رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
تضاءلت أحزاننا القاهرة ، وأدمعنا الحارقة بمرور الزمان إلى أطياف شفافة من الحزن ، رقيقة من الشجن ، حنين يتمدد بطول المدى ، يخترق حجب الحياة ، ليصل حيث ما وراءها ، وكنا قد لامسنا سماء الوجع ، وسحابات الأسى تمطرنا ، مرت الأيام ، ومرت السنوات ، ومر العمر فكان الحزن يدنو ويدنو من حيث نما ، ويجف المطر ! تاركا رذاذات رحمة تغسل العيون عند رحيل المواسم وإيابها ، تذكرنا بالذي لم ننسه ، تذكرنا أن لنا في المواسم أحبة كنا قد مررنا بهم ومروا ..
اليوم أعود وقد تبدد القهر إلى قناعة ، وتفككت عقد الأحزان ، إلى أحلام تراود العيون عن التمني والرجاء ، فتريني إياك صورا !! ما زالت هناك لم تأتي ، وأراك فيها جذعا وأراك لي وتدا .. فاضت حكاياي من جعبتي إليك ملأتها أو ملئتها لي الحياة ، وكادت تنسكب ! ولا أودها تنسكب في كؤس الغرباء ، ما عادت في الحياة كؤوسا تؤمن ، وما عادت كؤوسا من الأساس ، كل الكؤوس ملئى بما فيها ، مترعة بالحكايا حد الإنسكاب أيضا !! لكن العزاء في أيام ستمضي سريعا ، ولا يبقى من بعد سوى اللقاء ..
أذكر بابتسامة .. أذكر .. فقد تبدلت الدموع في الذكرى ، كان الفطور الأخير في بيتي ، وكنت هناك تجلس معنا بهيبة وجمال ، وكأننا في واحة أمان وطمأنينة أحاطتنا ،ةوقد غلق علينا أبوابها صدرك وذراعيك ، أذكر لون ردائك وابتسامتك ، ونبرات صوتك .. كل الكلمات التي تلفظت بها في تلك الليلة ، من حدثت ، ومن كان منه الرد عليك ، أذكر حين حدثتني وطلبت مني أن أعد لك فنجانا من القهوة ، وعلى عجل قدمته لك !! وقلت لي : أكنت قد جهزته من قبل !!! وافترشت الأرض أمام شرفتي لتتنسم هواؤها العليل ، وإلى جانبك أنا أمارس إزعاجك ، بالطبع لم أقصده ، ولكني أحببت الحديث إليك ، وأنت تجيبني مغمض العين واضعا كفيك على صدرك منطرحا على وسادتي ، وجهك في مقابل بيت القمر جاري الذي كثيرا ما يستقر فيه ، مطلا علي قبل أن ينوي عني الرحيل ، أو أنه يرحل منه متثاقلا كالذي لا يريد أن يتركني ، وقد زرت شرفتي لأجله ، الشرق دائما كان وجهتي ، تركت الجميع يتداولون الحديث في صالة الضيوف ، واستعذبت الجلوس إلي جانبك وحدي ، كنت أعلم في تلك اللحظات أنني أقضي معك أخرها ، كنت أحدث نفسي بذلك ، لم ؟ لا أدري .. ترى أ لو كنت قد حدثت نفسي بغير ذلك لاختلف الأمر ؟؟ هل استعجلت لمجيء الحزن أنا ؟ هل ذكرت الوداع أننا على موعد ؟؟ لا أدري ! لكنها الذكرى دائما في حضور ، دائما تملل علي ما أراه رأي العين وأسمعه !! وأستسلم ، لأكتب .. صدقني أنا لست حزينة الآن ، بل إنني والذكرى دائما نلتقي ، ولأنني محصت الألم واختيرت الحزن ولم أجد حزنا يضاهي حزني لفقدك ، ولتركي في هذي الحياة .. فاضت الحكايا ، وأريد الإفراغ إليك ، لكي ترتاح نفسي وتطمئن ...ولأنك معي لا تخف أنا لست حزينة ..
|