رد: أنا لن أحبك فالطريق مسدود
@@@@@
كانت عزبة الفراعنة تعج بالغرباء الذين لجأوا إليها هروباً من الايجارات المرتفعة بالمدينة وقلة دخولهم وضعف مرتباتهم ، لكن العزبة ما زالت تحمل سمات الريف المصري في التألف بين أفرادها وإن كان أكثر أفرادها غرباء ، فتراهم في الصباح يخرجون أفواجاً وجماعات في الطريق ، لا تفرق بين أحد منهم ، فهذا من القاهرة وهذا من المنيا وهذا من بني سويف وهذا من سوهاج وهذا من أسوان ، ولا تستطيع أن تفرق بين مسلم ومسيحي ، يجمعهم جميعا طريقا وهدفا واحد واضحا ، كان ذلك في أوائل الثمانيات من القرن الماضي ، فترى الناس جميعاً كأنهم على ملة واحدة ودين واحد أو من عائلة واحدة ، حتى تسربت السموم إلى عقول الناس بعد مقتل رئيس الجهمورية الرئيس السادات على يد مجموعة أفراد من جماعة الجهاد والتكفير والهجرة ، وبدأت تصعد على السطح وتعلو على المنابر ناس ما هم بالدين من شئ ، وعلت نبرة التفريق والتقسيم فهذا مسلم سني وهذا مسيحي قبطي ، وهذا كافر ، وهذا مؤمن ،وراح يتفرقون وتصنفت الناس أصنافاً وفئات ، وبالرغم مما قامت به أجهزة الدولة لدرء الفتنة الصاعدة كان هناك من ينفخ أسفل الرماد ليشعل النار ، فقد اعتلى الهياكل بالكنائس واعتلى منابرها مجموعة من القساوسة راحوا يؤلبون الناس ويبثون في أذانهم السموم ، فبات الكثير من المسيحين ينفرون من المسلمين ويحذرونهم ،ولا يمشون معهم ويتجنبون مصاحبتهم ، حتى الأطفال باتت تلقن من أولياء الأمور ويرهبون بعضهم البعض ، لكن سعيد كان ذو ثقافة واسعة واطلاع واسع واعتدال في عقيدته ، فظل كما هو لم يتغير ولم يطرأ عليه تغير ، بات سعيد يرى مالم يكن يره من قبل في الناس ، فكان سعيد من القلة القليلة الذين لم يغيروا من سلوكهم تجاه الأخر أو يهابه أحد من النصارى وليس هو محل شك عند المسلمين ، ولولا هذه القلة القليلة من أمثال سعيد لتفتت النسيج الاجتماعي والترابط المجتمعي الذي استطاع أن يحافظ على الخيط ولا يفلت من يده .....
يتبع
|