[frame="15 98"]
الحبوب أًصل التغذيةعند الإنسان والاقتصارعلى القمح خطأ علمي
الشعير أحسن من الحبوب الأخرى بالنسبة لتغذية المرضى
كان الإنسان يتغذى أصلاً على الحبوب، والأعشاب واللحوم التي كانت آنذاك كانت طبيعية، وجلها كان من الصيد والسمك، وهي الأنواع التي لا تسبب أي خطر للجسم، والنشاط الاقتصادي هو الذي يبين طبيعة التغذية للمجتمع، والخبز هو أول ما بدأ الإنسان يصنع، والحرث كان يقتصر على الحبوب، ولم تكن الخضر بالأهمية التي وصلت إليها الآن، بل كانت تعد من خشاش الأرض الذي ينبت طبيعيا، وقد جاء في سورة الصافات قوله سبحانه وتعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 145 وأنبثنا عليه شجرة من يقطين 146. وكلمة شجرة جاءت هنا لبيان طول اليقطين، واشتداده لما كان طبيعيا، وقد يبلغ اليقطين أرعين إلى خمسين مترا من الطول حاليا فكم كان يبلغ آنذاك؟ ونفهم من هذا الطرح خاصية عجيبة لا ينتبه لها كثير من الباحثين، وهي موسمية الخضر وكل المنتوجات النباتية الأخرى، وكذلك استهلاك المواد الطبيعية دون أي تدخل، بل كما تنبت في الطبيعية. وهذا الأساس يعتبر مهما جدا بالنسبة للتغذية السليمة، وهي موسمية الخضر والفواكه، ولعل إنتاج الخضر في الدور الزجاجية، لا يوافق ولا يحترم القوانين الطبيعية والنواميس الكونية. ولذلك يصعب على من يعطي نصائح غذائية أن يصيب الهدف، إذا لم يكن دارسا للإيكولوجيا وعلم النبات وعلم الحيوان، وما إلى ذلك من المواد التي تتصل مباشرة مع الأغذية.
ومن الناحية التاريخية الموثقة توثيقا لا يقبل الجدال، فالحبوب هي التي كانت معروفة في التغذية في المجتمعات القديمة، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم، ذلك أن الحبوب عرفت على عهد سيدنا يوسف عليه السلام، والذي كان مستقرا بما يعرف اليوم بمصر، قوله سبحانه وتعالى: فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون، والحديث ولو أن التفاسير تتجه كلها إلى القمح فقد يكون الشعير والقمح والحنطة وكذلك الذرة، لأن الحبوب الثلاثة يمكن أن تصان إذا بقيت في سنابلها، من حيث لا تموت النبتة داخل السنابل. وفي هذه الفترة عرف الخبز كذلك، لأنه جاء في نفس السورة، وفي نفس الفترة التاريخية لقوله تعالى: وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبأنا بتأويله إنا نراك من المحسنين.
ونجد كذلك آيات أخرى تتحدث عن الحبوب لنرجع للقرآن لأن فيه خبر من قبلنا، وقد جاء ذكر الحبوب في سورة البقرة كذلك على عهد سيدنا موسى عليه السلام، وهو عهد متأخر على عهد سيدنا يوسف، وهو قوله سبحانه وتعالى: وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرر يابسات. ولا يمكن بأي حال من الأحول أن نتجاهل كل المعطيات التاريخية، التي تبين أن الحضارات السابقة كانت أقوى وأشد مما نحن عليه الآن، وربما يظن الناس أن هذا التقدم التكنولوجي هو أوج ما وصل إليه الإنسان، ربما يكون ذلك نسبيا فقط، لكن هناك حضارات سادت وبادت، ولا ندري عنها إلا القليل، وهناك بصمات كثيرة وكبيرة، يصعب التصور معها لهذه الحضارة، التي وصلها الإنسان ومنها أهرمات مصر، وإلى حد الآن لا يقدر الإنسان على الشكل الهرمي في البناء، والسد الذي أقامه ذو القرنين، وقد كان فيه القطر أي ملحوم بالحديد، ولا ندري كيف كان يلحم هذا الحديد لكي لا يقدر أحد على نزعه أو تجاوزه، وإرم ذات العماد، التي قال عنها الله سبحانه وتعالى أن ليس هناك مثلها، لقوله تعالى إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وعرش بلقيس، والتابوت وما إلى ذلك من الأشياء التي كانت تثمل حقب تاريخية قديمة جدا، ولم يتبعها تاريخ مكتوب إلا الرسوم التي وجدت في الأهرام. والمؤسف أن الدراسات التاريخية تتناول الكتابات اليونانية، ولا تبحث في هذه الحقب ليستفيد منها البشر، وكل هذه البصمات التاريخية تعكس قوة الإنسان وشدة خلقه، ولا يمكن أن يكون على هذه الحال إلا لما يكون بصحة جيدة، ويتغذى على مواد طبيعية من حيث لا يصاب الجسم بالتسمم. ونستخلص من هذه الأحداث لتاريخية أن الإنسان كان يتحرك ويعمل، ليبقى الجسم بدون زوائد، وكان كذلك يأكل طبيعيا وموسميا، بمعنى كل منتوج في وقته الطبيعي وليس خارج موسمه كما نلاحظ الآن مع الدور الزجاجية.
وترجيح الخضر على الحبوب في الأهمية الغذائية قد يكون خاطئا، ولم يسبق قط أن تطرق الطب الحديث إلى الحبوب إلا مؤخرا، بينما لا يزال كثير من المهتمين بالأمر يرجحون كل الأغذية على الحبوب. ولأول مرة نرجح الحبوب على كل الأغذية. نظرا لما تمتاز به من أهمية غذائية. فالحبوب تحتوي على النشا، وهو سكر مركب يريح الجهاز الهضمي ويمتص السموم المنحذرة من الاستقلابات الداخلية، والحبوب تحتوي كذلك على بروتينات جيدة، وقد تعادل ثلثي البروتينات الموجودة فيا لحليب واللحوم. وتحتوي الحبوب على ألياف خشبية من نوج ممتاز كذلك وبنسبة عالية وتوجد هذه الألياف في النخالة، ولذلك يجب استهلاك الحبوب كليا.
ونلاحظ أن الحبوب طرأ عليها تغيير جيني من أجل المردودية والربح أو الكسب الكبير، والحبوب المستوردة لا تمثل جودة عالية بالمقارنة مع الأنواع المحلية. ولذلك تحفظنا عن الإشاعات حول نبتة القمح التي تطرق إليها كثير من المهتمين بالموضوع الغذائي. ونصحح هذه الإشاعات حول نبتة القمح بأنها ليست كما جاء في هذه الإشاعات، نظرا لعدم وجود القمح الطبيعي، ونظرا لصعوبة تحضيرها بالكمية الكافية، ويجب أن تكون في الفصل الذي ينبت فيه القمح، وهو الفصل الذي يزرع فيه القمح في الحقول، ونبتة القمح يجب ألا تهيأ في الدور الزجاجية، ولا تهيأ تحت شروط بيئية مختلفة عن الشروط البيئية التي ينبت فيها القمح.
أ .د .محمد فايد (باحث في الإعجاز العلمي والطب البديل ومختص في التغذية * أستاذ محاضر في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط * )
يتبع بإذن الله عز وجل
[/frame]