[هدى نورالدين الخطيب]

[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/92.gif');background-color:deeppink;border:2px ridge deeppink;"][cell="filter:;"][align=justify]

[align=right]
مجدداً كل عام وأنتم جميعاً بألف خير
لا شك أن هناك ثوابت فيما يخص العقيدة والتوحيد بين الإباحة والمنع و كل ما جاء فيه حديث صحيح
توحيد وتنزيه الخالق وعزّ وجلّ وعدم المبالغة التي قد تفتح باب الشرك بالله سبحانه والكبائر في الإسلام معروفة، والرسول صلى الله عليه وسلم ، قال:
((الحلال بيّن والحرام بيّن))
مسألة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يجوز التوسع فيها و الحوارحولها.
أنا من المؤمنين بجوازها ضمن الضوابط الشرعية بعيداً عن البدع المحرمة، لم يثبت تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على أي من المذاهب الأربعة على مر العصور وبقي الاحتفال بالمولد الشريف في كل عام دون أن يعترض عليه أي من علماء الدين، حتى من هم على على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي وصف بالتشدد عن باقي الأئمة لم نسمع أو نقرأ أي اعتراض أو تحريم لاعتبار هذا اليوم عيداً، وظلّ جائزا عند كل المسلمين مع النصح والإرشاد بالالتزام بالضوابط الشرعية لهذا الاحتفال وعدم الإسراف والابتعاد عن الشبهات.
حقيقة التحريم هو تحريم جديد قاله علماء المذهب ( السلفي ) مؤخراً فقط..
لم يشر الرسول صلّى الله عليه وسلّم إطلاقاً إلى الاحتفال بيوم مولده الشريف لا إباحةولا منعاً، ولم يكن معروفاً أصلاً أو متبعاً عند العرب حتى في زمن الجاهلية السابق للإسلام الاحتفال بمولد أحد، وهذا شيء كان يجهله العرب تماماً كما نستقي من التاريخ.
الرسول صلى الله عليه وسلّم لم يحرّم التدخين لأن التبغ لم يكن معروفا ولهذا نجد حتى الآن من يحرمه من خلال حديثه الشريف: (( لا ضرر ولا ضرار )) بينما يكتفي غيرهم بجعله مكروهاً،بالإضافة لعدد من الأمثلة الأخرى في هذا الباب.
حين دخل أهل اليمن في الإسلام أعجب الرسول عليه أفضل السلام وأتمّ التسليم بالمصافحة وقال عنها نعم البدعة ( السلام باليد ) وأحب أن يسير الجميع عليها، وهذا ما كان، وهذه كما نعرف أول من ابتدعها أهل اليمن و اليوم يستعملها كل سكان الأرض.
و كلمة بدعة في اللغة / من ابتدع أي ابتكر أمراً لم يكن معروفاً / أي استحدث أمراً.
مع الفتوحات الإسلامية تعرف المسلمون على كثير من العادات التي لم تكن معروفة عندهم أصلاً وحصل تبادل حضاري فأخذوا و أعطوا فيما لا يتنافى مع عقيدتنا ولم يفكروا مطلقاً بأن التبادل يعتبر تشبها ممنوع يضر بالعقيدة.
تميّز أهل العراق بالاهتمام بالأحاديث النبوية الشريفة وصحتها واحتفلوا بيوم مولده صلى الله عليه وسلّم، وإن لم يكن لهم السبق، ثم أُعجب بهذا واقتبسه كل المسلمين ( الأستاذ مازن شرح الأمر بصورة دقيقة جداً أرجو الرجوع لشرحه الوافي) وأصبح يوم الثاني عشرة من شهر ربيع الأول هو اليوم الذي يحتفل به بالمولد النبوي الشريف ولم يمنع هذا في أي عصر من العصور.
لقد دخل إلى الاحتفال بالمولد كثير من البدع الممقوتة و حتى المضلّة كما دخل غيرها عن طرق مختلفة
كان للديانة المجوسية عند الفرس تأثير كبير باستحداث بدع تتنافى وعقيدتنا الإسلامية و دخلت إلينا غالباً عن طريق التشيّع والتصوّف وهذه أبواب كثيرة و لا نستطيع وضعها جميعاً في باقة واحدةو إنما ينبغي دراسة وتشريح كل واحدة منها على حدا.
بعيداً عن المذاهب نسأل كيف تسربت البدع الممقوتة إلى أهل السنة والجماعة عبرالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف؟
لاشك أنها جاءت عن طريق الحكم الفاطمي و الذي بقيت الكثير من عاداته حتى بعد أن انتهى، وإحدى أهم هذه العادات هو ما يعرف بالمولد في مصر حيث يجري ذلك المهرجان الكبير الذي يختلط فيه الحابل بالنابل ومظاهر أقلّ ما يقال فيها أنهابالعموم ليست من السنةالمطهرة والآداب الإسلامية في شيء.
كذلك عن طريق بعض مذاهب التصوف التي توغلت تأثراً بالمجوسية و البوذية وغيرها و كل هذه العادات الممقوتة والموبقات التي تحتاج صفحات لسردها كانت للأسف تجري في هذه الذكرى لمولد رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام و التي كان يتبعها الجهلة، ولا شك أن الفطرة السليمة في الإنسان السوي الذي نشأ على موائد التوحيد تجعله يستهجن تلك الموبقات و يرفضها لذا نجد في كل عصر لا يتبع مثل هذا وينخرط به غير الجهلة والرعاع.
من جهة أخرى في العراق و بلاد الشام حيث كان يتبع السواد الأعظم من الناس مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان مع قلة تتبع مذهب الإمام الشافعي، على سبيل المثال لا الحصر في لبنان المدن الإسلامية على مذهب السنة بيروت وطرابلس وصيدا، طرابلس وصيدا مثل معظم سوريا وفلسطين على المذهب الحنفي وفقط أهل بيروت على المذهب الشافعي، طبعاً هذا قبل المد السلفي.
أختم بصورة عن مظاهر هذا الاحتفال في لبنان خاصة وبلاد الشام والعراق عامة.
* جرت العادة على احترام هذا اليوم واعتباره يوم عطلة عامة حتى المناطق المسيحية احتراماً للمسلمين، أما الاحتفال به فكان يجري على النحو التالي:
يقوم شباب كل منطقة في ليلة المولد بالتجمع و البدء في حملة تنظيف كاملة للشوارع و الأحياء ويغسلونهابالماء والصابون
ثم يمدون حبال الزينة التي تتخللها يافطات من القماش واحدة عليها " الشهادتين " و أخرى "الصلاة على النبي" صلى الله عليه وسلم و " ولد الهدى فالكائنات ضياء " وعددا من الآيات القرآنية الكريمة التي تثني على الرسول صلى الله عليه وسلّم، كما اعتاد الناس على إنارة شرفات منازلهم ( لتعطي بهجة الإنارة) فكانت طرابلس – لبنان في ذاكرتي في مثل هذه الليلة شعلة من النور، أيضاً في ذلك اليوم مما أذكر فرق الكشافة الإسلامية كانوا يقومون بعرض فيمرون بالشوارع كافة وهم يصلّون على النبي ويثنون (عليه صلى الله عليه وسلّم) و كان هذاالعرض يعتبر قمة البهجة في مثل هذا اليوم الذي ينتظره الأولاد بفرح وحبور.
وكذلك الأمر في الشوارع والمساجد تجد أحد المشايخ يحدث من يتحلق حوله عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
واعتاد الناس على التجمع بعد صلاة العشاء فكان الرجال يتجمعون في منزل أحدهم و النساء يتجمعن على حدا و ليس في منزل واحد، بينما يتعهد البعض الأولاد الصبية في البيت الذي يجتمع فيه الرجال والبنات في البيت الذي تجتمع فيه النساء حيث يتابع قراءتهم وإنشادهم
يقرؤون ما تيسر من القرآن الكريم و عادة كلٌ يقرأ جزء وغالباً يختم القرآن الكريم في ذلك المجلس، بعد ذلك تتم قراءة السيرة العطرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم من يوم مولده إلى وفاته تتخللها أناشيد ينشدها الجمع مثل " طلع البدر علينا من ثنيات الوداع " و " أحمد يا حبيبي سلام عليك " و من كلماتها :
يا عون الغريب أحمد يا حبيبي سلام عليك، جئت بالقرآن من عند الرحمن سلام عليك، جئت بالتوحيد سلام عليك.... "
كان الناس يتصدقون بتجهيز المؤن للبيوت المستورة من أرّز وحمص وعدس وبرغل إلخ.. وكان يتم تحضير أنواع من العصائر مثل الخروب والسوس والأفندي والجلاب والتمر الهندي توزع على المارة والذي يصب يقول لكل من صب له كوباً "صلي على النبي" كذلك يوصي أغنياء المدينة على صدور كنافة بالقشطة توزع على المارة والفقراء ويضيفون التمر ويوزع على الأولاد بشكل خاص الشوكولا الملبس باللوز والغريبة إلخ..
والتكبير والحمد والثناء والصلاة على النبي في كل المساجد بعد كل أذان.
طبعاً هذا هو العام والسائد، ولكن كان أيضاً للمتصوفين احتفالاتهم عبر المديح وذلك الدوران مع لفظ اسم الجلالة الذي اشتهروا به، ولهم أماكنهم وزواياهم لمثل هذا وليس جزءا من الاحتفالات العامة.
هذا باختصار مجرى احتفال المولد في العراق وبلاد الشام.
دائماً كانت تحاول البدع الخبيثة أن تجد لها سبيلاً فقد ظهر لفترة كتاب للمولد ( سيرة النبي صلى الله عليه وسلم) عرف هذا الكتيّب باسم: ( مولد العروس ) لاقى رواجاً لفترة بين الجهلة وفيه مجريات غريبة ومدسوسة عن فترة حمل والدة الرسول به صلى الله عليه وسلم مثل شق الجدار وظهر لها في اليوم الأول كذا و في اليوم الثاني كذا إلخ
و لكن سرعان ما تم تطويقه وسحبه من الأسواق وإتلاف نسخه ( تحت بند إسرائليات) و أصدر مفتي لبنان فتوى بمنعه من التداول وأظن ذات المنع والتطويق حصل في كل مكان وجد به هذا الكتاب المدسوس.
والسؤال هنا إن يكن المنع ضد التجاوزات فعلام منع الابتهاج بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم إن يكن الاجتماع على قراءة القرآن وقراءة السيرة والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتصدق على الفقراء، وأي ضير بالاحتفاء على خير و كلام الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم و حفظ السيرة وتحفيظها للأولاد؟؟!!
كلنا حفظنا السيرة العطرة وكل الأناشيد الإسلامية منذ كنا أطفالا صغارفي هذه المناسبة تحديداً.
[/align][/align]

[/cell][/table1][/align]