18 / 02 / 2009, 59 : 12 AM
|
رقم المشاركة : [17]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق
تتمة: الباب الثالث - ((الصهيونية والدين اليهودي))
الفصل الثالث
التعليم الصهيوني وأهدافه .
q استحضار التاريخ : [align=justify]
إنّ قادة إسرائيل يوجّهون المفهوم التاريخي بما يتفق وأهدافهم التي منها "وحدة الشعب اليهودي، وحفظ ذاتية الشعب اليهودي، والسيطرة الدائمة على الأرض العربية، ولهذا فهم يتسترون وراء التعاليم الدينية لتبرير سلوكهم ووجودهم. هذه التعاليم التي تحثهم على الاستعلاء والتوّجس من الأغيار. والانكماش، وتنّمي فيهم روح العدوان والتسّلط والتأكيد على الإرث الإلهي والأرض الموعودة والحق التاريخي والزرع المقدّس إلخ.
لهذا فهم يستحضرون التاريخ دوماً ويستشهدون بتراثهم الغيبي الميتولوجي في كل المناسبات. ويؤكدون على ضرورة تنفيذ كل ما جاء في التوراة، حتى أنّهم يعتبرون أي انتصار لهم هو تأكيد لماورد في التوراة.
في حديقة الحيوانات الواقعة في القسم الاسرائيلي من القدس تتواجد الحيوانات التي استّحقت شرف ذكرها في التوراة، فعلى كلّ لوحة عُلّقت على القفص كتب اسم الحيوان وإلى جانبه اقتباس مناسب من التوراة "تذكّر، تنّزه تعلّم" وفي كل مكان في إسرائيل يبرز الاقتباس التالي من التوراة: "هاهي أرضكم يا أبناء إسرائيل".
وقد اعتاد القادة الاسرائيليون في خطبهم وكلماتهم أن يستشهدوا بالتوراة، ففي خطاب على الطلبة والشبيبة ألقاه بن غوريون يقول فيه: "إنّ خريطة اسرائيل ليست بخريطة بلادنا. لدينا خريطة أخرى وعليكم أنتم طلبة وشبيبة المدارس اليهودية أن تجسّدوها في الحياة وعلى الأمّة اليهودية أن توّسع رقعتها من الفرات إلى النيل."
وأكدّ بن غوريون مرات كثيرة قائلاً: "ليفهم الجميع بأنّ إسرائيل قامتْ عن طريق الحرب. وسوف لن ترضى بتلك الحدود التي وصلت إليها ، وسوف تمتدّ الامبراطورية الاسرائيلية من الفرات إلى النيل."
وفي رسالة موّجهة إلى الجيش الاسرائيلي في 7 تشرين الثاني 1956 بعد انتهاء العدوان الثلاثي على مصر. قال بن غوريون: "لقد أنجزتم أشياء ربّما كانت أهم من أي مسألة في السياسة أو الدفاع. لقد أعدتمونا إلى أعظم لحظات حياتنا الحاسمة في تاريخنا. لقد أرجعتمونا إلى المكان الذي أُعطينا فيه القانون. وفيه كلّفنا الرّبّ بأن نكون شعباً مختاراً. لقد رأينا أمام أعيننا الآيات التي لاتموت تحيا من جديد، الآيات التي تنبئنا عن رحيل أجدادنا من مصر وعن وصولهم إلى صحراء سيناء."([1])
إنّ سفر يشوع يستخدم للإعداد النفسي للجنود الأغرار في الجيش، وهو من النصّوص المقرّرة في مدارس إسرائيل ولهذا يقول بن غوريون: "إنّي أعتبر يشوع بطل التوراة".
وعن سفر يشوع أجرى العالم الأمريكي هـ تامارين استفتاءً أعدّه في إسرائيل في عدد من المدارس، استخدم فيه 1066 استمارة ذات محتوى واحد أجاب عليها كتابة /563/ فتىً و /503/ فتيات من مختلف الصفوف والمدارس، وقد تطرقتْ الاستمارة لسفر يشوع بن نون الذي يدرّس في المدارس الاسرائيلية من الصّف الرابع وحتى الثامن. وقد ورد في الاستماره الأسئلة التالية:
-إنّك تعرف جيداً المقتطفات التالية من سفر يشوع: "فهتف الشعب وضربوا بالأبواق وكان حين سمع الشعب صوت البوق أنّ الشعب هتف هتافاً عظيماً فسقط السوّر في مكانه وصعد الشعب إلى المدينة كلّ رجلٍ مع وجهه وأخذوا المدينة وحرّموا كلّ ما في المدينة من رجل وإمرأةٍ من طفلٍ وشيخٍٍ حتى البقر والغنم والحمير بحدِّ السّيف"
"وأخذ يشوع مقيدة في ذلك اليوم وضربها بحدِّ السّيف وحرّم ملكها هو وكلّ نفس بها لم يبقِ شارداً وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكلّ إسرائيل معه إلى لبنة وحارب لبنَة فدفعها الرّبّ هي أيضاً بيد إسرائيل مع ملكها فضربها بحدّ السّيف وكلّ نفسٍ بها لم يبق شارداً وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا." .
أجب من فضلك على السؤالين:
1- هل تعتقد أنّ يشوع بن نون والاسرائيليين قد تصرفوا تصرفاً صحيحاً أو غير صحيح اشرح لماذا لديك مثل هذا الرأي بالذات.
2- لنفرض أنّ الجيش الاسرائيلي قد احتلّ خلال الحرب قرية عربية. فهل هو جيد أو سيئ أن يتصرّف على هذا النحو مع سكان هذه القرية كما تصرّف يشوع بن نون مع شعب أريحا.. واشرح لماذا؟
وزعتْ هذه الاستمارة في مدارس تل أبيب وقرية بالقرب من الرّملة وفي مدينة شارون ومستعمرة معو تشد، وهذه بعض الأجوبة:
كتب تلميذ من مدرسة في مدينة شارون: "كان هدف الحرب هوالاستيلاء على البلاد من أجل الاسرائيليين، ولذلك فقد تصرف الاسرائيليون تصرّفاً حسناً باحتلالهم المدن وقتلهم سكانها. وليس من المرغوب فيه أن يكون في إسرائيل عنصر غريب. إنّ النّاس من مختلف الأديان يمكن أن يؤثروا تأثيراً لا حاجة إليه على الاسرائيليين"
وكتبت فتاة من مستعمرة معو تشد: "لقد تصرّف يشوع بن نون تصرّفاً حسناً بقتله حميع النّاس في أريحا ذلك لأنّه كان من الضروري احتلال البلاد كلّها ولم يكن لديه وقت لأضاعته على الأسرى.".
كانت الأجوبة من هذا النوع تشكّل ما بين 66-95% حسب المدرسة والمستعمرة أو المدينة.
وعلى سؤال هل يمكن في عصرنا تصفية جميع سكان قرية عربية محتلّة أجاب 30% من التلاميذ بشكل قطعي "نعم" وفيما يلي بعض ما كتبه الأولاد:
-أعتقد أنّ كل شيء قد جرى بشكل صحيح إذ أنّنا نريد قهر أعدائنا وتوسيع حدودنا. ولكنّنا نحن أيضاً قتلنا العرب كما فعل يشوع بن نون والاسرائيليون". الصف السابع.
وكتب تلميذ من الصّف الثامن: "في رأيي ينبغي على جيشنا في القرية العربية أن يتصرف مثل يشوع بن نون لأنّ العرب هم أعداؤنا ولذلك فهم حتى في الأسر، سيفتشون عن إمكانية ليبطشوا بحراسهم.".
هذه فقط بعض الثمار المحسوسة للتعليم الصهيوني كما قال يوري إيفا نون والتي لم تنضج تلقائياً وإنّما نمتْ على الشجرة الحقيقية للأيديولوجية الصهيونية.([2])
ولا يكتفي القادة الإسرائيليون والصهاينة بترديد العبارات التوراتية بل يتنبأون من خلالها للمستقبل فنقرأ في مذكرات بن غوريون 1948 قوله:
"إن لبنان هو عقب أخيل، أي نقطة الضعف في الحلقة العربية، إنّ التفوق العددي للمسلمين في هذا البلد تفوّق مصطنع ويمكن أن تنعكس الاية. وهكذا يجب أن تقام دولة مسيحية في لبنان تكون حدودها عند نهر الليطاني، وسنوّقع معاهدة تحالفية مع هذه الدولة، وحينما نقضي على قوة الدول العربية وندمّر عمّان سننظف الضفة الغربية وبعد ذلك ستسقط سورية. وإذا تجرأت مصر على اعلان الحرب فسوف نقصف بور سعيد والاسكندرية والقاهرة. وهكذا سننهي الحرب ونثأر لأجدادنا من مصر وآشور وكلده.".([3])
ثم يقول بن غوريون في المؤتمر الصهيوني العالمي الخامس والعشرين 1961: منذ أن قامتْ دولة إسرائيل وفتحتْ أبوابها لكل اليهود الراغبين في القدوم إليها، فكل يهودي متدّين، يعصي كلّ يوم ببقائه بعيداً في الشتات تعاليم يهوديته وتوراة إسرائيل.. إنّ اليهود خارج إسرائيل لا ربّ لهم."([4])
ونقرأ تصريح إيغال آلون الذي يتخذّ من التوراة مثله الأعلى:
"إذا نحن رجعنا إلى التوراة وجدنا أنّ الجولان ليس أقلّ إسرائيلية من حبرون (الخليل) أو سيشيم (نابلس) يجب أن يؤلف نهر الأردن الحدود الغربية لاسرائيل"([5])
ثم نقرأ قول غولدا مائير: "لقد قام هذا الوطن إنجازاً لوعد قطعة لنا الّله نفسه، ومن المضحك حقاً أن يطلب أحد تبريراً شرعياً لوجود هذا الوطن."([6])
ويقول موشي دايان: "إذا كنّا نملك التوراة، ونعدّ أنفسنا شعب التوراة، فلا بد إذن أن نملك الأراضي التوراتية، أي أرض القضاة والآباء الروّحيين وأورشليم وحبرون وأريحا وغيرها.".([7])
وبعد حرب 1967 يصّرح موشي دايان قائلاً: "لقد تحقّق حلم آبائنا في الوصول إلى الحدود التي منحنا إيّاها قرّار التقسيم. أمّا جيلنا فقد وصل إلى حدود عام 1949. وأمّا جيل حرب الأيام الستة فقد وصل إلى حدود قناة السويس والأردن ومرتفعات الجولان. ولكن الشّوط لم ينته ها هنا فنحن سنتخطّى الحدود التي رسمها قرار وقف إطلاق النّار لنصل إلى الأردّن وقد نصل إلى لبنان ووسط سورية.". ([8])
وحين سُئلتْ غولدامائير عام 1972 في مقابلة صحفية" ما الحدود التي ترين أنّها ضرورية لأمن إسرائيل؟ أجابت بقولها: "إذا كنت تريد بسؤالك أنّ هناك حدوداً رسمناها لدولتنا فهذا مالم نفعله بعد، وسنفعله عندما يؤون الأوان. ولكن من الثوابت في السياسة الاسرائيلية أنّنا لن نرجع إلى حدود عام 1967 في حالة عقد اتفاق للسلام. فلا بدّ من تعديل في الحدود. نريد تغييراً للحدود، بل لكل الحدود بغية الحفاظ على أمننا."([9])
ونقرأ قول بيغن: "لقد وُعدنا بهذه الأرض فلنا فيها ملءُ الحق"([10])
وحينما وقع الاجتياح الاسرائيلي للبنان، أَعلنتْ هيئة التبشير الدينية العسكرية (الحرب المقدّسة). وكان الموضوع الرئيسي الذي طرحه الحاخام العسكري برتبه النقيب: "يجب أن لا ننسى الأصول التوراتية التي تبرّر هذه الحرب ووجودنا هنا بسببها. إنّنا نؤدي ونحن واجبنا الدّيني كيهود. إنّ الواجب الديني كما في تقاليدنا المقدّسة هو احتلال الأرض من العدو.".([11])
كما أصدرت الحكومة الاسرائيلية عام 1983 بعد مذابح لبنان سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية (لاحياء ذكرى يشوع) الطابع الأول مخصّص لعبوره الأردن. والطابع الثاني مخصّص لاحتلال أريحا، أمّا الثالث فيمثّل يشوع وهو يّوقف الشمس ليتمكن من إنجاز المعركة والقضاء على خمسة ملوك كنعانيين. ([12])
وفي خطاب لاسحق شامير أمام الكنيست الاسرائيلي بتاريخ 20/10/1986 أكدّ فيه أنّ حكومته ستعمل على تكثيف المستوطنات اليهودية على كامل أرض اسرائيل الكبرى، وأنه لا يوجد أي فرق بين المناطق الاسرائيلية إذ لا يوجد في فلسطين إلاّ شعب واحد هو شعب إسرائيل ولا أرض إلاّ أرض واحدة هي أرض إسرائيل."([13])
إنّ برامج الأحزاب الاسرائيلية هي برامج مستمّدة من التعاليم الدينية اليهودية (التوراة-التلمود). وجميعها تستحضر التاريخ وتسعى لتطبيق برامجها على أساس هذه التعاليم الغيبية. ومن مبادئ هذه الأحزاب "التمسّك بوحدة أرض إسرائيل في حدودها التاريخية، وضرورة عودة الشعب اليهودي إلى وطنه الأم، واعتبار هذه العودة حقيقة واقعية، بل ضرورة من ضرورات حياة اليهود أينما وجدوا والتأكيد علىإرساء مجتمع جديد يكون التوراة دستوراً له.
[/align]
q تزييف الآثار العربية في فلسطين: [align=justify]
إنّ الحركة الصهيونية ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدعم من المؤسسات والحكومات الغربية، نشطت لتوجيه المفهوم التاريخي في فلسطين لينسجم مع الفكر الصهيوني ومنطلقاته، وسلب الشعب العربي الفلسطيني أرضيته العربية وهويته الحضارية بتحريف تاريخه وتراثه وإنجازاته الحضارية.
لقد تأسّست كثير من الجمعيات الاستكشافية في أوروبا غايتها التنقيب والبحث في فلسطين لاثبات صحة ما جاء في التوراة خدمة للأفكار الصهيونية كالحقّ التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين.
شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر تأسيس كثير من الجمعيات الأثرية التوراتية التي أخذت من التوراة منطلقاً لدراساتها وأعمالها الميدانية منها:
-صندوق استكشاف فلسطين -التي تأسّستْ عام 1865، وفي العدد الأول من مجلة هذه الجمعية 1869 كتب على الغلاف "جمعية من أجل البحث الدقيق والمنّظم في الآثار والطبوغرافيا والجيولوجيا والجغرافية الطبيعية والتاريخ الطبيعي وعادات وتقاليد الأرض المقدّسة لغاية التوضيح التوراتي.
-الجمعية الأمريكية للأبحاث الفلسطينية التي تأسّستْ عام 1870، وتضمّن برنامجها نداء "إلى الضمير الديني مسيحياً كان أم يهوّدياً من أجل البرهنة على صحّة الكتاب المقدّس.
-جمعية الآثار التوراتية 1870 وهي جمعية بريطانية من أهدافها "البحث في الآثار والتسلسل الزمني والتاريخ القديم والحديث لبلاد آشور والجزيرة العربية ومصر وفلسطين وغيرها من المناطق التوراتية.
-المدرسة الفرنسية للدراسات التوراتية والأثرية. وقد أسّسها الدومنيكان عام 1890.
-الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية 1897.
-الجمعية الألمانية للأبحاث الفلسطينية 1877.
-المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية وقد أُنشئت في القدس 1900
-المدرسة الفرنسية للدراسات التوراتية ومركزها القدس 1892
-المعهد البروتستانتي الألماني للدراسات التاريخية في الأرض المقدّسة في مدينة القدس. 1902
-الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية، وقد تأسّستْ برعاية القيصر الألماني وفي الفترة الواقعة ما بين 1901-1904 أُوكلتْ هذه الجمعية مهّمة التنقيب في عدد من المواقع الأثرية إلى الباحث التوراتي (أرنست سيلين) في تل تعنك وتل المتسّلم.([14])
كانت فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى حافلة بالنشاط الأثري في فلسطين. وكان السعي متواصلاً للربط بين المواقع الأثرية وتلك التي ورد ذكرها في التوراة، استجابة لممارسات الحركة الصهيونية. ورغم الأعمال التنقيبية الكثيرة في هذه الفترة فقد كان أعضاء هذه الجمعيات يرون أنّ هذا النشاط الأثري لا يزال محدوداً أو فقيراً، نظراً لأنّ الامبراطورية العثمانية كانت تضع قيوداً وعوائق في وجه هذه البعثات الأثرية. وتحديداً في منطقة الحرم الشريف في مدينة القدس.
لكن بعد وقوع فلسطين تحت السيطرة البريطانية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى تكثّف النشاط الأثري فيها وزادت البعثات الأثارية وصارت أكثر حرّية وعنفاً في الكشف والتنقيب، وقد أنشأ المندوب السّامي البريطاني هربرت صموئيل عام 1920 دائرة للآثار الفلسطينية بإدارة "جو غارستانغ" من جامعة ليفربول.
استغلّ الصهاينة احتلال الانكليز لفلسطين ونشطوا في مضمار التنقيب والآثار، فقدم إلى فلسطين بُعيد الاحتلال "جوزيف كلاورتز" و"أليعازر بن يهوذا" وأوّل حفريات يهودية أجراها "ناحوم شلوش" في موقع إلى الجنوب من طبرية اعتقد أنّه يحتوي على كنيس يهودي. كما أرسلت الحركة الصهيونية" أليعازر ليباسركنيك" لدراسة الآثار الكلاسيكية في برلين فجاء إلى فلسطين عام 1922 وبدأ عمله الميداني بحفر عدد من المدافن قرب القدس، والتحق ببعض الدورات والمساقات الأثرية في المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية. ومن ثمّ أصبح محاضراً في الجامعة العبرية فأستاذاً إلى أن أصبح رئيساً لدائرة الآثار اليهودية في الجامعة نفسها. وقد دفع سوكنيك ابنه الذي غيرّ اسمه إلى "ييغائيل يادين لدراسة الآثار وكان هذا "ييغائيل يادين" أول رئيس لهيئة أركان الجيش الاسرائيلي. إلى أن أصبح أستاذاً للآثار في الجامعة العبرية وأشرف على عدد كبيرمن التنقيبات الأثرية وشغل منصب نائب لرئيس الوزراء الاسرائيلي .([15])
ومن الصهاينة البارزين من الجنسية الأمريكية "نلسون غلوك" الذي التحق عام 1928 بحفريات "وليم أولبرايت" الذي كان يرأس المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في القدس من عام 1919حتى عام 1936. وذلك في تل مرسيم. وبدأ نلسون غلوك مسوحات واسعة النطاق منذ عام 1932 في شرقي الاردن وأصبح يتجوّل في المناطق المختلفة حاملاً التوراة في يده، محاولاً تفسير وتأريخ المواقع التي يتعرف عليها من خلال العهد القديم (التوراة).([16])
كانت القدس الميدان الرئيسي للمنقبين بحثاً عن الأسوار التوراتية وقد كثفت بريطانية من حفرياتها التي أشرف على أكثرها "غارستانغ رفتيتان آدمز" 1920-1921 وهذه كشفت عن مخلفات هامة من الألف الثاني قبل الميلاد وحتى العصور العربية الاسلامية. وكانت تلك أولى أعمال التنقيب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، واتجهتْ بعثة بريطانية أخرى لمواصلة أعمال التنقيب 1929-1936 في أريحا "تل السلطان" بإشراف (غارستانغ) أيضاً.
وأجرت بعثة بريطانية أخرى حفريات فيما بين 1932-1938 في موقع "تل الدوير" في منتصف الطريق بين غزّة والقدس بإشراف (ستاركي) كما قامتْ بعثة بريطانية أمريكية شاركتْ فيها الجامعة العبرّية في موقع "سسطية" إلى الشمال الغربي من نابلس لتواصل العمل الذي بدأته جامعة "هارفرد" 1908-1910وقد استمّر عمل البعثة المشتركة بين 1931-1933 و1935 بإشراف (كروفوت) بمساعدة (كاتلين كينون) و(سوكنيك) كممثّل عن الجامعة العبرية . وفي عام 1968 واصل ( بازل هنسي) العمل في الموقع نيابة عن المدرسة البريطانية للآثار في القدس.([17])
واهتمت الجامعات والمؤسسات الأمريكية بالتنقيب والبحث عن الآثار في فلسطين، خاصّة بعد الحرب العالمية الأولى، وبدأت بعثاتها تتوافد إلى فلسطين وتقوم بالحفريات والتنقيب والبحث وقد تعدّدت وتنوّعتْ هذه البعثات. وتوزّعتْ في مناطق متعدّدة، وكلّها كانت تهدف إلى الرّبط بين الحوادث التوراتية والمعطيات التوراتية وبين هذه المواقع التي تكشف عنها.
ففي بيسان قامتْ جامعة "بنسلفانيا" بحفريات أشرف عليها عدد من الآثاريين منذ العام 1921 وكانت جامعة "شيكاغو" قد بدأت بحفرياتها في "تل المتّسلم" -مجدو- وقد استمّر عمل البعثة منذ عام 1925 وحتى عام 1939. وقامت المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في "تل بيت مرسيم" بحفريات واسعة إلى الجنوب الغربي من الخليل، وقد أشرف عليها (وليم أولبرايت) حوالي أربعة مواسم 1926-1932. وكان (أولبرايت) يحاول تفسير الطبقات من خلال المعلومات والحوادث التوراتية وهذه المدرسة أيضاً أجرت حفريات في "تل النصبة" شمالي القدس واستمرت من عام 1926 وحتى عام 1935 بإشراف (ماكون) الذي اتبع اساليب (أولبرايت) التوراتية في التنقيب. وتابعت هذه المدرسة أبحاثها في القدس في عدد من المواقع الأثرية، وقد سيطر على هذه الأعمال الميدانية أيضاً أسلوب التوراتيين ومنهجهم.([18])
بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين 1948 وانسحاب قوات الانتداب البريطاني عن المنطقة. أُنشئت "دائرة الآثار الاسرائيلية" التي أخذت على عاتقها القيام بالنشاط الأثري والتاريخي بشكل أوسع ضمن الاطار الثقافي للنظام الاستيطاني العنصري الجديد.
فجميع المواقع الأثرية في فلسطين أخذت تحمل أسماء عبرّية لإبعاد الصبغة العربية عنها لتُربط بالتاريخ الاسرائيلي، وذلك لتقوية الرّوح العنصرية وجلب المزيد من المهاجرين وكسب عطف الرأي العام الغربي. وقد دخلت هذه الأثار في منهاج التربية الوطنية لتبرير سياسة التوسع الصهيوني.
والصهيونية لا تزال تولي الآثار أهمية كبيرة وتسعى جاهدة للبحث والتنقيب من أجل الكشف عن التراث المزعوم. وأسلوب البحث الأثري الصهيوني يتضّمن بوضوح النّيات العدوانية لإسرائيل ومحاولاتها محو الشخصية العربية الفلسطينية، والحضارة العربية الفلسطينية، وإبراز الحضارة الاسرائيلية.
ولا بدّ من الاشارة إلى أنّه قد ظهر بين أصحاب المدرسة التوراتية تيار ناقد حذّر من الرّبط بين الآثار والتوراة من أمثال العلماء الألمان "البرشت آلت ومارتن نوث" والفرنسي الأب " رولاند ديغو" والهولندي "هانك، فرانكن" الذي جاء من خلفية دينية توراتية لكنّه غدا من كبار نقّاد الأثريين التوراتيين وأعلن أنّه لا يجوز المزج بين الآثار وأعمال التنقيب من جهة، والتفسير التوراتي من جهة ثانية. وأيضاً البريطاني "غوردن تشايلد" الذي أكدّ على أهمية البحث عن الآثار على أساس المادّية التاريخية كمنطلق للتطور الحضاري، وضرورة تكريس جميع الوسائل العلمية للكشف عن الآثار ومعالجتها من خلال وظيفتها وإطارها العام المرتبط بطبيعة المجتمع الذي وجدتْ فيه. وقد أثرّ على عدد من تلاميذه مثل "كاتلين كينون". التي حذّرتْ من الرّبط بين الحفريات الأثرية والحوادث التوراتية".([19])
إنّ هؤلاء لم يستطيعوا أن يعبثوا بضمائرهم لتشويه الحقائق فنقلوا الحقائق كاملة دون تشويه، وسعوا إلى تقديم المعلومات كما هي دون تزييفها كما فعل ويفعل غيرهم من الآثاريين الصهاينة الذين يتعمدون إخفاء الحقائق ومحو الحضارة العربية الفلسطينية، خاصّة بعد أن غدا حقل الآثار الفلسطينية مفتوحاً على مصراعيه أمام المنظمات الصهيونية، وأخذت تخطّط بشكل منّظم لخلق صورة تاريخية تتفق وأهدافها العنصرية العدوانية.
[/align]
qq
=======================
[align=justify]
[1] -المذهب العسكري الاسرائيلي -هيثم الكيلاني -مركز الأبحاث -بيروت 1969-ص25
[2] -احذروا الصهيونية -يوري إيفانون -منشورات وكالة أنباء نوفوستي 1969 ص39-41
[3] روجيه غارودي -فلسطين أرض الرسالات السماوية - ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم- الطبعة الأولى -ص303
[4] -الموسوعة الفلسطينية "مدخل إلى دراسة القضية الفلسطينية" محمد الفرا- المجلد الخامس القسم الثاني-الطبعة الأولى بيروت 1990- ص267.
[5] -بيير ديميرون -ضد اسرائيل -ترجمة حسيب كيالي - ص24.
[6] -فلسطين أرض الرسالات السماوية -روجيه غارودي- ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم -ص154
[7] -نفس المصدر ص 154
[8] -نفس المصدر ص 300
[9] -نفس المصدر ص 300
[10] -فلسطين أرض الرسالات السماوية -روجيه غارودي -ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم الطبعة الأولى -ص154
[11] -نفس المصدر ص 155
[12] -نفس المصدر ص 156
[13] -مدخل إلى دراسة القضية الفلسطينية -الدكتور محمد الفرا- الموسوعة الفلسطينية. القسم الثاني -ا لمجلد الخامس. الطبعة الأولى بيروت 1990.
[14] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد. الدكتور معاوية إبراهيم -الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد الثاني- الطبعة الأولى بيروت 1990-ص7-9-
[15] -نفس المصدر ص 10.
[16] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الدكتور معاوية إبراهيم - الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثاني - الطبعة الأولى -بيروت 1990-ص10
[17] -نفس المصدر ص 11
[18] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الدكتور معاوية إبراهيم- الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني- المجلد الثاني- الطبعة الأولى - بيروت 1990 ص12
[19] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد- الدكتور إبراهيم الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثاني - الطبعة الأولى -1990-ص13
[align=center]يتبـــــــــــع>>>[/align]
[/align]
|
|
|
|