عرض مشاركة واحدة
قديم 29 / 03 / 2009, 19 : 11 PM   رقم المشاركة : [20]
سليم عوض علاونة
أديب وقاص، عضو مؤسس -اتحاد الكتاب الفلسطينيين - غزة، عضو دائم في منتديات نور الأدب

 الصورة الرمزية سليم عوض علاونة
 





سليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond reputeسليم عوض علاونة has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: من مواليد حيفا- فلسطين

( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة الرابعة ’’

[align=center][table1="width:95%;background-color:orange;"][cell="filter:;"][align=center]
(( صور .. باللون ألحمر ))
بقلم / سليم عوض علاونه
_________________
" المجموعة الرابعة "
( الصورة الأولى )
رفضت المرأة المسنة أن تغادر المنزل .. حاول الأبناء والأحفاد ثنيها عن ذلك دون جدوى .. راحوا يشرحون لها الأمر .. فإن المنزل معرض للقصف في كل لحظة .. وهم بصدد الانتقال إلى مكان آخر آمن .. ولكن المرأة المسنة رفضت مجرد الاستماع للحديث .
اقترح بعضهم أن يحملوا المرأة عنوة ..وإجبارها على مرافقتهم ومغادرة المكان .. فلما بدأوا بتطبيق ذلك على أرض الواقع .. كانت المرأة المسنة تصرخ وتولول بشدة .. وتتماسك بجدران المنزل وأبوابه .
فكر الأبناء والأحفاد في كل الحلول الممكنة لثني المرأة عن عزما فلم يستطيعوا شيئاً .. أكدت لهم بأن الموت حق .. وأنه ( يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) وأن لا مفر من أمر الله .
سمعوا أزيز الطائرات المخيف التي تحوم في المكان .. لم يكن هناك متسع من الوقت للتأخير أكثر .. هرول الجميع إلى الخارج .. وحاول بعضهم سحبها بقوة إلى الخارج لمرافقتهم دون جدوى.
فرشت " سجادة الصلاة " وبدأت بالصلاة .. بخشوع .
ركبوا في السيارة جميعاً .. قاد الأب السيارة مبتعداً عن المكان بأقصى سرعة ممكنه للنجاة من القصف المؤكد والمحتم .
طائرات الاستكشاف ما زالت تحلق في السماء بكثافة .. ترافقها الطائرات الأخرى من كل الأشكال والألوان .
بعد لحظات قليلة .. فعلاً .. كانت الطائرات تصب جام غضبها بقذائفها المتباينة المتتالية .. والتي أصابت هدفها بكل دقة .
كل من في السيارة احترق .. تفحم .. وما زالت المرأة العجوز تصلي .
+++++++++++++++
( الصورة الثانية )
فتاة رائعة هي .. رائعة الجمال .. الأخلاق .. الدين .. العلم والثقافة ..
تقدم لها " العرسان " الكثيرين .. فرفضت الزواج أو مجرد الارتباط قبل أن تتم تعلميها الجامعي .. فكان لها ما أرادت .
بعيد حصولها على الشهادة الجامعية العليا .. تقدم لخطبتها أحد الأطباء .. والذي كان يحاضر لها لبعض المواد العلمية الجامعية .. والذي أعجب بقوة شخصيتها .. ودماثة طبعها.. وحسن خلقها .. وتمسكها بأهداب الدين .
تمت " الخطوبة " في حفل عقد قران شهده الجميع .. وكان حفلاً مميزاً.. على أن يتم الزواج بعد أشهر قليلة .
وقد كان .. ليس أمر الزواج بالطبع ..ولكن الحرب المجنونة .. الغادرة .. المستعرة التي شنها العدو بحمق وجنون ..
أصاب الدمار كل الأمكنة .. كل شيء .. وأصاب الموت كل البشر .. وكل ما هو ينبض بالحياة ..
قام الجميع بزيارتها وهي ترقد في السرير الأبيض .. رددت بصوت تخنقه العبرات المتحجرة في المآقي :
-لست أدري ... هل سيقبل بي خطيبي الدكتور زوجة أم لا ؟؟ ..خاصة وأنني قد فقدت قدمي اليسرى.. ويدي اليمنى ؟؟؟ .
اقترب أحدهم منها .. تمتم بصوت متحشرج :
-لقد جئنا من طرف الدكتور .. من أجل هذا الأمر بالذات .. إنه في الحجرة الأخرى المجاورة لحجرتك هذه ..
إنه أرسلنا إليك .. لكي نسألك نفس السؤال ... هل تقبلين به زوجاً أم لا ؟؟؟ .. خاصة وأنه قد فقد كلتا قدميه ... وكلتا يديه ؟؟؟!!!!
+++++++++++++++++++++++++
( الصورة الثالثة )
بعد أن احتل جنود العدو المنزل وأقاموا فيه لبعض الوقت .. قاموا بنسفه على رؤوس من به من سكان آمنين ..
صرخ العجوز بصوت مدوٍ تخنقه العبرات وهو يخرج من بين الركام .. بعد أن عاد لمنزله المهدم .. والذي أصبح حطاماً .. وبعد أن أخرجت الجثث المتفحمة من تحت الركام .. صرخ العجوز :
-الله اكبر ... الله أكبر
رغم أن الجميع كانوا يصرخون بنفس العبارة .. إلا أن صراخ العجوز كان يغطي على كل الأصوات الهادرة..
التف القوم من حوله .. راحوا يرددون النداء بصوت مجلجل كالرعد :
-الله أكبر ... الله أكبر
اقترب منه أحد الجيران مواسياً :
-عوضك الله في منزلك ... عوضك الله خيراً .
صرخ العجوز بحدة :
-أنا لا أبكي لضياع البيت .. مطلقاً .
هتف آخر يحاول أن يهون الأمر على صاحب المنزل :
-لتحتسب زوجتك وأبناءك شهداء في الجنة .
هدر العجوز بحدة :
-أنا لا أبكي الشهداء .. فهم في رحاب الله .. في جنات الله ..
ردد ثالث :
-إذاً .. علام الصراخ والنحيب ؟؟!!
رفع العجوز بيديه نحو السماء .. وهو يصرخ هادراً مزمجراً :
-انظروا .. انظروا جميعا ..انظروا كيف لطخوا المصحف الشريف بالقاذورات .. كيف دنسوه بالأوساخ .. بالبراز .. هذا هو ما حرقني ... ما قتلني ... الله اكبر .. الله أكبر .
تردد التهليل والتكبير في جنبات الأرض مرافقاً للتكبير والتهليل المدوي .. الآتي من كل مكان .. من كل مآذن المدينة والمدن الأخرى .. فراحت تردده السماوات العلى .. بخشوع .
++++++++++++++++++
( الصورة الرابعة )
تكرر النداء بطلب النجدة والإسعاف لعدة مرات متتالية من الجيران المحيطين بالمنزل الذي تم استهدافه بالقصف المدمر .. لم تستطع سيارات الإسعاف الوصول إلى المكان .. لأن القصف المتوالي المعربد يطال المنطقة بالكامل .. ولأن المنزل يقع في مكان ناءٍ .
تكرر النداء لسائق الإسعاف بضرورة التوجه إلى ذلك المنزل الذي أصيب إصابة مباشرة بصاروخ طائرة " الأباتشي" اللعينة .
حاول سائق السيارة الوصول إلى المكان بشتى الطرق والوسائل دون جدوى .. فقوات العدو المدججة بالسلاح والآليات تحاصر المنطقة بالكامل .. وتمنع الدخول بشكل مطلق .. والقصف المتوالي ينزل بحمم جهنم على المكان .
بعد جهد جهيد ووقت طويل ... استطاع الوصول بسيارته إلى المكان .. وبصعوبة بالغة .. ومخاطرة جسيمة .
ترجل السائق من السيارة برفقة مساعده .. والطبيب المرافق .. إطلاق القذائف ما زال يحيط بهم من كل جانب .. وأخيراً وصلوا إلى المنزل الذي تم قصفه .. والذي ما زال يتصاعد منه الدخان .. (و) الغبار ..
دخلوا المنزل بصعوبة بالغة .. وصلوا الشقة التي أصيبت إصابة مباشرة بصاروخ الطائرة ... قبل أن يدخلوها .. ثمة امرأة مسنة كانت تجلس بين الأنقاض .. وسط رائحة الموت .. الدمار .. وأكوام الأشلاء ؟؟!!.
هتفت بهم بصوت واهٍ متحشرج وعيون متقدة كالجمر :
-لماذا تأخرتم في الحضور حتى الآن يا أبنائي ؟؟ .. على كل حال .. فأنا قمت بالمهمة ؟؟!!
مدت المرأة المسنة يدها ناحية أكوام الأشلاء المتراصة ... تمتمت :
-خذوا يا أبنائي .. هذا الرأس هو رأس ولدي أحمد .. وهذه يده .. وهذه قدمه .. فهذا كل ما تبقى منه .. فأنا أعرف معالم جسده جيداً .. .. فأنا أمه ..
وتلك أشلاء ولدي محمود .. فأنا أعرف كل أجزاء جسمه .. وهذه أشلاء ولدي ... وهذه أشلاء ولدي ... وهذه ..
كان السائق ومرافقه والطبيب يقفون مشدوهين .. بينما كانت المرأة المسنة تقوم بتسليمهم أكوام الأشلاء .. وتعدد أسماء أصحابها من الأبناء .
.. ما إن انتهت من عملية تسليم الأشلاء حتى هتفت بهم :
-وهذه التي هناك ... هي ابنتي الوحيدة .. لقد أصابتها الحروق الشديدة .. لقد سترها الله في الدنيا .. وسيسترها في الآخرة بإذنه تعالى.. فهي لم تتقطع إلى أشلاء .. لقد بقيت كما هي .. جثة .. متكاملة .. ولكنها .. محترقة .. متفحمة .
حمل الرجال الأشلاء .. والجثة المتفحمة .. ولم يلبث صوت المرأة المسنة أن طاردهم بوهن شديد ..وصت واهْ مختنق ..
-انتظروا .. انتظروا قليلاً .. فهناك ثمة أشلاء لم تتسلموها بعد .. فهذه قدمي .. وهذه يدي .. المبتورتين ؟؟؟!!!
++++++++++
( الصورة الخامسة )
لم تتناول الأسرة أي رغيف من الخبز الطازج طوال أسبوعين أو ما يزيد .. كانوا يتناولون فتات الخبز الجاف .. ذلك إذا تيسر لهم وجوده أصلاً .. كانوا يتناولون وجبة متواضعة فقط في اليوم .. فالمخابز قد توقفت عن العمل لنفاذ ما لديها من دقيق .. وعدم وجود البترول .. الكهرباء .. الغاز ..
استغل الأب فرصة الهدنة المزعومة لمدة ساعات قليلة .. قامت الزوجة بتجهيز بعض الدقيق .. على أن يقوم الزوج بنقله بسيارته الخاصة إلى المخبز البدائي الذي قام بصنعه صديق له في منزله .. والذي يستعمل له الكرتون والحطب والورق والأشياء الأخرى ..
ألح الأطفال بمرافقة الأب .. وكذلك الزوجة .. خاصة وأنهم خلال الأسبوعين المنصرمين لم يخرجوا من المنزل على الإطلاق .. لم يروا النور ... فأذعن الأب لمطلبهم بعد إلحاح شديد .
وصل الجميع حيث منزل الصديق .. وتم الحصول على الخبز الطازج ، سعد الأب والأطفال بذلك .. فهم اليوم سيحصلون على أول وجبة من الخبز الطازج منذ مدة طويلة .
وضعوا أرغفة الخبز بوعاء كبير فوق ظهر السيارة .. بعد أو وزع عليهم الأب رغيفاً من الخبز لكل طفل .. فأطبقوا على أرغفتهم بنهم شديد واستعدوا لقضم بعض الشيء منها .
صاروخ رهيب لطائرة حمقاء قصفت السيارة بجنون .. فأحرقتها تماماً ..
يؤكد جميع الذين قاموا بالإسعاف والنجدة .. بأن الأب الذي كان يقود السيارة قد تفحم تماماً وهو ما زال يمسك بقوة بمقود السيارة .. بينما انصهر جسد الأم في بوتقة متفحمة تحوي جثتها وجثث الأطفال الذين كانت تطوقهم بقوة .. محاولة إبعاد الخطر عنهم ؟؟!! ويؤكدون بأن الأرغفة ما زالت كاملة .. متفحمة بين أيدي الأطفال .. قريباً من أفواههم ؟؟!!
المصادر الإسرائيلية .. وبعد لحظات .. كانت تعلن عن قصف مجموعة من رجال المقاومة .. رصدتهم طائرة الاستطلاع .. وهم يستعملون الأطفال كدروع بشرية ؟؟؟!!... وهم يستقلون سيارة تحمل عدداً كبيراً من الألغام ؟؟!!
+++++++++++++++++++



( الصورة السادسة )
كانا على طرفي نقيض .. حقاً بأنهما شقيقان .. ولكن كان لكل منهما خط سير مختلف تماماً .. فكانا على عدم وفاق مستمر .. وفي حالة خصام دائم.
انحرف أحدهما عن جادة السبيل .. بعد أن استولى عليه الشيطان .. فأمات ضميره ..وانصاع للشيطان ومغرياته .. يأتمر بأمره .. فاختار الدنيا ومغرياتها وآثامها الشيطانية .. وكان إسقاطه وبشكل شنيع في مهاوي الخيانة وأوحال العمالة .
أما الآخر .. فكان على النقيض من ذلك تماماً .. شاب اختار الآخرة على الدنيا .. وطلب الشهادة والاستشهاد في سبيل الله .. والوطن ..
استمر الخصام بينهما واشتد .. مما اضطر الشاب المناضل لردع شقيقه عدة مرات .. فلما وجد أن لا فائدة منه .. ترك له منزل العائلة كلياً .. وقرر أن يستأجر منزلاً آخر بعيداً عنه .
أحس الأول بأن الظروف العصيبة التي يمر بها الجميع هي فرصته الحقيقية للانتقام من شقيقه .. وأن الفرصة قد حانت له لرد الصاع صاعين ؟؟!! .
أكد البعض بأن المنزل قصف بالجو من طائرة حمقاء .. بينما أكد البعض بأن القصف كان من دبابة مجنونة .. والبعض أقسم بأنه كان من البحر من طراد غادر .. .. والآخرون .. أقسموا بأن القصف كان من كل ذلك .. ومن كل مكان ..
شعر الفاسق الخائن بالسعادة ؟؟!! .. قهقه كشياطين جهنم ..قرر أن يمتع ناظريه بمشهد منزل شقيقه المحترق ؟؟!! .. قرر أن يكحل عينيه بمشهد جسد شقيقه المتفحم ؟؟!! .. هرول ناحية منزل شقيقه .. مع من هرول والذين كانوا يتسابقون للإنقاذ والنجدة والإسعاف والمساعدة .. ولكن أي من هذا أو ذاك لم يكن هدفاً للشيطان بالطبع .
راح يراقب الجميع وهم يخرجون الجثث المحترقة من تحت الأنقاض والركام .. قهقه عالياً عندما رأى جثة زوجة شقيقه .. ودوت ضحكاته المجلجلة كشياطين جهنم عندما رأى جثة شقيقه .
لم يلبث الشيطان أن كف عن الضحك الشيطاني المجلجل .. عندما أخرجوا جثة أخرى .. بهت .. جحظ .. صرخ كالمجنون :
-من ؟؟!! .. جثة أبي ؟؟!! .. أوه .. وجثة من تلك أيضاً ؟؟!! .. جثة أمي ؟؟!! .. وجثة من هذه ؟؟؟!! .. أوه .. إنها جثة زوجتي .. وجثث من تلك ؟؟!! ... إنها جثث أولادي جميعاً .... ماذا أتى بكم إلى هنا الآن ؟؟!! في هذا الوقت بالذات ؟؟!! لماذا أتيتم الآن ... لماذا ؟؟؟؟!!!
[/align][/cell][/table1][/align]
سليم عوض علاونة غير متصل   رد مع اقتباس