بسم الله الرحمن الرحيم
اجدد التحية لكل الاحبة الكرام
احب ان اضيف في هذه المداخلة ان عالم الجمال هو أول من اقتحمته موجة العولمة التي قادتها الدول الاستعمارية و في مقدمتها الولابات المتحدة الامريكية
و قد بدأت منذ تاسيسها على ارض الهنود الحمر التي حاولت طمس هويتهم باجتثاث حضارتهم التي كان الزي و طريقة التجميل هي اهم ما يشير و يرمز اليها
فالزي و طريقة التجمل هي العامل الاساسي الذي يعكس حضارة الشعوب و ثقافتهم و معتقداتهم ايضا . ففي الحضارة الفرعونية مثلا التي تعتبر اول حضارة عرفت التجميل و مارسته بطقوسه متكاملة كانت النساء و الرجال ايضا يستعملون مواد طبيعية في التجميل يراعون فيها الناحية الصحية بالاساس إذ استعملوا مثلا كحلا طبيعيا من الاعشاب يقي العين و يحميها من كثير من الامراض و يقوي النظر ايضا مع العناية بوضعه بطريقة فنية ، كذلك زيوت طبيعية تدهن بها البشرة تقيها لسعات الشمس و حبيبات الرمال و تحميها ايضا من التجاعيد لتحتفظ المراة الفرعونية بنظارتها و شبابها الدائم لكن كل هذا كان مرفوقا بمعتقدات تضفي على النفس نوعا من السكينة و السمو الروحي تمثلت في طقوس و تعاويذ تتلى اثناء اعداد مواد التجميل او اثناء استعمالها كذلك كل الاكسسوارات المرافقة للزي و التي تتحلى بها السيدات او الرجال لها مضامين و رموز روحية . منها ما يجلب الحظ أو يدفع الشر و غير ذلك من المعتقدات .
عندما سيطرت الولايات المتحدة الامريكية و استطاعت أن تعزل حضارة الهنود الحمر و تبني كيانها الغاصب على جماجم ابناء الإنكا و الأزتك سجلت بذلك أول صفحة و اعتراف بمعاداتها للتاريخ و محاولاتها الفاشلة في صنع تاريخ آخر خاص بها تفرضه على الاخرين و ثقافة تمحو بها ثقافات الشعوب الاخرى فكانت الوسيلة الاكثر تأثيرا هي موضوع الجمال فأطلقت نموذجها الذي غزى العالم الذي كان يغرق في الحروب و التخلف و التراجع الاقتصادي ، نموذج هوليود فكان وجه مارلين مونرو الذي سوقته السينما و الاعلام الامريكي ليغزو العالم كأنموذج مثالي و وحيد لمقاييس الجمال و بعد فرض نموذجهم المبتدع بدأ راعي البقر الامريكي الذي يعاني من الافتقار للحضارة و التاريخ المشرف بعملية اغتصاب و تشويه لحضارات الغير خاصة منها حضارة الافارقة السود الذين لا يعترف بهم الا كعبيد . و لما كانت الحضارة الفرعونية جزئ متأصل من حضارة ذلك الجنس المنبوذ عنده و التي تحدت كل عوادي الزمان و بقيت آثارها جاثمة على ارض الكنانة تشهد لذلك الجنس الاسمر او الاسود بعراقة حضارته فإن هذا الراعي اللئيم الحاقد لم يجد امامه الا تشويهها فلجأ الى ابراز عمقها و روحها للعالم بالشكل و الهيأة التي تخدم صورته و ثقافته البديلة التي يريد ان يسوقها للعالم فقدم إبداعات فنية تتحدث عن الحضارة الفرعونية و الجمال الاسطوري الذي كانت تتمتع به نساء القارة السمراء ليس في الشكل فحسب بل في العقل و التربية التي كانت تكمل جمال المراة في ثقافة هذه الشعوب ، قدم كل هذا لكن في صورة " ليز تايلر " التي تقمصت شخصية كليو باترا ليسوق من جديد نموذه و عينته من الجمال و يطمس جمال المرأة السمراء ...
من هنا تاتي خطورة موضوع الجمال ، فهو يحتاج لتربية و تعليم و فهم و ليس تقليد فحسب بل ان اخطر شيء هو التقليد و اتباع الموضة العالمية في هذا المجال لان في هذا مساعدة للغير على طمس هويتنا و شخصيتنا و حضارتنا . لا باس من التبادل الحضاري و الاستفادة من معلومات الغير في كل المجالات و ضمنها موضوع الجمال لكن مع الاحتفاظ و احترام دائما النموذج و الشكل الذاتي او القومي لان الجمال يختزل الثقافة و العقيدة و الاعراف لكل الشعوب و يرسم ملامحها و هويتها .
سلمتم جميعا احبتي الكرام