رعد الغضب
كان رذاذ المطر يصطدم بوجهه متتابعا وهو يسير هائما على وجهه،ينظر إلى لا شىء وكأن عقله قد توقف عن التفكير ؛ بعد الذي حدث كان لايصدق أن زوجته وأولاده قد ثاروا عليه بعد كل هذه الأعوام لمجرد أنه أصبح منذ فترة عاطلا عن العمل بعد المعاش المبكر،( أنت هتقعد لنا كده فى البيت يا بابا من غير لا شغلة ولا مشغلة...وإحنا مش عارفين نعمل إيه فى المصاريف اللى بأت نار ) كان هذا صوت ابنته حنان التى كانت تردد كلمات أمها التى طالما رددتها كثيرا بعد المعاش المبكر، ثم أفاق على صوت فرملة شديدة بجواره مختلطة بسباب السائق وعبارة( فوقوا بأه الله يخرب بيوتكم هتودونا فى داهية مش كفاية قرف قانون المرور والنهيبة بتاعته) تذكر كلام صديقه سالم وهو ينصحه قائلا : ياصاحبى بلاش تعطى فلوس ومكافأة المعاش المبكر لمراتك ممكن تشوطك بعد كده تاريخها معاك مايبشرش بالخير، فقال له :لأ إن شاء الله هتبقى كويسة ." ولم تطل فترة السكون فى البيت بل تبخرت مع تبخر ذكرى ملمس الأشياء التى أشترتها الأم لنفسها ولأولادها، (معلش ياخويا أنا عنت قرشين للزمن بعيد عن أيدك) كانت تلك آخر كلمات زوجته إليه دون صراخ فقد ظل صراخها يصك أذنه دائما تؤنبه لعدم بحثه عن عمل وهو مازال قادرا على العمل( يابنى هما الشباب لاقين شغل علشان تلاقى إنت شغل ريح نفسك وعيش حياتك بالمليمين بتوع المعاش ) هكذا نصحه صديقه سالم.
وأستمر المطر يشتند والهواء يثير كل مافى الشارع من مخلفات حتى لطمت وجهه بعنف بقايا صحيفة نزعها من على وجهه بغضب ونظر إليها ووجد عنوانها الرئيسى ( الحكومة تجعل همها الأول الإهتمام بمحدودى الدخل)( الخصخصة ستعود أموالها على الشعب بالخير والرخاء والرفاهية) . فضحك ضحكة هستيرية عالية نافس صوتها صوت الرعد المصاحب للمطر وظل الصوتان يرتفعان فى تصاعد درامى ...صوت الضحكة الهستيرية التى تشق ستائر المطر المسدلة من السماء... وصوت الرعد الغاضب الصادر من بين ركام السحب السوداء..المتراكمة
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|