عرض مشاركة واحدة
قديم 15 / 08 / 2021, 49 : 12 AM   رقم المشاركة : [24]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: تسلل إلى شرفة رشيد الميموني

من شرفته امتزجت الطبيعة صوتا وصورة ، لتأتيه الكلمات كأنها طاوس أو عروس متهادية تملأه أملا، باثة روحا جديدة فيه، مستفزة حواسه، ومشاعره، يصبو متلهفا لما يمكن أن يروي ظمأه ويشبع نهمه بعد أن اهتز وربا كل ما بداخله فشعر بالحمى، يتحسس أملا وفرحا، فيجد صوته الخفي يردد ترنيمة، ثم ينتبه إلى أن قيتارته قد أهملها، فيأخذها بحضنه ويبثها شكواه، عازفا على أوتارها نبضات، مغنيا للأمل والفرح والحب، هذه المرة لم نجد صورة،ربما لأن رشيد الميموني صار أحيانا يكتفي بمشاكستين دائمتا الحضور بتعليقاتهما وردودهما ، كتلميذتين بقسمه اعتاد شغبهما وصار عليه محتما أن يتابع خواطره / دروسه بحضورهما ، ويأتي مع أنهما لم يكفا عن اللغو والشغب، ليراقب الظلام من شرفته، وتتلاشى بسمة الفجر ويشرق الصباح، ويأتي رشيد كأنه ابن زياد يصيح" البحر من ورائكم والعدو أمامكم" إلا أن صاحبنا كانت الطبيعة تحيطه بجمالها، فالجبل عن يمينه، والبحر عن يساره، وشرفته في مخاض دائم تلد حبا بكل ركن ، وفيما ما يحيطها أو يملأ جنباتها من حمام وورد،وصوت الموج القادم إليها المرافق لأصوات زُمُج الماء، فيحدث نفسه، ويسائلها أن تجد له معاني للفرح والحب والأمل وللحلم، لكنها تأمره بأن يعيش كل ذلك ليجدها.. ليجد نفسه..، وتظل المشاكستان بالشرفة وصاحبها عنها غائب، فلا تخلو الشرفة من كلماتهما صفحة وأخرى إلى أن تتطفل إحداهما على الشرفة مقتحمة إياها قسرا بكلماتها التي تثبت أنها أحبت الشرفة لكنها لم تعلن ذلك مباشرة إذ جعلت الشرفة هي التي أحبتها واختارتها لاحتلالها، فكونت عصابة مع صديقتها ، معلنة تمردا وعصيانا، لأنها هي الخريف المزهو بألوانه الذهبية وهو ينادي الشتاء حتى يكسو الشرفة ثلجا، ليأتي الربيع فترتمي من الشرفة لكن هذه الأخيرة، أمسكتها ولم تدعها على الأرض، فحمتها من السقوط،وضمتها ، لكنها حاولت التمرد على الشرفة برغبتها في أن ترتمي على الأرض لتشارك المارين حواسهم ومشاعرهم دون أن تتأملهم من الأعالي، فلا تتركها الشرفة، لتبقى (أميرة الشرفة) هذه المرة معلقة بالهواء، تطير كحمامة أو فراشة هي نفسها الوردة التي تحط عليها، فتظل ملازمة للعصافير تغني، والشرفة تشد بتلابيبها، تنظر السعيد إلى أسفل ثم تشرق شمسا وتمطر دموعا تروي بها من تواسيهم، فيتراءى لها الشلال ، وتحط على الجبال روحها، فتضع أخيرا خولة يدها على خدها تتأمل موقعها في الفضاء، لا هي من أهل الشرفة ولا من أصحاب الأرض، ولا من المرتمين للغوص بأعماق البحار مادامت الشرفة أخرجت يديها لتمنعها من ذلك.. فهل فعلت الشرفة هكذا حبا أم خوفا عليها،أم رغبة في حبسها بين جدرانها؟ وكأن بصاحبتنا تغني :
" لولا الملامة يا هوى لولا الملامة
لافرد جناحى عالهوى زي اليمامة
وأطير وارفرف بالفضا
واهرب من الدنيا الفضا
وكفاية عمري اللي انقضى
وانا بخاف الملامة
وآه من الملامة "
ويطل علينا رشيد من جديد بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على كلمات خولة السعيد الأخيرة لعله لاحظ الاحتلال أخيرا، فجاء ليمنح شرفته استقلالها راميا بتلك التي تركت يد الشرفة متعبة بإمساكها رغم استعمارها لها، فيأتي مسائلا الليل الحالم، إن كان ما رآه حقيقة أم أضغاث أحلام، لكن ما الذي يمكن أن يكون قد رآه شاعرنا؟ إنه يرنو إلى الحلم الجميل مبتهلا فيروي قلبه وترتشف عيناه وكل جوارحه وحواسه، من المحيا العذب، فيسري الليل فيه باسما في صمت ، والبدر بالسماء يتجول بالسماء معانقا فرحته ومدللا نشوته، يقربه البدر من الفرح فيثمل وحواسه قد ارتوت، فتمتد يده ليقطف زهرا ووردا فيحس نفسه وقد أرداه عشقا، فتبتسم الحياة على الشفاه، وترتسم البسمة على العيون، فينبض قلبه وروحه وعبر مسامه تسري نشوة ، فتهتف حواسه وجوارحه،
"ما أجملك
ما أعذبك
وتبدأ طقوس العشق
في ليلة الحلم
كي لا تنتهي"
https://youtu.be/_wgPAl4qS1Q



خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس