أعطوهم غزة و أضيفوا لهم مكة إن شاءوا !
في غمرة العدوان الذي تشهده غزة ومع الإرتفاع المهول لعدد الشهداء والتدمير الهائل الذي كان من ضمن ماطاله 13مسجدا، صار حريا بنا أن نتسائل ماهو الحد الأقصى لتنازلات هذه الأمة؟
بعد اجتياح الكويت هبت الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عنها وعن "الشرعية الدولية" وإنتشرت القواعد الأمريكية في بلدان الخليج و غيرها بشكل واسع وسُكِت عن ذلك و لازالت مسكوتا عن هذه الظاهرة رغم خطورتها و تهديدها ورغم المعرفة التامة للسياسة الأمريكية المتسمة بالإحتكار و العنف و العدوانية.
يقول لورنس كورب مساعد وزير الدفاع كاسبار واينبرغر في عهد ريغان بخصوص الوظيفة الفعلية للنفقات السعودية:
"إن ما أتاح السعوديون للولايات المتحدة أن تفعله في هذا الجزء من العالم هو أن تبني بنية تحتية فعلية عبر شرائهم مطارا،ومرافئ حديثة جدا،وعبر شرائهم الكثير من التجهيزات الأمريكية، وذلك نظريا لكي تستخدمها قواتهم التي يفترض بها أن تستخدم النوع نفسه من التسهيلات التي تحتاج إليها قواتنا.
كانت لدينا،إذا،نسخة مطابقة لمطاراتنا ومرافئنا في ذلك الجزء من العالم، يدفع تكا ليفها السعوديون لتستخدمها الولايات المتحدة حين يكون علينا الإنتقال إلى هناك".
هذا كان في عهد ريغان أما في عهد بوش فقد صارت الأمور أكثر علنية ووضوحا لكن الصمت و التناسي ظل مخيما على ما يحدث.
حصار العراق دام طويلا وعانى الشعب العراقي العربي المسلم ذو التاريخ العريق من قلة الغذاء و الدواء ومن تدهور مستوى المعيشة و لم يكن هناك من ينجده ؛ بحجج واهية و بذرائع كُشِف بطلانها كتوفرالعراق على أسلحة كيماوية تم غزو البلد المهيب و عوض تدمير 'أسلحته الكيماوية'الغير الموجودة تم قصف أهاليه بالمواد الكيماوية والأسلحة المحضورة التي تفتك بالإنسان و البيئة وكالعادة لم تغير الملايين من هذه الأمة شيئا رغم ما تملكه من إتساع وتوزع جغرافي و نفط و مال و قوة بشرية.
شنق الرئيس 'صدام حسين'يوم العيد لتنتهك حرمة العيد الإسلامي و لتفقد المناسبة فرحتها و نكهتها و طعمها و قد يكون هناك من بكى و من حزن و من سب أمريكا و أعوانها لكن في نهاية المطاف فقد تم تجرع المرار و انتقلت الحادثة الأليمة إلى أرشيف الخيبات و الصفعات و النكسات كغيرها.
قدسيات و حرمات كثيرة لهذه الأمة انتهكت و ماكان منها إلا موجات غضب تبعت بصمت وباستسلام متناغم مع إيقاع الحياة اليومية الروتيني الهادئ .
الحياة الكريمة التي تتكافئ فيها الفرص و يتساوى فيها المواطنون و يؤمَن فيها المسكن و العلاج و غير ذلك من الأساسيات لا تزال بعيدة عن المنال في عدد كبير من البلدان العربية رغم ما تملكه من مؤهلات لكن حتى التقدم في هذا النطاق يظل محدودا جدا رغم شعارات العالم الحر التي تم تبنيها و كثر تناقلها.
غضب و صمت ، انتقاد ثم مديح و إطراء،لهجات قاسية و لوم واتهام ثم سكون و رضا هذا هو واقع الحال رغم كل مايعيشه الشارع العربي من إلتهاب للمشاعر الآن فإنه لازال مقدورا على إسكاته و تنسيته و توهيمه بأحلام الغد والمستقبل المشرق.
تنازلات جمة قدمت وضربات موجعة تلقتها الهوية و الإنتماء في الصميم وعجزت الجماهير عن تغيير ماأرقها ولو حتى مؤقتا.
غزة التي تدفن أبنائها بالمئات ويسقط صبيتها بين قتيل وجريح شاهدة على الصدع و العجز و على الهوة السحيقة التي يقبع فيها مواطن لا يستطيع التسلق لإغاثة إخوة له وحفظ كرامته والذوذ عن مقدساته.
تخيلوا معي لو قام أحد الخلفاء النبلاء من زمن الأمجاد من قبره و راقب مايحدث، لابد أنه سيهرع إلى قبره مجددا من هول التغيير المزري والحاضر المخزي .
أين سيتوقف عداد التنازلات لاندري طبعا فنحن لا نعلم عدد المؤامرات التي لازالت تحاك و التي سنسقط في شراكها لكن لا يجب أن نتعجب إن نطق أحد بلسان عربي وباسم الدبلوماسية والسياسة و الإستراتيجية وقال :'أعطوهم غزة بعد تنظيفها من التمرد و الإزعاج و أضيفوا لهم مكة إن شاؤوا لنعيش في سلام وطمأنينة!.'
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|