عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 03 / 2009, 03 : 05 PM   رقم المشاركة : [1]
د. ناصر شافعي
كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية د. ناصر شافعي
 





د. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud ofد. ناصر شافعي has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

منهم نتعلم الطيران !

منهم نتعلم الطيران !
د / ناصر شافعي


حيث توجد الطفولة يوجد بداخلها عالم اللامعقول واللاواقعي .. عالم الخيال و الإبداع . فالطفل يستطيع أن يقفز و يطير في عالم الخيال اللامحدود , ويزيح بيديه الصغيرتين ستار العقل و النضج و النظام , ليدخل إلي عالم اللانضج و اللانظام .. حيث التجاوز و التجريب , هنالك لا تحتسب الأخطاء والتخريب و المحاولات الأولى وتجارب الفشل .. وتحسب فقط النجاحات و الإبداعات و أفكار الأمل .

محاولات الكبار لدخول هذا العالم – علم اللاواقعية و اللامعقول – ماهى إلا إقتحام لعالم خيالات و إبداعات الطفولة . يحاول الكبار تعليم الطفل قوالب الحفظ و الترديد و التلقين للموروثات القديمة و الأفكار و العادات الرتيبة السائدة .. يمنع الطفل من أن ينتهج أساليب طفولية تتميز بالبساطة و التلقائية و العفوية ..

يبدع الأطفال .. فينبهر الكبار !
يتساءل الكبار : من أين أتتهم الفكرة ؟ ومن أين إكتسبوا هذه القدرة ؟ ماهو سر هذا الإبداع ؟
أهؤلاء لا يعلمون أن سر النجاح و الإبتكار و الإبداع لدى الطفل هو البساطة و الصدق و التلقائية و العفوية !

إن الأطفال يعبرون عن أفكرهم و أحلامهم و مخزون ذاكرتهم بطريقة تلقائية بسيطة , لم يلوثها بعد أساليب و أنماط الكبار المنظمة , المرتبة , المنمقة , المملة .. التي تحسب وتدرس تفاصيل كل شئ وتضع له مئة خطة و ألف حساب.. الأطفال يبكون و يصرخون .. يضحكون وينفعلون بصدق وتلقائية , يكسر ويحبط هذا الصدق أوامر و تعليمات الكبار .. "لا تفعل" .. "لا ينبغي" .. " لا يجوز " .. " توقف " .. " تحرك " .." إجلس " .. " أسكت " ..

تزداد الأمور تعقيداً لدى الطفل عندما يجد نفسه مجبراً على إتباع أوامر وتعليمات الكبار .. مجبراً على تنفيذ مطالبهم .. محاطاً بأسوار الممنوع و المحذور .. محروماً من المطلوب و المرغوب . ويبقى الطفل دائماً داخل الأسوار الحديدية المحاطة بالكرة الفولازية المغلقة .. لا يجوز له الخروج منها أو اللعب و اللهو والإنطلاق خارجها.

لا يحطم خيال الطفل الجميل المُبدع , وواقعه المُشرق المُبهج سوى أحداث مُؤسفة أو أوامر مُحبطة يصنعها الكبار , أو تخلقها الأقدار .. فتجبر الطفل على الهبوط إلى واقع ونمط حياة الكبارالقاسية المعقدة , بكل جمودها وجموحها .. و تعقيداتها وحدودها و حواجزها .. فينفذ التعليمات بكل حرفية..بدون إستقلالية. لا يخرج عن القواعد و المألوف , لا في الواقع ولا حتى في الخيال .. تموت الأفكار الجديدة و الجميلة في عقله قبل أن تولد , وتجهض كل المحاولات و الابتكارات العجيبة والغريبة في خياله قبل أن تنضج .. ويتحول عقل الطفل الصغير إلى سجن كبير !

قذائف متلاحقة من الأوامر و النواهي و المحظورات والممنوعات تصيب عقله وفكره الطليق , فيكف عن التحليق و الطيران .. ويجبر على السير بخطوات بطيئة متثاقلة خلف أقدام الكبار .. على نفس الطريق وبنفس الأسلوب و المنهج , ويصبح الطفل دمية في صندوق تتكلم وتتحرك بإرادتنا – نحن الكبار – تتعلم وتردد مانقول , ومانريد أن يكون !
حتى الغناء فرض و إجبار لترديد أغنيات الكبار .. ببغاوات تحاكي الأصل في الكلمات , وفي تتبع اللحن و الإيقاع , في درجة الصوت .. وفي السكوت ! " هيا كن مثلنا " , " سر على نفس النظام " و " إياك و الخروج عن القضبان ".. " أنت الآن رجلاً " !

نظرة إلى وجوه أطفالنا .. شيخ في قناع طفل .. وامرأة في قناع فتاة ! .. أصباغ وألوان تلطخ وجوه الأبرياء .. تمسح علامات الطهارة .. وتمسخ تقاسيم البراءة .. تشوه الحلم الجميل و تحطم الأمل الجديد .. إننا نصب عليهم ذنوبنا و همومنا و مشاكلنا .. ونعاقبهم بدلاً من أن نعاقب أنفسنا .

لماذا نقتل طاقة الخلق و الإبداع لدى الطفل ؟
لماذا نخنق بأيدينا الطلاقة و العفوية لديهم ؟
لماذا نمنع طائر الخيال و الأحلام و الإبتكار من أن يحلق ويطير و يرفرف بجناحيه ويجوب أقطار السماوات و الأرض ؟
لماذا نسجن طائر التلقائية الطفولية الفطرية في قوالبنا ا لجامدة و في سجون عقولنا وأفكارنا الثابتة المتحجرة ؟

لابد من إطلاق طائر الحلم و الخيال و الإبتكار و الإبداع لدى الطفل , لكى يطير و يحلق ويعبر بصدق عن شخصيته الإبداعية الطفولية , فيحاول ويجرب .. يفشل وينجح .. ينطلق و يبدع .. ويعلمنا – نحن الكبار – كيف نطير في سماء الخيال و الفكر والإبداع .. فمنهم نتعلم الطيران .

تحياتي .. د/ ناصر شافعي

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. ناصر شافعي غير متصل   رد مع اقتباس