رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني
مر من العمر عمرا ، على ميلاد أحرفنا الحزينة ، ولازلت أسمع صدى لبكاها ، وصراخا لجوعها ، تلقمها الدموع بفاهها شلالا فلا تشبع ، وتظن بمرور الزمان كبرت ؟! أو شبعت ؟! بل كثرت وجاعت للمزيد ، فما بقيت دموع !!
صعبة يا أبي تلك الحياة وغريبة !!
وأغرب ما فيها أن اسمها حياة !!
وهل الحياة أن نفتح في كل صباح عينا ، يتحرك سوادها يمينا ويسارا ، باحثا عن تلك الأيام التي تحسس ذاته أول مرة ؟؟؟!!!
وأدرك أنها وظيفته مادام ينظر ، ومادام يفسر الأشياء من حوله ، ومادام يلتقط الصور ، ويحاكي خياله كل ما يراه مجسدا ، كما كان منه بالسابق قد روئي ! ثم يغلقه يوما في ظل فجأته ، ململما كل ما حصل عليه وما حصل له ، من لوحات حيه يسمعها بأذنيه ، ويشتمها بأنفه ويراها ببصر خياله ويرحل !!
بربك هذي حياة ؟؟!!
إنها موت مؤقت لحين الحياة !!
وأنت حلما راودني فيها ، عن راحل ترك حنانا وعلامة وأثرا ، أفتش عنهما في موتي وأقتفي آثارهما في أطياف صور ، وأفتش في ملامح الزمان وصوته ورائحته المجسدة عنك ، لكي ألقاك لبرهة من اللاوقت ، برهة من اللامكان ، برهة من موتي لأحياها ، وأحاول جاهدة أن تلحق نظراتي كلماتي ، وأحكي لأحكي ، فلا كلمة تريد أن تصعد !!
كل الحروف تختبيء ، في عمق روحي تختبيء !!
في ظلمة حلقي ينتابها شيء من اليكم ،
وتعبر عيناي فهل تفهمني , وتتفهمني ؟؟ وترد لصمتي إجاباته ، وترد لقلبي حكاياته ، وتقسم لي أنك تسمعني ؟؟؟؟ ..
..تعال!
تعال غلّق أبواب الزمان،
وسد عليّ منافذ الذّكرى ،
فإنّني أخاف أن تعصف بي
رياحها وتترك لي غبار الحكايا،
فتختنق روحي بأتربة الغياب..
فأنا أتملّك قلبا يتواثب فيه الحزن
كما الطّفل يلهو في حضن أمّه ،
هكذا قلت لك،
وكان بيني وبينك ..
قاب قوسين أو أدنى من دموع ،
لم أدرك لمن منّا هي..
لمْ يأتِ عشائي الأخير بعدُ..
كم سأبقى خائفة أن تأتيَ السّاعة،
وأنتَ لستَ معي ..وأنتَ لستَ هنا!
واتّفقنا أن نموتَ معًا.. فمتَّ وحدَك!
وأن نمضيَ معًا.. فمضيتَ وحدَك !
وعدتني ..أن نرفعَ ستائرَ الحياة معًا ،
ونطرقَ أبوابَ الحياة معًا ،
ونمشيَ معًا ،ونُزيحَ عثراتِ الطّريق..
ننهضُ حين يلبس البحرُ ثيابَه،
حين تتثاءَب الأشجار،
وتختبئ الشّمس في معاطفها..
وعدتني ..أن نبقى معًا ،
كيف ابتدأتْ قصّتُنا هناك!
وكيف انتهتْ ها هنا!
وكيف اختبأت في ثيابك هكذا..
تاركا إيّاي منهزما ، شاردا،
ملقًى على حدّ الزّجاج..
تعصفُ شظاياه ، فتجرحني..
يُمزَّقُ ثوب يقيني بعودتك،
فيتركَ على جسد أحلامي ندبا!!
لقد كان الموتُ بابَك الأعظمَ للفرار..
وباستضافة حلم زارني خيالك ،
قلتَ لي ما لكِ تبدين امرأة قاسية؟
وكيف لا أبدو كذلك!؟
وآثار عطري ..ودمي.. وخطيئتي،
لازالت بيديك!؟
وكل سبيل قصدته ،
أغلقه الشّوك ..
وملأت الأحجار طريقي عثرة ،
وذلك القلب المتعب..
لمن يشتكي ؟
وكيف لقاض محاكمة ميت ،
غارق بظلمة لحْده!!
وذات أمسية حدّثت نفسي:
كيف أغادر ذاكرتي وأرحل؟
كيف أنبش الضريح..
وأفتّش عن سبب الأكذوبة..
عن خطيئتي ..عن مشهد آثامي؟؟
كيف أُعيدُك وأنت نائم تتوسّد
براءتك ؟
وهدوؤك يشتكيه الهدوء..؟
وأنا أقف ما بين النّور والظّلام
أناديك ..قمْ فكّ القيد ، وأطلقِ الوعد
قمْ فلست النهاية ومن سيكتبها
بيننا ومن سيدوّن فصل الختام؟؟
|