عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 02 / 2009, 21 : 07 PM   رقم المشاركة : [7]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]
تتمة: الباب الثاني (محتوى التعاليم الدينية اليهودية)

الفصل الأّول

"النزعة العدوانية"

فعندما نزل بنو اسرائيل في عربات موآب خشي ملك موآب منهم فأرسل وراء " بلعام بن بعور" وكان نبياً للموآبيين، وهم يعتقدون أنّ من يباركه بلعام يغدو مباركاً ومن يلعنه يغدو ملعوناً . فأراد ملك موآب " بالاق بن صفور" أن يلعن له بني إسرائيل حتى يتمكّن من محاربتهم وطردهم من المنطقة . لكنّ النبّي بلعام رفض ما أمره الملك بالاق بن صفور ملك موآب، بل بارك بني إسرائيل وأثنى عليهم .(24)
نستشّف من الرواية التوراتية أنّ موسى يسعى دوماً لأن يجمع أتباعه في إطار الوحدة السياسية - الدّينية، أي وحدة سياسية يجمع شملها الّدين، ووحدة دينية هدفها تحقيق الأغراض السياسية، ولهذا كانت وصاياه دوماً متشدّدة في قضية الرأفة والشفقة فالانسانية لا وجود لها في برنامجه ، وأيّة شفقة أو رحمة لطفل أو شيخ تكون بمثابة مخالفة صريحة لتشريعاته المستمدة حسب الرواية التوراتية من الاله يهوه.

ففي عربات موآب أشار قائلاً لجماعته:" إنكّم عابرون الأردّن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم وتمحون جميع تصاويرهم وتبيدون كل أصنامهم المسبوكة وتخربّون جميع مرتفعاتهم تملكون الأرض وتسكنون فيها لأنّي قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم .". (25)

ثم يتابع نصائحه قائلاً لجماعته بصيغة الأمر الحتمي:" وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين يستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جوانبكم ويضايقوكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها فيكون أنّي أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم ". (26)
ونقرأ أيضاً "قد دفعت إلى يدك سيحون ملك حشبون الأمورّي وأرضه ابتدئ تملك وأثر عليه حرباً في هذا اليوم أبتدئ أجعل خشيتك وخوفك أمام وجوه الشعوب تحت كل السماء الذين يسمعون خبرك يرتعدون ويجزعون أمامك.".(27)
لقد نجح موسى في أسلوب الحضّ على العدوان والقتل والابادة وتمكن جماعته من سحق سيحون وجماعته فقتلوا ونهبوا وحرقوا وسبوا النساء والأطفال كما يرد في سفر التثنية:" فخرج سيحون للقائنا هو وجميع قومه وأخذنا كلّ مدنه في ذلك الوقت وحرَّمنا من كل مدينة الرّجال والنّساء والأطفال. لم نبق شارداً. لكنّ البهائم نهبناها لأنفسنا وغنيمة المدن التي أخذنا من عروعير التي على حاّفة أرنون والمدينة التي في الوادي إلى جلعاد لم تكن قرية قد امتنعت علينا الجميع دفعه الرب إلهنا أمامنا".(28)
ثم قاموا باعتداء آخر على منطقة باشان فقتلوا ملكها " عوج " وجميع قومه وأخذوا كل مدنه ونهبوا وسبوا النساء والأطفال، وفعلوا في باشان كما فعلوا في شيحون(29)
وقبل أن يبدأ العدوان على كنعان جمع موسى أتباعه وقام فيهم خطيباً وناصحاً وآمراً أن يلتزموا بتعليماته وقراراته التي كان وراءها يهوه ، وجميعها تحضّ على العدوان والعنصرية والتسّلط والعزلة فنقرأ: " متى أتى بك الرّب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك الحثيّين والجرجاشيين والأموّريين والكنعانيين والغرزيين والحوّيين واليبوسيين سبع شعوب أكثر وأعظم منك، ودفعهم الرّب إلهك أمامك وضربتهم فإنّك تحرّمهم. لاتقطع عهداً لهم ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم". (30)
ثم يتابع موسى مؤكداً على أن الخوف لامكان له وأنَّ العدوان مآله النصر نظراً لأنّ الاله يهوه شخصياً يحارب معهم وينتصر لهم ويخطط لهم وهو الذي يريد إبادة الشعوب والأمم الأخرى من أجل أن يسود شعبه الخاص المقّدس على كل الشعوب. ولذا لا داعي أبداً للترّدد أو الخوف من هذه الشعوب مهما كانت وهو ما ينبغي أن تأخذ به كلّ الأجيال اللاحقة. فنقرأ:
" إن قلت في نفسك هؤلاء الشعوب أكثر مّني كيف أقدر أن أطردهم فلا تخف منهم اذكر ما فعله الرّب إلهك بفرعون وبجميع المصريين. التجارب العظيمة التي أبصرتها عيناك والآيات والعجائب واليد الشديدة والذراع الرفيعة التي بها أخرجك الرّب إلهك هكذا يفعل الرّب إلهك بجميع الشعوب التي أنت خائف من وجهها والزنابير أيضاً يرسلها الرب إلهك عليهم حتى يفنى الباقون والمختفون من أمامك لاترهب وجوههم لأنّ الرّب إلهك في وسطك إله عظيم ومخوّفٌ. ولكنّ الرّب إلهك مطرد هؤلاء الشعوب من أمامك قليلاً قليلاً لاتستطيع أن تفنيهم سريعاً لئلا تكثر عليك وحوش البرّية . ويدفعهم الرّب إلهك أمامك ويوقع بهم اضطراباً عظيماً حتى يفنوا ويدفع ملوكهم إلى يدك فتمحوا اسمهم من تحت السماء .".(31)
كما يؤكّد لجماعته أنَّ يهوه نفسه سيعبر أمامهم ليبيد الشعوب ويذّلهم، وعلى كلّ فرد أن يأخذ هذا بعين الاعتبار فيخاطبهم قائلاً:" إسمع يااسرائيل أنت اليوم عابرٌ الأردّن لكي تدخل وتمتلك شعوباً أكبر وأعظم منك ومدناً عظيمة ومحصّنة إلى السّماء قوماً عظاماً وطوالاً بني عناقٍ الذين عرفتهم وسمعت من يقف في وجه بني عناق. فاعلم اليوم أنّ الرّب إلهك هو العابر أمامك ناراً آكلة هو يبيدهم ويذّلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعاً كما كلّمك الرّب.".(32)
ولم يكن موسى لينسى أن يشير أنَّ الروح العدوانية ينبغي أن تستّمر وأن لاتتوقف عند حدٍّ معيّن، والعدوان المقرّر على منطقة كنعان ليس هو العدوان الأخير، بل هو مقدّمة وعلى الجماعة أن تخّطط لعدوان آخر وآخر كما وعد بذلك الرّب يهوه لكن هذا مرهون بحفظهم للوصايا والقرارات التي تؤكّد على العدوان والعزلة والتسّلط والغدر ، فنقرأ: " وإنّ وسّع الرّب إلهك تخومك كما حلف لآبائك واعطاك جميع الأرض التي قال إنّه يعطي لآبائك إذا حفظت كلّ هذه الوصايا لتعملها كما أنا أوصيك اليوم لتحبّ الرّب إلهك وتسلك في طرقه كلّ الأيام فزد لنفسك أيضاً ثلاث مدنٍ على هذه الثلاث ". ( 33)
وأيضاً لم يكن لينسى أن يوّضح لهم كيفية العدوان وأسلوبه واستمراريته وضرورة التشدّد والجرأة نظراً لأنّ يهوه معهم دوماً ولن يترك للأعداء أيّة فرصة للتفّرد بهم والانتصار عليهم طالما أنهم متمسّكون بنزعتهم الضيّقة التي ترفض الاندماج والاختلاط والرحمة،. فنقرأ قوله: " إذا خرجت للحرب على عدوّك ورأيت خيلاً ومراكب قوماً أكثر منك فلا تخف منهم لأنّ معك الرّب إلهك الذي أصعدك من أرض مصر، وعندما تقربون من الحرب يتقّدم الكاهن ويخاطب الشعب ويقول لهم إسمع ياإسرائيل أنتم قربتم اليوم من الحرب على أعدائكم لاتضعف قلوبكم، لاتخافوا ولا ترتعدوا ولاترهبوا وجوههم لأن الرّب إلهكم سائرٌ معكم لكي يحارب عنكم أعداءكم ليخّلصكم." (34)
" حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكّل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها وإذا دفعها الرّب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدِّ السيف وأمّا النساء والأطفال والبهائم وكلّ ما في المدينة كلّ غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرّب إلهك.".( 35)
هكذا أراد الكاتب التوراتي أن يؤكد لهذه المجموعة التي تخصّه أنّ الاله يهوه الذي هو إلههم الخاصّ لايرضى أبداً بأن تتساوى الشعوب بشعبه الخاص المقّدس، ولذا كلّ الشعوب والأمم عدوة لبني إسرائيل وليس هناك من أملٍ في أن تتحول هذه العداوة إلى محبة خاصة وأنّ كافة الأمم ستغدو بمثابة العبيد لبني إسرائيل إن هادنت ورضيت بالصلح أو ستباد من الوجود إن رفضت المهادنة أي على جميع الأمم أن تكون مستعبدة ومسّخرة لخدمة بني إسرائيل أو تباد من الوجود، القريبة منها والبعيدة على السواء ، وليس هذا وحسب، بل من الضرورة إبادة الشعوب القريبة دون قيد أو شرط فنقرأ:” هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست في مدن هؤلاء الأمم هنا ، وأمّا مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرّب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرّمها تحريماً، الحثيّين والأموريين والكنعانيين والغرزيين والحويين واليبوسيين كما أمرك الرّب إلهك ."(36)
لقد أراد موسى أن يغّذي في نفوس جماعته عقيدة العدوان الدائم ضد الشعوب والأمم الأخرى،" القتل، التدمير، الابادات، القسوة، التسّلط والتوّجس". لذا كان دوماً يحذّرهم من التردّد والشفقة ويدفع بهم إلى الحرب والعدوان. وقد نجح في مسعاه وورث عنه يشوع بن نون تلك النزعة بعد أن توفي موسى وقاد الجماعة إلى مزيد من المجازر الوحشية في المدن الكنعانية الآمنة راح ضحيتها آلاف الأطفال والشيوخ والنساء والبهائم .
إنّ ما حضَّ عليه يشوع بن نون وما سلكه أتباعه صوّره لنا كاتب سفر يشوع على أنّه بطولات وأمجاد ومنهاج رئيسي سار عليه اليهود فيما بعد ولا يزالون حتى الآن.
لقد افتتح يشوع بن نون أعماله العدوانية بمجزرة في أريحا اتسمت بالوحشية فنقرأ:" وصعد الشعب إلى المدينة كلّ رجل مع وجهه وأخذوا المدينة وحرّموا كلّ ما في المدينة من رجلٍ وإمرأةٍ من طفلٍ وشيخٍ حتى الغنم والبقر والحمير بحدِّ السيف ".(37)
وهكذا فعلوا بمدينة " عاي" بعد أن أكّد يهوه ليشوع أنّه سيدفع عاي بيده حتى يفعل بها كما فعل بمدينة أريحا فنقرأ:
" فقال الرّب ليشوع لاتخف ولا ترتعب خذ معك جميع رجال الحرب وقم اصعد إلى عاي. انظر قد دفعت بيدك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها"(38)
نفذ يشوع خطط يهوه لمهاجمة عاي وهاجمها بخدعةٍ رسمها له يهوه وتمكن من الانتصار فنقرأ:" وضربوهم حتى لم يبق منهم شاردٌ ولا منفلتٌ ، وأمّا ملك عاي فأمسكوه حيّاً وتقدّموا به إلى يشوع وكان لمّا انتهى إسرائيل من قتل سكان عاي في الحقل في البرّية حيث لحقوهم وسقطوا جميعاً بحدِّ السّيف حتى فنوا أنَّ جميع إسرائيل رجع إلى عاي وضربوها بحدِّ السيف.".( 39)
لقد أحرق يشوع مدينة عاي وعلّق ملكها على الخشبة إلى وقت المساء وعند غروب الشمس أمر يشوع فأنزلوا جثته عن الخشبة وطرحوها عند مدخل باب المدينة وأقاموا عليها رجمة حجارة.(40)
واستمرَّ الحضّ على العدوان والقتل والتدمير من قبل يهوه ليشوع والجماعة، وماحدث في أريحا وعاي لم يشف غليل رّب الجنود فأمر يشوع أن يضرب المدن الأخرى "أورشليم ، حبرون ، يرموت، لخيش، عجلون"حيث نقرأ:"فقال الرّب ليشوع لاتخفهم لأني بيدك قد أسلمتهم، لايقف رجلٌ منهم بوجهك ". (41)
التزم يشوع بأوامر يهوه وبدأ في الاعتداء على هؤلاء ومحاربتهم وضربهم ضربة عظيمة كما يروي كاتب السّفر . وهرب ملوك هذه المدن " أدوني صادق ملك أورشليم، هو هام ملك حبرون، فرآم ملك يرموت، يافيع ملك لخيش، دبير ملك عجلون". واختبأوا في مغارةٍ في مدينة مقيّدة، فأمر يشوع جماعته أن يغلقوا المغارة بحجر كبير حتى يموتون وقد فعلوا ما أمر ومن ثمّ فتحوا المغارة وأخرجهم أحياء. لأنّ يشوع أراد أن يذّلهم فأمر عدد من رجاله أن يضعوا أرجلهم على أعناقهم ففعل الرجال ذلك، ثمَّ قتلهم يشوع وعلقهم على الخشب وبقوا معّلقين حتى المساء حيث أنزلوا ووضعوهم في المغارة التي اختبأوا فيها لتكون قبراً دائماً لهم. ووضعوا حجراً كبيراً على فم المغارة.(42)
وتابع يشوع عملياته العدوانية بمهاجمة مدينة مقيّدة حيث نقرأ: " وأخذ يشوع مقيّدة في ذلك اليوم وضربها بحدِّ السّيف وحرَّم ملكها هو وكل نفس بها لم يبق شارداً وفعل بملك مقيّدة كما فعل بملك أريحا" (43)
" اجتاز يشوع من مقيّدة وكلّ إسرائيل معه إلى لبنة وحارب لبنة فدفعها الرّب هي أيضاً بيّد إسرائيل مع ملكها فضربها بحدِّ السّيف وكلّ نفس بها لم يبق بها شارداً وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا، ثم اجتاز يشوع وكلّ اسرائيل معه من لبنة إلى لخيش ونزل عليها وحاربها فدفع الرّب لخيش بيّد إسرائيل فأخذها في اليوم وضربها بحدِّ السّيف وكلّ نفسٍٍ بها حسب كلّ ما فعل بلبنة ، حينئذٍ صعد هورام ملك جازر لإعانة لخيش وضربه يشوع مع شعبه حتى لم يبق له شارداً، ثم اجتاز يشوع وكلّ إسرائيل معه لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها واخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحدِّ السيف وحرَّم كلّ نفسٍ بها في ذلك اليوم حسب كلّ ما فعل بلخيش، ثم صعد وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها وأخذوها وضربوها بحدِّ السيف مع ملكها وكلّ مدنها وكلّ نفس بها لم يبق شارداً حسب كلّ ما فعل بعجلون فحرّمها وكلّ نفس بها. ثم رجع يشوع وكلّ إسرائيل معه إلى دبير وحاربها وأخذها مع ملكها وكلّ مدنها وضربوها بحدِّ السيف وحرّموا كلّ نفسٍ بها لم يبق شارداً كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها ." (44)
واستمّر يشوع في تنفيذ خطط يهوه العدوانية فحارب ملوك " حاصور ومادون وشمرون واكشاف وغيرهم" وتمكّن من سحقهم وإبادتهم واحتلال مناطقهم وحرق مدنهم ومركباتهم لم يبق شارداً منهم . فالاله يهوه أراد ذلك وعلى يشوع أن يحضّ جماعته كما حضّه يهوه على العدوان والقتل فنقرأ:" فقال الرّب ليشوع لاتخفهم لأنّي غداً في مثل هذا الوقت أدفعهم جميعاً قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار. فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتةً وسقطوا عليهم. فدفعهم الرّب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوت ما يم وإلى بقعة مصفاة شرقاً. فضربوهم حتى لم يبق لهم شارداً ففعل يشوع بهم كما قال الرّب عرقب خيلهم واحرق مركباتهم بالنّار.".(45)
" ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف لأنّ حاصور كانت قبلاً رأس جميع تلك الممالك . وضربوا كلّ نفس بها بحدِّ السّيف حرّموهم ولم تبق نسمة وأحرق حاصور بالنّار" (46)
وهنا يحضرني هذا السؤال: من هو بطل التوراة؟.. أهو موسى أم يشوع أم يهوه؟.. إنّ بن غوريون في الخمسينات من هذا القرن كان يرى أن يشوع بطل التوراة. أمّا التوراة نفسه فيروي لنا بوضوح أنّ البطل الحقيقي هو الاله يهوه، وهو ما نستشفه في كل النصوص التوراتية . فهو الذي يخطط ويحضّ ويوجه ومن ثم ينّفذ بواسطة موسى أو يشوع. فالبطولات الحقيقية كانت ليهوه والأخرون عبارة عن دمى تتحرك كما يريد يهوه.(47)
إنّ يهوه هو المحارب الحقيقي وهو الذي دمّر وأباد وحرق وهو الذي حضّ على العدوان وافترض أنّ جميع الشعوب والأمم أعداء بني إسرائيل ، ولم يكن موسى إلا أداة نفّذ من خلالها يهوه أعماله العدوانية التي مرّت معنا. ولّما مات موسى تسّلم يشوع هذه المهّمة وكان بارعاً في التنفيذ، وعندما حضرته الوفاة أشار للجماعة عن رغبات ومواقف يهوه وما فعله طيلة هذه الأيام التي مرّت منذ الخروج من مصر مؤكداً على أنّ يهوه هو الذي كان يحارب عنهم وهو الذي كان يبيد الشعوب والأمم . فنقرأ :" فدعا يشوع جميع إسرائيل وشيوخه ورؤساءه وقضاته وعرفاءه وقال لهم أنا قد شخت تقدّمت فيَّ الأيام وأنتم قد رأيتم كلّ ما عمل الرّب إلهكم بجميع أولئك الشعوب من اجلكم لأن الرب إلهكم هو المحارب عنكم . انظروا قد قسّمت لكم بالقرعة هؤلاء الشعوب الباقين ملكاً حسب أسباطكم من الأردّن وجميع الشعوب التي قرضتها والبحر العظيم نحو غروب الشمس. والرّب إلهكم هو ينفيهم من أمامكم ويطردهم من قدامكم فتملكون أرضهم كما كلمكم الرّب إلهكم فتشددوا جداً".(48)
بعد موت يشوع استّمرت العمليات العدوانية الوحشية على يد القضاة كما يّسميهم كاتب سفر القضاة ، فقد تشرّب بنو إسرائيل الروح العدوانية تماماً وغدت الأعمال العدوانية العسكرية غاية بالنسبة إليهم . لكّنها في عصر القضاة اختلفت بعض الشيء نظراً لأنّ كلّ سبطٍ سكن في منطقةٍ فلم تعد هناك وحدة تربطهم وصار لكلّ سبط رئيساً أو قاضياً كما يسّميه كاتب السفر.. وكان على كلّ سبط أن يسعى للحصول على المنطقة التي حدّدت له من قبل يشوع قبل وفاته وقد وزّعت الحصص بالقرعة كما يرد في سفر يشوع.( 49)
في سفر القضاة الاصحاح الأول نقرأ:" وكان بعد موت يشوع أنّ بني إسرائيل سألوا الرّب قائلين من مّنا يصعد إلى الكنعانيين أولاً لمحاربتهم فقال الرّب يهوذا يصعد هوذا قد دفعت الأرض ليده. فقال يهوذا لشمعون أخيه اصعد معي في قرعتي لكي نحارب الكنعانيين فأصعد أنا أيضاً معك في قرعتك. فذهب شمعون معه فصعد يهوذا ودفع الرّب الكنعانيين والغرزّيين بيدهم فضربوا منهم في بازق عشرة آلاف رجل." (50)
وعلى الرغم من أنّ بني إسرائيل لم يتمكنوا من فرض سيطرتهم على المنطقة كما أراد يهوه وتفرقوا في عدة مناطق بين أكثرية كنعانية . لم يتخّلوا عن الروح العدوانية التي تربوا عليها ونمت مع نموهم. كان لابدَّ أن يقوموا بأعمال عدوانية عسكرية ضد الآمنين من سكان المنطقة. وقد أخذت هذه الأعمال العدوانية طابع العصابات المجرمة الخارجة على القانون . وكانت تستخدم الحيلة والغدر من أجل تنفيذ العدوان وقتل الأبرياء. ودوماً كان رئيس هذه العصابات قاضٍياً كما يسّميه كاتب سفر القضاة، ووراءه كاهن يحضّه على العدوان مشيراً إلى أنّ هذا الأمر من قبل يهوه ومن الضروري الالتزام بأوامر وقرارات يهوه.
فقد كانت النسبة الكبرى من هؤلاء القادمين من الصحراء قد ذابت فىالمجتمع الكنعاني الحضاري وتركت يهوه لصالح آلهة الكنعانيين. وهذا ماأغاظ الكهنة أصحاب المصلحة في البقاء على يهوه وقرابين يهوه وتقدماته. فكان لابدَّ من استخدام المتمرّدين واللصوص لخلق جو مشحون بالتوتر والرّعب في نفوس الصّحروايين وذلك عن طريق التأكيد على أنَّ يهوه غاضبٌ من سلوكهم وتركهم إيّاه . ولا يمكن أن يكونوا في مأمن . إلاّ إذا تخلّوا عن آلهة الكنعانيين وانعزلوا عن المجتمع الكنعاني وقدّموا القرابين والتقدمات ليهوه.
إنّ كاتب سفر القضاة يصّور لنا الأحداث تصويراً مسرّحياً ففي كلّ إصحاح بشكل عام نجد أنّ بني إسرائيل يعملون الشّر في عيني الرّب ويعبدون آلهة الكنعانيين فيدفعهم الرّب بأيدي ناهبين ويبعهم لأعدائهم ويسّلط هؤلاء الأعداء عليهم. وبعد سنوات يصرخ بنو إسرائيل إلى الرّب ويستنجدونه فيقيم لهم مخلصاً بعد أن رأف بحالتهم ويخلصهم من أعدائهم ، والطريقة التي يخلصهم فيها من أعدائهم لاتخلوا من الغدر والخيانة والخدعة والقتل إلخ. وبعد فترة يعاودون الكرّة ويعملون الشّر في عينّي الرّب فيغضب ويسّلط عليهم الأعداء مدة ثم يصرخون فيرسل لهم مخلصاً يخلصهم. فنقرأ : "وفعل بنو إسرائيل الشرّ في عينّي الرّب وعبدوا البعليم وتركوا الرّب إله آبائهم الذي أخرجهم من أرض مصر وساروا وراء آلهة أخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرّب. تركوا الرّب وعبدوا البعل وعشتاروت فحمي غضب الرّب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم حولهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم . حيثما خرجوا كانت يد الرّب عليهم للشر كما تكلم الرّب وكما أقسم الرّب لهم فضاق بهم الأمر جداً. وأقام الرّب قضاةً فخلصوهم من يد ناهبيهم. ولقضاتهم أيضاً لم يسمعوا بل زنوا وراء آلهةٍ أخرى وسجدوا لها . حادوا سريعاً عن الطريق التي سار بها آباؤهم لسمع وصايا الرّب . لم يفعلوا هكذا . وحينما أقام لهم الرّب قضاةً كان الرّب مع القاضي وخلصهم من يد أعدائهم كلّ أيام القاضي لأنّ الرّب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم وزاحميهم وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم بالذهاب وراء آلهة أخرى ليعبدوها ويسجدوا لها.(51)
أمّا القضاة الذين أقامهم الرّب ليخلصوا بني إسرائيل فقد كان أكثرهم من المتمردين وقاطعي الطرق واللصوص الخارجين على القانون يتبعهم ثلة من العاطلين في المنطقة .. وكان أوّل هؤلاء القضاة " غينيئيل بن قناز" وجماعته وقتها كانت تحت سلطة الملك " كوشان رشعتايم" ملك آرام النهرين. فنقرأ :" فعبد بنو إسرائيل كوشان رشعتايم ثماني سنوات وصرخ بنوإسرائيل إلى الرّب فأقام الرّب مخلصاً لبني إسرائيل فخلصهم، غينئيل بن قناز أخا كالب الأصغر. فكان عليه روح الرّب وقضى لاسرائيل وخرج للحرب . فدفع الرّب ليده كوشان رشعتايم ملك آرام واعتزّت يده على كوشان رشعتايم . واستراحت الأرض أربعين سنة ومات غينئيل بن قناز".(52)
وكان المخلص الثاني أو القاضي " إهود بن جيرا" البنياميني الذي كان محترفاً الغدر والقتل، وقد أقامه يهوه ليخلص الاسرائيليين من تسّلط عجلون ملك موآب. وتمكّن إهود من إنقاذ بني إسرائيل بعد أن قتل الملك عجلون غدراً ومن ثمّ هاجم وجماعته الموآبيين وقتلوا نحو عشرة آلاف رجل ، كما يروي كاتب سفر القضاة:" وصرخ بنوإسرائيل إلى الرّب فأقام لهم الرّب مخلصاً إهود بن جيرا البنياميني رجلاً أعسر فأرسل بنوإسرائيل بيده هدّية لعجلون ملك موآب. فعمل إهود لنفسه سيفاً ذا حدّين طوله ذراعٌ وتقلّده تحت ثيابه على فخذه اليمين . وقدّم الهدية لعجلون ملك موآب وكان عجلون رجلاً سميناً جداً. وكان لما انتهى من تقديم الهدية صرف القوم حاملي الهدّية. وأمّا هو فرجع من عند المنحوتات التي لدى الجلجال وقال. لي كلام سرٍّ إليك أيّها الملك. فقال صه. وخرج من عنده جميع الواقفين لديه . فدخل إليه إهود وهو جالس في عليّة برودٍ كانت له وحده وقال إهود. عندي كلام الّله إليك . فقام عن الكرسي. فمدَّ إهود يده اليسرى وأخذ السّيف عن فخذه اليمنى وضربه في بطنه." (53)
لقد تابع إهود عدوانه على الموآبيين فأمر جماعته بعد أن قتل الملك عجلون أن يتبعوه لإبادة الموآبيين فراح ضحية هذا العدوان عشرة آلاف رجل حسب ما يروي كاتب سفر القضاة.(54)
" وكان بعده شمجر بن عناة فضرب من الفلسطينيين ستمئة رجل بمنساس البقر وهو أيضاً خلص إسرائيل." (55)
ثمّ أقام بعده يهوه إمرأة تدعى " دبورة " وذلك بعد أن باعهم الرّب بيد يابين ملك كنعان لأنهّم عملوا الشرّ بعد وفاة شمجربن عناة. فقامت " دبورة" تحضّ على العدوان وتخطط لضرب الكنعانيين وملكهم يابين وقائده سيسرا. وقد استخدمت لأجل هذا العمل العدواني رجلاً مغامراً متمرّداً معه ثّلة من العاطلين من سبط نفتالي في قادش وكان يدعى " باراق بن أبنيوعم"، وحسب الرواية فإنّ باراق بن أبنيوعم وجماعته أبادوا كل جيش سيسرا بحدِّ السيف ولم يبق ولا واحد. وأمّا سيسرا قائد الجيش فقد هرب والتجأ في خيمة امرأة تدعى " ياعيل " وهي امرأة حابر القيني لأنّه كان صلح بين يابين ملك حاصور وبيت حابر القيني. ولكن ياعيل وكأيّ يهودي لم ترع العهد ولا الميثاق ولا الصلح فاحتالت على سيسرا وقتلته غدراً حيث نقرأ:" وأمّا سيسرا فهرب على رجليه إلى خيمة ياعيل إمرأة حابر القيني . لأنّه كان صلح بين يابين ملك حاصور وبيت حابر القيني. فخرجت ياعيل لاستقبال سيسرا وقالت له مل ياسيدي مل إليَّ لاتخف . فمال إليها إلى الخيمة وغطّته باللحاف. فقال لها اسقيني قليل ماءٍ لأنّي قد عطشت . ففتحت وطب اللبن وأسقته ثمّ غطته فقال لها قفي بباب الخيمة ويكون إذا جاء أحدٌ وسألك أهنا رجلٌ أنّك تقولين لا. فأخذت ياعيل إمرأة حابر وتد الخيمة وجعلت المبتدة في يدها وثارت إليه وضربت الوتد في صدغه فنفذ إلى الأرض وهو متثقّلٌ في النوم ومتعبٌ فمات .". (56)

-----------------------

(24) ولّما رأى بالاق بن صفور جميع ما فعل إسرائيل بالأموّريين فزع موآب من الشعب جداً لأنّه كثيرٌ وضجر موآب من قبل بني إسرائيل فقال موآب لشيوخ مديان الآن يلحس الجمهور كل ما حولنا كما يلحس الثور خضرة الحقل . وكان بالاق بن صفور ملكاً لموآب في ذلك الزّمان. فأرسل رسلاً إلى بلعام بن بعور إلى فتور التي على النهّر في أرض بني شعبه ليدعوه قائلاً. هوذا شعب قد خرج من مصر هو ذا قد غشَّى وجه الأرض وهو مقيم مقابلي فالآن تعال والعن لي هذا الشعب لأنّه أعظم منّي لعّله يمكننا أن نكسره فأطرده من الأرض . لأّني عرفت أنّ الذي تباركه مبارك والذي تلعنه ملعونٌ .". سفر العدد الاصحاح الثاني والعشرين.

(25) سفر العدد الاصحاح الثالث والثلاثون

(26) سفر العدد الاصحاح الثالث والثلاثون.

(27) سفر التثنية الاصحاح الثاني

(28) سفر التثنية الاصحاح الثاني

(29) " فدفع الرّب إلهنا إلى أيدينا عوج أيضاً ملك باشان وجميع قومه فضربناه حتى لم يبق له شاردٌ وأخذنا كل مدنه في ذلك الوقت لم تكن قرية لم نأخذها منهم ستّون مدينة كلّ كورة أرجوب مملكة عوج في باشان.سفر التثنية الاصحاح الثالث.

(30) سفر التثنية الاصحاح السّابع

(31) سفر التثنية الاصحاح السّابع

(32)سفر التثنية الاصحاح التاسع

( 33) سفر التثنية الاصحاح التاسع عشر

(34) سفر التثنية الاصحاح العشرون

( 35) سفر التثنية الاصحاح العشرون.

(36) سفر التثنية الاصحاح العشرون

(37) سفر يشوع الاصحاح السادس

(38) سفر يشوع الاصحاح الثامن

( 39) سفر يشوع الاصحاح الثامن.

(40) سفر يشوع الاصحاح الثامن

(41) سفر يشوع الاصحاح العاشر

(42) سفر يشوع الاصحاح العاشر

(43) سفر يشوع الاصحاح العاشر.

(44) سفر يشوع الاصحاح العاشر

(45) سفر يشوع الاصحاح الحادي عشر

(46) سفر يشوع الاصحاح الحادي عشر

(47) فدعا يشوع جميع إسرائيل وشيوخه ورؤساءه وقضاته وعرفاءه وقال لهم أنا قد شخت تقدمت في الأيام وأنتم قد رأيتم كل عمل الرّب إلهكم بجميع أولئك الشعوب من أجلكم لأنّ الرّب إلهكم هو المحارب عنكم ."
سفر يشوع الاصحاح الثالث والعشرون.

(48) سفر يشوع الاصحاح الثالث والعشرون

( 49) سفر يشوع الاصحاح الثالث عشر وحتى الاصحاح الثالث والعشرون.

(50) سفر القضاة الاصحاح الأوّل.

(51) سفر القضاة الاصحاح الثاني

(52) سفر القضاة الاصحاح الثالث

(53) سفر القضاة الاصحاح الثالث.

(54) سفر القضاة الاصحاح الثالث

(55) سفر القضاة الاصحاح الثالث

(56) سفر القضاة الاصحاح الرابع


[/align]
يتبــــع>>>

توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس