مع جلال كلام الله عشت زمناً خاشعاً، زادي الدمع، وخفق قلبي عالي تمام الوجد والتوق وبَرَد اليقين وعالي فضاءات السمو..
ومع تدبر معانيه أكثر وأكثر، وجدتني أتابع إحكام ترابط مباديه، ودقة تالفها، وإعجاز سبكها وإبهارها المعجز.. فكان كتابي (مقاصد سور القرآن الكريم) من سورة الفاتحة حتى سورة الناس في (560) صفحة. ونشره في بيروت المكتب الإسلامي سنة 2021 م.
ومن فصل (سورة الفاتحة) كان هذا الكلام:
● تتميز سورة الفاتحة بسمو بلاغتها التي تنبع من دقة كلماتها وغزارة معانيها؛ بتضمنها نوعي الدعاء، وهما: دعاء الثناء، ودعاء الطلب.
فآياتها كلها دعاء وثناء على الله تعالى بأعظم العبارات؛ فتتحقق في قراءاتها المناجاة بين العبد وربه.
وبها أفضل الدعاء، بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم.
كما تشمل على آداب الدعاء: بالحمد أولاً، ثم الثناء، ثم التمجيد، فإفراد العبودية لله، والاستعانة به دون سواه.
كما أنها تشبه ديباجة الخطبة: لتضمنها مقاصد القرآن، وكليات العقيدة، وكليات التصور الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجيهات. فمعاني القرآن كلها ترجع إلى ما تضمنته، وآياتها تُأصّل المعاني التي يهدف القرآن إلى تقريرها في النفوس.
وهذا كله من عظيم بلاغتها؛ وإشارة إلى حكمة البدء بها في كتاب الله؛ واختيارها للتكرار في كل ركعة؛ ووجوب قراءتها في الصلوات؛ وبطلان كل صلاة لا تُقرأ فيها.