أنبياء الجرح...(بغداد سايح)
4 ـ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ سِرْنَا عَلَى مَاءِ حُزْنٍ، مَشَيْنَا بِلَا وَطَنٍ نَشْتَهِيهِ، وَفَوْقَ الدُّمُوعِ رَكَضْنَا كَثِيرًا، أَيَصْلِبُنَا الشَّوْقُ فِي أَجْذُعِ الْعِشْقِ؟ هَلْ تَصْطَفِينَا الْحَيَاةُ بِمَائِدَةٍ؟ كَمْ سُؤَالًا يَجُرُّ الْجَوَابَ؟ وَأَسْرَارُنَا فِي سَمَاءٍ دَفِينَهْ!
5 ـ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ فَرَّ ابْنُ حِكْمَتِهِ مِنْ كَلَامٍ، رَأَى الْبَحْرَ صَمْتًا يُنَادِيهِ، لَبَّى النِّدَاءَ فَعَلَّمَ مَوْجَ الظُّنُونِ احْتِرَامَ الْغَرِيقِ، وَعَلَّمَ حُوتَ الْبِدَايَةِ فَنَّ النِّهَايَةِ، عَلَّمَ مَاءَ الْمَوَانِئِ حَرْفَ النَّوَارِسِ، عَلَّمَ بَعْضَ السَّوَاحِلِ قَتْلَ الْقَوَافِلِ بَيْنَ الْبِحَارِ الْحَزِينَهْ!
6 ـ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ مِتْنَا صِغَارًا، قُتِلْنَا مِرَارًا، ذُبِحْنَا نَهَارًا، وَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ فِينَا صَدِيقَ الذُّهُولِ، وَلَمْ يَزَلِ الْعُمْرُ مِنَّا كَثِيرَ الذُّبُولِ، وَلَمْ يَزَلِ الْوَحْيُ عَنَّا بَعِيدَ النُّزُولِ، فَكَمْ نَبَإٍ لَمْ يَجِدْ هُدْهُدًا نَامَ، كَمْ نَمْلَةٍ جَيْشُهَا الْحَقُّ قَامَ، ثَمَّ الْتَفَتْنَا إِلَيْنَا وَمَا مِنْ مَدِينَهْ!