عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 08 / 2021, 20 : 06 AM   رقم المشاركة : [10]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: تسلل إلى شرفة رشيد الميموني

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد
أسبوعان تقريبا ثم يعود السيد رشيد في الخامس من مارس ، أسبوعان مباشرة بعد توديعه لحبه السابق ، يأتي الآن ليقول لها
أراك قريبة وأنت بعيدة حاضرة بقربي وأنت غائبة .... من شرفتي أراك كما كنت دوما مشاكسة في عناد مشاغبة في مرح
فيتبين لنا أنه ما ودع إلا قولا وأن تلك التي احتلته من قبل وسرت بشرايينه ونبضه هي التي ما يزال يراها كما رآها من قبل بدلالها وعنادها، بقربها من قلبه وإن بعدت بينهما المسافات...
يتلقى ردا هذه المرة ويرد عليه فيأتي بكمات جديدة بعد ذلك مباشرة أي بعد يوم من آخر خاطرة نزلت بالشرفة ليعلن مرة أخرى ميلاد حب ينمو بين الضلوع وهو يرقب الشمس تبزغ بعيني حبيبته، مستعدا لفصل الربيع الزاهي الذي قد اقترب حلوله بعد أيام معدودات ، وبعد تعليقات والانتشاء بالرد على التعليقات، ها هو الآن باليوم نفسه يعود للشرفة فاتحا أبوابها مساء ليتأمل الغروب كما استمتع بلحظة الشروق آملا أن يهطل عليه طيف حبيبته ، مما جعل حرفه متوهجا أكثر، وهو يحس قربها منه . رد وتعليق وإسدال ستائر الشرفة خمسة أيام قبل فتحها في الثاني عشر من مارس ليعانق الحلم وينهل من أنفاس الليل،ويظل حتى يرتشف ندى الفجر،ويسترد طفولته من الأعماق حتى يشتكي ويشاغب ... ويعانق طيف ( الكاف) ليحس أخيرا أنه قد صار هو ( هو العاشق المتيم الوله)ولا يتلقى ردا، ولعل حبيبته كذلك لم يأت منها إلا طيفها أو حتى طيفها قد صار غائبا، وعاد بعد أيام ثلاثة يائسا، متألما قانطا،لكنه هو العنيد قاوم كل ذلك لعل قبسا من طيفها يأتيه، فيبدو شاعرنا متوهجا مشتاقا، بعد أن كان يأمل لقاء حبيبته صار يكتفي بطيفها، والآن يطلب أن يرى قبسا فقط من طيفها حتى يعود له الأمل ويستشعر الحياة بجمالها فتتدفق ينابيع مشاعره وتظهر أحرفه ويظل يصيح مرددا:" أحبك" ، يأتيه أول تعليق على نبضات شرفته بعد يوم فيرد عليه، ثم يتبعه آخر، وعلى مصراعيه يفتح باب الشرفة بعد أيام، لكن الصمت محور الكلمات،والفراغ دائرته، وأفول الشمس وراء الغيم أدلة على حزنه وحيرته، مع ذلك لا يفقد الأمل فيبتسم،ولعل شاعرنا بات بالشرفة وحيدا حتى كتب لنا خاطرته الموالية وهو يحاول كتابة شيء جميل يهديه لحبيبته فلا تعينه الأحرف ولا تسعفه الكلمات، حتى إنه نفسه صار لا يستطيع تمييز خطه، فبدت له الأحرف رسما لصورة حبيبته ليتلاشى الرسم والأحرف وكل شيء من حوله،ويبقى رشيد وحيدا بشرفته، لا أحد استطاع أن يفسر له أحرفه أو يساعده على كتابة أحرف جميلة لمعشوقته ( الطيف) فتمطر السماء بسيل جارف لا ينقطع، يروي الربى والقلوب والنفوس فيخال المطر دمعا لقلبه الذي هده الوجد ونفسه التي أضناها الشوق ....
تعليق واحد ورد عليه ، ثم غياب أسبوع يأتي بعده في الفاتح من أبريل حاملا قيتارته مساء فتتعالى ترنيماته الموسيقية والشعرية حتى السحَر تنادي الفجر فيصحو متثائبا ، ويعلو همس شاعرنا منشدا " أحبك" ، ردود تتوالى بخفة وجمال لنستشعر بعد أيام الحزن في كلمات صاحبنا بل حتى في النقط التي شكلت فراغا أو معاني خفية بين التساؤلات الجلية ، حيث ظل ينادي حبيبته وما رد عليه سوى صمتها، سألها إن كانت بخير، فردت دمعتها ، سألها لم الغضب، لم الأسى، لم لم تلقي اهتماما بعزفه على قيتارته فما كان يجد منها جوابا، حاول أن يشرئب بعنقه ليرى طيفها، لكن يبدو ألا شيء منها قد بدا غير دمعتها ، هنا يعلم رشيد الميموني أن حبيبته شمس لكنها الآن قد أفلت وأن أفولها أبدي ..
أكان هذا الأفول أبدي حقا؟ أتغيب الشمس دون أن تشرق صباحا؟أم أن السيد رشيد يودع بهذه الكلمات حبيبته مرة أخرى؟ ها هي تعليقات على النص وردود تحيي نبضات الشرفة فينظم شاعرنا بيتين شعريين على بحر الكامل يخاطب من خلالهما تلك التي تخاف الورود مدعية أنها قد تحمل لها سما ..وتأتي ردود جديدة خلال الأيام الموالية، ويطل علينا صاحب الشرفة في الرابع عشر من أبريل باسما زاهيا، فهو يرى الآن كل ما يبدو من شرفته جميلا، وينطق عشقا وحبا ، حتى الورد يترنم بهمسات ندية،والقلب يهفو إلى غد مشرق المحيا مشرع الأحضان..
‌وتكثر تعليقات الإعجاب ، وبعد أيام أربعة يبدو لنا رشيد واقفا بشرفته مناديا حبيبته، مستمرا في ندائه لها، فيشكل الأمل المتلاشي، ويرسم الحب كما يحب ويحيي كل ما بدأ يفقد رونقه ليأتيه طيفها مع حمرة الشفق باسما مشرقا كما عهده وأحبه.. أيام تناهز الأسبوعين غيابا ونجده يأتي مقتبسا آيات قرآنية بكلمات شرفته

( يتبع)

يسهر ليله كاملا بالشرفة متأملا السماء فتجعله عظمة الخالق يتدبر في آياته ، كأنه يعيش بقول الله تعالى
*قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ (سورة يونس 101).*
*إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (آل عمران 190).*
* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران 191)*.
*تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (سورة الفرقان 62).*

فيتأمل ويتدبر في الليل والقمر والنجوم والسحر والفجر، وكل هذا يبدو له فيه جلال القرآن الحكيم، كأنه أيضا يردد بتأملاته قول الله سبحانه وتعالى:
* كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29].*

تعليقان وردان على خاطرته الروحية يأتي بعد ليال ثلاث ليتأمل السماء ليلا من جديد فيحتضن البدر بعد أن تتبع نموه وصار له صديقا يلتقي به كل شهر، فيسهر معه حتى السحر ، يبوحان بأسرارهما قبل بزوغ الفجر لحظة الوداع فيستعد صاحبنا للنوم ممنيا نفسه بلقاء جديد..
خمسة أيام بعد تعليق وحيد والرد عليه يجيء السيد رشيد إلى شرفته لينصت إلى حكايا الليل......

( يتبع)
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس