التضبيع
6-
أصوات الموت تؤجج المكان بحدة ، لون جلده الأزرق ، وعيناه الرماديتان ، تلمعان بحكاية لا تأتي شخصياتها إلا في الظلام ، أتدرك ما معنى الظلام الأسود!
في حلكة قاتمة أطل شخص بدين يحمل في يده اليمنى عصا غليظة ، وبين شفتيه يتطاير دخان بلا لون ، يشبه دخان الموت ، تراه وفي نفس الوقت تتمنى لو أنك ما رأيته؟!
صاح بصوت خشن : ألا تريد أن تتابع القصة ، قلت : مجزأ أنا إلى أطراف، ولساني مدغدغ !
انتفض من مكانه كالرعد ، وقد أخرج من جيبه آلة حادة ، تنبهت إليها رغم السواد المخيم في الدهليز الذي أنا فيه ، " ولا أدري لماذا خاطبت نفسي قائلا : هذه الشفرة ستنقذني من هذا الجحيم " ويلي إن سمع ما لم أتفوه بي ؟ فبادرني متابعا " هو جحيم في غرفة غير هاته ، إنها غرفة الهاوية ' جردوه من لسانه وجروه من سلاسله !!
أخذوني إلى غرفة الهاوية ، بعد أن جردوني من ملابسي لا من السلاسل ، بعد أن جردوني من كل المبادئ والقيم التي تشبعت بها منذ صغري ، أصبحت بلا لسان ، أملك ربما هذه الأذن التي أنصت بها ، وأنا الذي لا حول لي ولا قوة ، لكن ما ذنبي إن ناضلت من أجل رفع الفساد في البلاد ؟! ما الجريمة الشنعاء التي ارتكبت وأنا الذي صاح بأعلى صوته في ساحة ' أمام البرلمان ' .. لا للتطبيع،، لا للتضبيع !؟