25 / 12 / 2008, 48 : 11 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
نافذة على العالم الآخر / الحلقة السادسة ( الزمكان )
[align=CENTER][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/196.gif');border:2px ridge limegreen;"][cell="filter:;"][align=justify]
[align=justify]
مرّ وقتٌ طويل ولم يحدث معي شيءٌ يستحق الكتابة عنه، رؤية أرواح الأموات وحتى مخاطبتها لي كله بات روتينياً.. ربما من شّدة تعبي وإرهاقي وقلة ساعات النوم التي أحصل عليها ، قلّ تركيزي واهتمامي بالأمر حتى باتت كل الأرواح التي ألتقي بها مجرد أرواح هائمة لا تضيف شيئاً له أن يستوقفني لأكتب عنه...
لكن في ذلك اليوم شيء ما قد تغير ..
استيقظت في الصباح الباكر كالعادة على ذلك المنبه الداخلي قبيل أذان الفجر، أخذت حماماً دافئاً سريعاً ثم صليت الصبح.
بدل أن أعود إلى فراشي في هذا الوقت المبكر والظلام مازال مخيماً أو حتى أدخل المطبخ وأصنع لنفسي فنجان قهوة، ارتديت معطفي وخرجت.
شغلت السيارة وانطلقت باتجاه بحيرة فوق إحدى التلال محاذية لغابة أرز صغيرة..
أوقفت السيارة وعلى مقعد صغير مواجه للبحيرة جلست.
استغرقت بعظمة المشهد بين الأشجار الشامخة ومياه البحيرة التي تعكس عليها أنوار البلدية لوناً فضياً بديعاً شعرت معه بضآلة حجمي ووجودي وعمري..
ذرةٌ من رمال أنا..
أيتها الطبيعة الشامخة والبحيرة الصافية المتلألئة.. كم مرّ من أزمنة وعصور وناس سطروا ها هنا أحلامهم وآمالهم؟!!
ما أقصر عمر البشر وما أطول آمالهم.. حنين وشوق وعطش وسراب أحلام!!
نسمة من الهواء تساقط معها سربٌ من أوراق الشجر الأصفر، كلٌ ورقة بدت لي تحتضن أختها في رفقِ وإشفاق.
وسط هذا السكون وعظمة الطبيعة من حولي جاءني الصوت رقيقياً..
- أحب شفافية روحك وتناغمك الفطري مع الطبيعة
* رقيقٌ أنت كالنسيم.. حنون كالمطر.. عطوف كهذه الطبيعة..
صوته ووجهه الذي بدا بشفافية سطح مياه البحيرة وعطش روحي له، فتح مآقي الدموع حتى تسللت على صفحة وجهي وكأنها تقبّل طيفه وتستجدي نفحاته..
- هوني عليك حبيبتي أنتِ، في ذاتك من ذاتي وفي روحك من روحي
* أنت أيها العمر الذي لم أعشه والماء الذي لم أرتشفه وشجرتي التي لم أتفيأ بظلها
.. هل أخذ يدي في يده وأخذني إلى صدره أو أن الشوق تداخل بين الصورة والخيال المشتهى فكان الطيف المشعّ مشبعاً بالتصوير حتى بدا حقيقة ملموسة ومحسوسة ككلّ ما حولي من طبيعة تحتفي بنا وبلقائنا؟؟!!
قطرات ماء بعد عطش طويل.. طويل بطول العمر..
كم كنت أحلم يا أبي أن يحتويني زمانك أو يحتويك زماني ولا أعيش غربة غصنٍ يبتر عن شجرته التي اقتلعت هي الأخرى من أرضها وجذورها، فأكون بين بترين وغربتين ومرارتين..
سرنا حتى دخلنا بين أشجار الغابة الصغيرة لشجر الأرز الصامد الصابر على غزو الثلج الحي في كل الفصول...
هناك وسط أشجار الأرز بعض الأشجار والنباتات العالية التي احمرت بعض أوراقها واصفرّ الباقي تأهباً للسقوط حتى اختفى تماماً اللون الأخضر ، توقف أبي وأشار إلى شيءٍ غريب لم أرَ ما يشبهه من قبل..
شعرت فعلاً بوطء المفاجأة أمام هذا الشيء الهائل الغريب وغير المتوقع حتى انتابتني رعشة شديدة وأنا أردد بصوت ضعيف مذهول: "يا إلهي ما هذا الشيء الغريب؟!"
كان شيئاً هائلاً يبدو كدوائر لامتناهية ضخمة تدور بانحناءات ما بينها تشبه آلة الأكورديون أو مثل دوائر الإعصار وفي داخلها ثقب واسع أو فوهة فارغة وعميقة الأغوار.
بعد أن تمالكت نفسي التفت إلى أبي أسأله:
" ما هذا الشيء الغريب يا أبي، إنه أعجوبة ليس لها مثيل لا شكّ أنه سيحدث ضجّة في العالم أجمع؟!!
أجابني:
" الناس العاديون لا يتمكنون من رؤيته، أنت تشاهدينه من خلال هذا التطور الذي طرأ على حواسك، وهذا الذي ترينه ليس جديداً هنا ولا هو الوحيد، يوجد منه أعداد هائلة في كلّ مكان على سطح الكرة الأرضية وكل الكواكب في الكون."
وأضاف:
" أردت أن أعرفك عليه ليكون هديتي لك وللحقيقة التي تبحثين عنها من أجل تنقيح تاريخ الوطن والتصدي للتزوير والتزييف".
- ما هذا يا أبي وماذا يكون؟؟!
* إنه الزمكان
- اسمٌ غريب لشيء غريب ، وما هو بالضبط ؟!
* الزمكان ( زمان – مكان ) هو السلسال الذي يربط ما بين الأزمنة والأمكنة، المنفذ أو الفتحة التي تبدو على شكل قرص حلوى مفتوحة على زمانك هذا، وهذه الدوائر مدة كل دورة منها مائة عام شمسي، آلة الزمن هذه الجاذبية لها تأثير كبير بدورانها عندما تعمل المادة على التواء الزمان والمكان ، لكي تنحني خطوط الزمان على نفسها إلى الوراء أو الأمام لتشكل حلقات دوران مستمر أعرفها لك بـ ( المنحنى المغلق المشابه للزمن)، يكون الانحناء قويا إلى حد كاف ، ليتخذ شكلا تستطيع خطوط الزمان أن تتكوّن في حلقات دوران مستمر، في هذا الفراغ الذي يشبه قرص حلوى ، يمكن أن ينحني البعد الزمكاني على نفسه مستفيدا من حقول الجاذبية البؤرية لتشكل المنحنى المغلق المشابه للزمن ، ولكي يصبح بالإمكان عودتك إلى الوراء عبر الزمن فإنك سوف تهرولين في سباق دائري داخل حيث يمكنه العودة إلى الوراء عبر الزمن شيئا فشيئا خلال كل حلقة دوران، لو دخلت إليها من الوسط كل دورة قهقرة من اليسار إلى اليمين ستعود بك مائة عام إلى الخلف ومن اليمين إلى اليسار مائة عام إلى المستقبل، واستعمالها يحتاج أن يسبقه تمرين على الدوران السريع وتدريب على تحمل كثافة وثقل الجاذبية والكثير من الجرأة والصمود وحسابات دقيقة جداً، ومع أي خطأ بسيط بحساب المسافة لن تستطيعي العودة إلى زمنك ولا البقاء في زمن آخر لست فيه، فتتوهين داخل نفق الزمكان إلى ما شاء الله، وعليك بشكل خاص حساب الكسور ولهذا أحذرك من الدوران باتجاه المستقبل لأنه مجهول وحساباته دقيقة وصعبة وثقل الجاذبية سيكون فيه أشد، وأنصحك باتباع أكثر من تجربة تبدئين فيها بدورة واحدة كاملة ثم دورتين حتى تتمرسين تماماً وبعدها تبدئين تصويب سفرك عبر الزمن إلى أهداف معينة في الماضي البعيد، أما المكان فسيتضح لك من حولك داخل الزمكان كالخريطة بحيث تستطيعين الخروج إلى أي مكان في العالم.
لم يكن هذا سهلاً ولا يسيراً عليّ وبقيت أياماً وأنا في حالة من الذهول،كل يوم في الصباح الباكر أخرج من البيت وأقف أمام دائرة زمكان جديدة أكتشفها بين الأشجار.
هل أجرؤ ذات يوم يا ترى إلى دخولها وما أدراني إن دخلت فهل سأتمكن من العودة والخروج مجدداً؟؟!!
يـتـبـع
[/align]
[/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|