 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد |
 |
|
|
|
|
|
|
اتخذت قرارها صباحا بأن تفتح ما سدته قبلا دون أن تبعث له كلمة، مجرد فتح أبواب هي أبواب شوق وأمل، وكعادتها إذ تشتاق إليه، تأخذ أقرب صورة له تبدو لها متجلية على صفحة من صفحات الآلة ، وتقبلها بحب وشوق، تداعب ملامح وجهه فيها، تغني له وتراقصه، تجلس إلى جانبه، تجعله يرافقها حيثما كانت ...
في الغد وصلتها رسالته تلك، رسالته التي لم تفهم لماذا بعث بكلماتها هكذا وهو المعتاد عند كل عودة أن يعود بورد فيكون العود أحمد، أرسلت إليه مستغربة: _مرحبا
_إن كان لديك أي سؤال فمرحبا، مستعد للإجابة
_ ولماذا سيكون لدي هذا السؤال؟ ماذا تقصد؟
_ وصلتني رسالة لم أعرف مصدرها ولأني محوت رقمك الهاتفي ، فكرت أن تكون الرسالة لك.
_ ليست لي.. إن كان من أجل هذا أرسلت كلماتك فإلى اللقاء
_ انتظري ريم، أنا فقط أردت التأكد ...
_ ابعث لصاحب الرقم يخبرك بمن يكون .. إلى اللقاء
_ ريم .. آسف، أنا نظمت قصيدة ونشرتها بالصفحة فوصلتني مباشرة الرسالة تسأل لمن أوجه كلماتي.. كنت فقط أريد أن أقول إنها موجهة لحبيبتي، موجهة لك ريمي..
_ شكرا.. لكن ليس بهذه الطريقة
_ لكني فعلا لم أعرف صاحب الرسالة وفكرت فيك مباشرة ما دامت قصيدتي إليك
_ الذنب ذنبك أنت محوت رقمي
_ ما دمت لست أنت فقد تكون سلمى التي تقطن بفرنسا
_ ورقم الهاتف ؛ يبدو عليه من خارج المغرب؟
_ كيف؟
شرحت له كيف، وماذا تقصد برقم المغرب وغيره، فتبين له أنها ليست من سلمى، فقالت ريم:
_إذن لعلها من فدوى..
_ فدوى لا تفعل ذلك، ليس ذاك من تصرفاتها .. أنا واثق
_ حسنا، تأكدت من أن الرسالة ليست مني، اسمح لي بالانصراف، إلى اللقاء، لكن جميل أن تكون واثقا من تصرفات فدوى وتشك في أمري وفعلي.. مع السلامة..
استشاطت غضبا من عدم ثقته بها، تلتفت يمنة فتجد فيلما يتردد فيه اسم " علي" ، يقلب زوجها القنوات فتسمع بإشهار اسم " علي" تحب سماع أغنية فتجد أن شخصا اسمه "علي" يغنيها ، تحمل بيده رواية، لقراءتها فيكون بطلها اسمه " علي" تطل من شرفة بيتها فتسمع الأطفال ينادون على صديقهم " علي" تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكر عليا بن أبي طالب رضي الله عنه، تبحث عن قلبها فتجده قد غادرها إلى علي..
ما بال علي هذا لا يغادر قلبها حتى في لحظات الغضب، بل أصبح لا يغادر سمعها أيضا، ونظرها كذلك، فها هي تفتح صفحتها الفايسبوكية لتجد للمرة الألف دعوات صداقة باسم علي وهي تكتفي بعليها الواحد ..
أخيرا ها هي ذي الورود تتطاير في سماء الميسانجر والفايسبوك معبرة عن حب واعتذار العزيز الغالي علي حامد الذي طالما دعت الله أن يعلي قدره و أن يجعله من حامديه..
وها هو قلبها يلين له وتعود إليه طائرة ناسية حقدها عليه، ومن قال إنها كانت حاقدة عليه؟
ومن جديد يبعث لها بأحلى الكلمات والأغنيات ويقول لها ما قال درويش:
خذي القصيدة إن أردت
فليس لي فيها سواك
ويرسل لها:
https://youtu.be/plOT6AdYWAU
https://youtu.be/9gnmVXa0lvA
ثم يعدها ألا ينساها أبدا وأن يظل حافظا لحبها، متشبثا به؛ لكن سرعان ما يعود نفس النقاش؛ تسأله لماذا لا يتحدثون ويخوضون في كلام آخر كما كانوا من قبل مبتعدين عن الحديث عن الجسد، فيتوسل لها بأن تسمح لها برؤية جسدها ولا حتى وصفه، فيتعلل بأن شوقه لها ورغبته فيها تنهكه وتتعب جسده ويقرر من جديد تجنب الحديث لأيام معها، تمل هي من هذا الوضع وتضجر ومع ذلك لا تجد إلا قلبها بعيدا عنها قريبا منه، أو صار ملكا له.. تريد أن تنس كل شيء، تتمنى لو كان بإمكانها أن تبتعد عن العالم كله شرط أن يكون صغيرها معها، أن تأخذ نفسها للعالم الآخر لكنها تخاف من دمعات أمها وحزن كبدها، ومن أن تترك ابنها دونها..
لكنها أحست بأنها تريد أن تنام مدة أطول خاصة مع الآلام التي كانت تشعر بها إثر كل انفعال وكل لحظة غضب، فما إن تتخلص من علي حتى تجد عويل عبد الرحيم الذي لا ينفد، لجأت إلى سريرها، وأخذت علبة من علب الدواء أخذت منها أربع كبسولات مرة واحدة، كانت تأمل أن يسكنها ألم أقوى تنسى به آلام قلبها البعيد و آلام ضميرها الذي تظل تردد له:
ويصحو الضمير من غفلة
ينادي القلب فما من صدى
يقول: أفق قد حان الموعد
ويرد القلب بثقة: أنا لا أذنب
كذلك كنت أنا أقول؛
لست خائنة بل قلبي من خانني
وكل منا أنا وقلبي يرمي بالتهمة للآخر
ما شاورنيش أنا قلبي ما شاورنيش
قبل ما يعشق لو كان شاورني ما نبغيش أنا مانبغيش
المخبي فالقلب ها انا كابرت و قلتو
اصفا من صافي والله شاهد ما ازورتو
شكون اسمعني وفهمني أو اداها فيا
وانا حبي يا ناس واضح وباين
وضوح الشمس فنهار جميل واضح وباين
ارحمني يا رب ارحمني
|
|
 |
|
 |
|
أخذت الكبسولات الأربعة ولم تنم عيناها سريعا رغم ما أحسته من وجع، أخذت تقرأ فيما يسببه من أضرار هذا الدواء علها تجد أنه يسبب كثرة النوم، لكنها وجدت أنه يسبب آلاما حادة بالمعدة وذاك ما حصل لها ليومين متتاليين وليلتين، مع أنها لم تأخذ حبة أخرى بعد ذلك طوال فترة ذاك الألم، وها هو بعد يوم أو أيام ينشر بالصفحة:
ارحلي فإني ما عدت أتحمل
لا تقتربي، فقربك مني يُمل
وجع حبك.. ألم حبك
وبسمة شفتيك سيف يقتلني
فلا تبتسمين أمامي
نظرة عينيك تذبحني وتحييني
ثم حيا تحت التراب تدفنني
ارحلي عني فالعذاب ثقيل
ترى الكلمات وتقلق.. يشتد ألمها، تزيد ثورتها، تتمالك غيظها وتصبر على ما بها قد ألم، وترد بكلمات هادئة ثائرة على كلماته دون أن تضع علامة الإعجاب كعادتها، وما إن تفعل حتى تقرأ له كلمات أخرى:
عودي إلي يا عودي
يا عود ورودي
يا ريمي
كوني هنا وبقلبي ظلي
عودي فإني بحبك أهتدي
أنت حري وبردي
فكيف ببعدك يطيب وجدي
حبك رشدي ونشيدي
فلا تبخلي عني بفرحة الوجود
ثم يبدأ استرسال الأغاني تترى واحدة تلو أخرى
https://youtu.be/SuOKAssXZm0
https://youtu.be/YuC3qemdcDA
https://youtu.be/yLrr5xlomRI
تضحك هي وكلما سمعت أغنية تزيد ضحكتها وتتخيله بصوته أو بصوتهما معا، سريعا هذا الشقي يضحكها ويزيل كآبتها مع أنها أصبحت في كل مرة تقول إنها لن تعود بعودته، وإن عادت لن تبكي رحيله خاصة في المرة الأخيرة التي أكدت له فيها أنها تحبه رغم التمزقات والجراحات التي سببها لقلبها ولم تنفع فيها ضمادات ولا أي دواء، لأن قلبها ليس بيدها ولا تملكه، ولكنها ما تزال غاضبة منه بشدة، مع ذلك ترتمي بأحضانه كلما رجع ...
وما رجع هذه المرة إلا ليخبرها أن حبها تملك منه، وأنها لا تحس بوجعه ورغبته فيها علها تضعف وتفضح المكنونات المستورات ولما لم تفعل بعث لها رسالة:
_ يا ريم اعذريني إن قلت لك هذه آخر رسالة أبعثها إليك، وقد ترددت كثيرا في هذا الفعل إذ لم يكن قلبي يطاوعني على فراقك، لكني فكرت مليا ورأيت أنه من الواجب أن أبتعد، فقد تعبت وتعبت نفسي، تعبت من وجعي الذي لا ينتهي كلما اشتدت رغبتي فيك، تعبت وأنا في كل مرة....
تغالب دموعها، فهي الآن لا تجلس وحدها، هي مع أهل زوجها، تخونهم جميعا وهي تقرأ رسالة عليها تبكيه برئتيها اللتين تتنفس بهما وبالمكان الخالي للقلب الذي هجرها، تحاول إكمال الرسالة، وهي تقول في نفسها: وطاوعك قلبك الآن؟ تصل إلى قوله: أنت في نظري ريم التي أحترمها أما ومدرسة. تتأمل عبارته هذه وتقول في نفسها: شكرا لك.. أما؟ ومدرسة؟ لست أهلا لهما معا، فمثلي لا يستحق شيئا جميلا من هذه الحياة..
تقرأ طلبه الأخير أيضا...
لا تستغربي يا ريم.. لا تستغربي، وكفاك ما بكيت بكل ما فيك..
فكري فيم سيؤول إليه وضعك، قلبك رحل إليه، لكنه حين أراد أن يرميه رميه في الصحراء البعيدة ولم يكلف نفسه عناء إرجاعه، كذاك كان جزاء قلب خائن، يستحق ذلك، وتستحقين أن يرمى قلبك في الصحراء لتعصف به الرياح وتبعده أكثر..
ودائما منذ مدة وأنت تفكرين في حل يبعد عنك الإحساس بالذنب، و.....