ومن الأردن، كتب إليَّ الدكتور محمد راتب زنداقي، جامع الطبابة وعوالم الأدب، ورقة عالي مرهف الأحاسيس.. والذي، أسميته، ذات يوم، دون مجاملة: المكتبة المتنقلة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الدكتور منذر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على اطلاعي على كتابك « حديث مسقط »، وتكريمي بتلطفك وسؤالك عن رأيي فيه. مع العلم أنني لست من أهل الاختصاص في المجالات التي بحثها الكتاب. وبالتأكيد فإنك قد حصلت على رأي هؤلاء. ولكنني سأسعد بكتابة انطباعاتي وملاحظاتي كقارئ عادي.
بالمجمل، فإن موضوعات رسائل الكتاب الثلاث، تشكل موضوعات منفصلة تمَّ بحث كل منها بشكل مستقل. ومع ذلك فالموضوعات الثلاث على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للبناء الفكري والحياتي للمسلم. ولذلك سأتحدث عنها بشكل موجز:
«رسالة الناسخ والمنسوخ»، ألقت الضوء بشكل جيد على اختلاف مفهوم النسخ قديماً وحديثاً، واختلاف العلماء الأقدمين، والمذاهب الفكرية حول هذا الموضوع، واختلاف تعداد الآيات المنسوخة والناسخة حسب المؤلفين ـ من عدد قليل، إلى ما يفوق مائتان وخمسون آيةـ، واتفاق العلماء بمجملهم على آية واحدة فقط.
والتحقيق الذي أوردته في بعض أحاديث النسخ، ما يؤكد أهمية الموضوع الذي أوردت فيه أسماء 35 كتاباً حوله. وربما أنك كمؤلف فضلت ألاَّ تضع ترجيحاً، أو تورد رأياً حول ذلك.
و«رسالة القضاء والقدر»، هي تلخيص جيد لمجمل النشاطات الفكرية الإسلامية الكلاسيكية التراثية حول هذا الموضوع. لكن دون ترجيح، أو رأي شخصي، أو طرق لآراء المسلمين المعاصرين.
أما موضوع الإسناد، ومنقولات الأخبار، وميزان النقد، والحديث عن الوحي والحديث الشريف، وتأريخ الأحداث، والمعجزات، والغنوصية، والصوفية، ومبررات إرسال الأنبياء، ومدارس المعرفة، وموضوع العقل والنقل. فقد كان أكبر فصول الكتاب، وذو موضوعات متشعبة وخلافية. ومن إيجابياته الهوامش المفصلة لبعض التعابير. كذلك كان موضوع المعجزة اللغوية والشعر وغير ذلك.
ويلاحظ أنك اعتمدت الهجرة كنقطة تأريخ. فأضفت التأريخ ما قبل وما بعد الهجري إلى جانب التأريخ الميلادي. ومع أنها شئ جميل، إلاَّ أنها تضيف عبئاً على القارئ ما يلبث بعده أن يتجاهلها. فأنت تعلم أنه من الناحية العملية فإن التأريخ الهجري قليل من يأخذ به في عصرنا.
وهناك طبعاً نقاط اختلاف بالرأي بيننا في موضوعات متعددة، ليس هنا مجال بحثها.
جزاك الله الخير، فالكتاب ينبئ عن جهودك، واجتهادك في المراجعة والتنقيب، ودأبك وصبرك على البحث والقراءة. جعله الله في ميزان حسناتك.
أشكرك، وأدعو لك بالخير والفلاح.
ودمتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.