتعيش معه حيث يحب أن يكون دائما، فابتسمت وبنفسها نفس الأمنية لكنها سألته:
_ بصفتي ماذا؟
_ ما ملكت يميني
_ شكرا
أغلقت الميسانجر في غضب، وفي الغد قررا معا أن ينفصلا بطلب منها بعد عبارته تلك، فودعا بعضهما والدموع تجري على خديها تتمنى أن يعتذر لها، فاعتذر، وقال إنه لم يقصد الإساءة إليها، كان الأمر مجرد مزاح..، ومع ذلك لم تقبل اعتذاره حينها، تمنت ألا يوافق على طلبها في الوداع، لكنه بكل بساطة رد عليها:
_ كما تشائين، لن أخالفك، لكن أرجوك دعينا نودع بعضنا دون لوم أو دموع
ياه. كم كان دمه باردا جدا
ودعا بعضهما زوالا، وفي الليل، أرسل لها
https://youtu.be/dN6W1mZVNl4
مع صور لورود جورية، ورغم ذلك لم تجبه إلا في الغد عندما أرسل لها الجوري مع كلمات له كأن نزار قباني من نظمها، فعادت إليه مسرعة كأن لا شيء حدث بينهما أبدا
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس