الانترنت وفوضى الكتابة
[align=justify]
دون مقدمات أو حتى لفت نظر للأمر، دخل الانترنت حياتنا الثقافية بكل مجالاتها ليكون مأزقا وخطرا ومنزلقا ، ومشكلا لحالة عجيبة من الفوضى التي حولت الإبداع بين ليلة وضحاها إلى مجرد حالة هلامية لا نعرف أولها من آخرها ..ومثلما تطلع العفاريت من هذا القمقم أو ذاك ، طلع علينا كتـّاب جدد لا يخضعون لأي شيء من الضوابط والقواعد والتحديدات .. والشيء الوحيد الذي يتميزون به – وذكر الميزة هنا سخرية !!– وقاحتهم وقلة أدبهم وتطاولهم على الجميع .. فهم حسب اعتقادهم قد سبقوا كل علماء اللغة والنحو والبلاغة والصياغة وما إلى ذلك!!..بل صاروا المرجع الذي يعود إليه ، أو يفترض أن يعود إليه من يريد قاعدة لغوية ما !!..
طبعا أصحاب المواقع – ولا مجال للتعميم هنا – يعتمدون على بلاهة هؤلاء من أجل زيادة عدد المنتسبين إلى الموقع أو المنتدى حتى تصير مواقعهم من المواقع التي تجلب الإعلان .. ولا ننسى أن بعض هذه المواقع تبيع عناوين أعضائها لمن يطلب ، خاصة أنّ من يشتري العناوين يوصل المادة التي يريد إلى عدد محدد من الزبائن بالنسبة إليه .. وقد صادف كثير منكم بريدا يأتي إليه وفحواه " هنيئا فقد ربحت مائة ألف دولار ..اتصل على العنوان التالي " .. وطبعا سيتصل المسكين على العنوان ليؤكد للشركة دون أن يشعر عنوانه الذي يصبح مثبتا لإرسال كل شيء .. وما أشبه ذلك بالفضائيات التي صارت تجني الملايين إن لم نقل أكثر من اتصالات المحمول ليكون كل شيء مباحا للتلاعب والتجارة !!..
نعود إلى الكتابة وفوضاها المرعبة على شبكة الانترنت التي أوجدت أساسا للفائدة ونشر المعرفة وتوزيع المعلومة ، فصار جزء منها في يد البعض لإظهار مواهب مضحكة في الكتابة ومغازلة الصبايا أو التلاعب بمشاعر الشباب لمجرد التسلية حين يسجل العضو الذكر اسمه على أنه أنثى ويجتمع هو وأصحابه للضحك والعبث والتلاعب بمشاعر الناس .. وفي هذه الحالة تصير الكتابة نكتة لا معنى لها لأنها وقعت ضحية غش لا يعرف كثيرون كيف يتخلصون منه ..
لا احد يقف في وجه الكتابة الجيدة التي تطلب فعلا النصيحة لترقى بمستواها ومستوى صاحبها بصورة مثالية مؤدبة تعرف مقامات الناس والكتاب وتعترف بضرورة أن تسمع وتنفذ وتستفيد لأنها النوعية الجيدة القابلة فعلا للوصول إلى المستويات الأفضل .. فكلنا في البداية والنهاية ومهما كبرنا طلاب علم نتعامل مع الكلمة ، والكلمة شرف وأمانة وبناء وتقدم ورقيّ.. كلما كبرت كلمتنا وارتقت ازددنا علما واستفدنا وأفدنا ..وما أروع أن نكون طلاب علم يهمنا أن نستفيد من النقد حتى تعلو قاماتنا وتكبر .. فالنقد هو الميزان الدقيق الذي لا يستغني عنه إلا الفارغ لأنه فارغ والفارغ لا تستطيع أن تفيده مهما فعلت لأنه مملوء بالهواء ونعرف أنّ مثله يحتاج فقط إلى رأس دبوس كي يذهب دون رجعة !!..
الانترنت نعمة حقيقية فاستفيدوا منها وكونوا غرسا طيبا في أرضها حتى تصلوا إلى مجالات واسعة من الاستفادة والفائدة .. لا تتركوا النرجسية تقتلكم وانتم في أول الطريق ، فالنرجسية مرض خاصة حين تقوم على فراغ ومساحات جرداء .. النرجسي يظن انه مهم ، هذا حقه حين يكون عنده ما هو متميز معترف به من قبل الآخرين ، أما نرجسية الفراغ فهي تبقى نرجسية فراغ ، أي نرجسية مرض وظن ووهم والكثير من الضياع لأن النرجسي يصحو فجأة على صورته في المرآة فلا يكون أمامه إلا أن يكسر المرآة .. استفيدوا من الانترنت وأفيدوا حتى لا يفوت الأوان ويصبح كل شيء خلف ظهورنا ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|