11 / 04 / 2009, 33 : 11 PM
|
رقم المشاركة : [40]
|
أديب وقاص، عضو مؤسس -اتحاد الكتاب الفلسطينيين - غزة، عضو دائم في منتديات نور الأدب
|
( صور ... باللون الأحمر ) " المجموعة الثامنة "
[align=center][table1="width:95%;background-color:orange;"][cell="filter:;"][align=center]
السادة / موقع نور الأدب الكرام
اسعد الله اوقاتكم بكل خير
أرجو أن أرسل لسيادتكم
" المجموعة الثامنة "
من العمل الأدبي ..
( صور ... باللون الأحمر )
للتكرم بنشرها في موقعكم الكريم
واحة الأدب - القصة القصيرة - .
شاكراً لسيادتكم تكرمكم الدائم بنشر أعمالي الأدبية
في مجال القصة القصيرة ..
ولسيادتكم جزيل الشكر وفائق التقدير
أخوكم المحب
سليم عوض علاونه
+++++++++++++++++++
" المجموعة الثامنة "
( الصورة الأولى )
في اليوم الدراسي الأول بعد حرب التدمير الشامل والإبادة الجماعية التي قام بها العدو ، وفي مدرسة البنات الابتدائية ؛ دخلت المعلمة الفصل الدراسي ، ألقت بالتحية على طالبات الفصل ، قامت بفتح " سجل الدوام " الخاص بالطالبات لتسجيل الحضور والغياب .
نظرت نحو الطالبات برهة ، لم تلبث أن أثبتت في السجل الرقم 21 أسفل خانة " عدد الحضور " ، ثم أثبتت الرقم 22 أسفل خانة " عدد الشهداء " .
++++++++++++++++++++++++++++++++++
( الصورة الثانية )
اتصل بي صديقي الذي يسكن في الشمال ، وذلك حال توقف القصف الوحشي ، أخبرني بأن منزل صديق مشترك لنا قد قصف ، وأن صديقنا يسكن خيمة في نفس المكان حيث كان بيته .
أسرعت ناحية منزل صديقي ، حملت معي بعض الأشياء لتقديمها للأطفال والذين سيكونون بأمس الحاجة إليها في مثل هذه الظروف العصيبة .
وصلت إلى الحيّ الذي يقطن فيه صديقي ، هيئ لي بأني قد أخطأت الهدف ، رحت أبحث بناظريّ هنا وهناك بين غابة الخيام علني أهتدي .
المكان بالكامل أحيل إلى ركام ، حطام . صوت صديقي يناديني عن بعد ، توجهت ناحية مصدر الصوت ، وجدته أخيراً .
هالني الأمر، كان صديقي يجلس تحت خيمة متداعية فوق كومة الأحجار والحاجيات المتناثرة والتي كانت بمثابة بيت قبل عدة ساعات ، لم أدرِِ ماذا يجب عليّ أن أفعل أو أن أقول ، آثرت الصمت ، صافحته بحرارة .. عانقته ، قدمت له ما أحمل ، قلت هامساً بصوت متحشرج :
- هذه من أجل الأطفال .
صمت طويلاً ، أحجم عن تناول الأشياء ، أمسكني بيدي ، قادني ناحية أطراف الحيّ ، تمتم بصوت متحشرج :
- من الأفضل أن تقدم هذه الأشياء لهم بنفسك
بعد لحظات ، كنت أقدم الأشياء التي كنت أحملها للأطفال ، أضعها إلى جانبهم ، لا لشيء ، إلا لأنهم كانوا نيام .. نيام في حفر صغيرة متقاربة !!.
++++++++++++++++++++++++++++++
( الصورة الثالثة )
صرخ الجندي بنزق وعصبية وهو يشهر السلاح الأتوماتيكي في وجه العجوز الذي احتجزه مع باقي أسرته كرهائن ودروعٍ بشرية :
- انظر .. إنهم هناك ، ألا تراهم ؟! ، إنهم يتحركون ، يعدون ، يتنقلون ، وأنا أطلق النيران عليهم بكثافة منذ أكثر من ساعة ، فلا يصابون ، ولا يقتلون ؟! .
نظر العجوز جهة المكان الذي أشار إليه الجندي ، لم يرَ أحداً ، تمتم العجوز بوجل وخوف :
- أنا لا أرَى أحداً على الإطلاق .
لكزه الجندي بخاصرته بقوة وعنف بمقدمة سلاحه ، صخب .. , زمجر .. وهدر :
- انظر هناك ، ها هم يتنقلون بخفة كالأشباح ، إنهم يرتدون الملابس البيضاء الناصعة .
ركز العجوز بصره بشكل جيد ناحية المكان الذي أشار إليه الجندي ، رآهم بملابسهم البيضاء الناصعة ، يتنقلون بخفة ورشاقة من مكان إلى آخر ، لا يؤثر فيهم الرصاص المنهمر عليهم كالمطر والذي كان يطلقه الجندي .
هتف العجوز وشبح ابتسامة غريبة على محياه :
- حقاً ، لقد رأيتهم ، هم ليسوا أشباحا ، بل هي أرواح ، أرواح الشهداء .
زمجر الجندي بغلظة ، هدر بحمق ، أرغي وأزبد بجنون ، صوب فوهة سلاحه نحو العجوز ، إلى وجهه ، إلى صدره ، أطلق زخات من الرصاص ، سقط العجوز على الأرض مضرجاً بالدماء .
في اللحظة التالية مباشرة ، كان الجندي يفر من المكان مذعوراً وهو يطلق الرصاص بغزارة نحو شبح العجوز الذي كان يرتدي الملابس البيضاء الناصعة ، والذي كان يطارده دون أن يؤثر فيه الرصاص ؟؟!!.
+++++++++++++++
( الصورة الرابعة )
رأيتها تبكي بمرارة وحرقة ، امرأة شابة هي ، بدوري جزمت بأنها لم تتعد الثلاثين من عمرها على أكثر تقدير ، تقدمت منها أقدم لها العزاء ، اعتقدت أنها قد فقدت طفلها إبان القصف الجنوني في الليلة الماضية ، أخبرتني من بين الدموع والآهات بأنه ليس طفلا ، تداركت الأمر ، اعتقدت جازماً أنها طفلة ، أخبرتني بأنها ليست طفلة ! ، قالت بأن الأمر ليس كذلك ، ليس كما أعتقد ، أخبرتني بأن من فقدته لم يكن طفلاً ولا طفلة ، بل هم خمسة أطفال !! ، عجبت للأمر ، إذ لا يبدو على المرأة بأنها قد أنجبت مثل هذا العدد من الأطفال ؟! ، فهي صغيرة السن على إنجاب مثل هذا العدد فيما يبدو .
تابعت المرأة من بين الدموع :
- لم يتبق لي سوى هذا الطفل الرضيع الذي تراه على ذراعي .
أتبعت :
- وثلاثة أطفال ذكور ؟!.
أتبعت :
- وثلاث من الإناث ؟!
أتبعت :
- وبالأمس ، أكدت لي الطبيبة في المستوصف ، بأنني حامل بـ " توأم" ؟؟!! .
+++++++++++++++++++++++
( الصورة الخامسة )
كانت الانفجارات متتالية ، مخيفة ، رهيبة ،.. من بين الأنقاض ، ومن تحت الركام أخرجوا الجثث ،أكثر من خمسة عشر جثة، شخص واحد فقط خرج من بين الأنقاض والركام حياً ، مصاباً بالجروح والحروق ، وقف شاهداً على الجريمة ، شاهداً على المحرقة ، المجزرة ، بل شاهداً على عصر الخزي والقهر ، هتف من بين الدماء والجراح بينما كان رجال الإنقاذ يحملونه بين أيديهم ليضعوه في سيارة الإسعاف:
- على كل حال ، لقد بقي نصف الأسرة ، فلقد قمنا بتقسيم الأسرة إلى قسمين ، ويبدو أن نصيب هذا القسم هو الشهادة ، أما القسم الآخر فهو موجود هناك ، في أطراف الحيّ ، بعيداً عن القصف ، في منزل أخي الأكبر .
نظر الجميع نحو المكان الذي أشار إليه الشاب ، وفي نفس الوقت ، وفي نفس المكان كانت مجموعات من رجال الإسعاف ورجال الدفاع المدني تندفع بسرعة ، تناهي إلى مسامع الشاب صوت أحدهم :
- يبدو بأن القصف الأهوج قد طال المنزل الآخر ، فأتى على كل السكان .
++++++++++++++
( الصورة السادسة )
الموت من حولي في كل مكان ، القتل والدمار صورة قاتمة تطغى على كل الأمكنة ، الخوف القاتل يسيطر على الجميع ، وعلى حواسي ونفسي ، أمور غريبة وعجيبة تثير القشعريرة في النفوس .
لم يكن كل ما يخيفني بالطبع هو نفسي ، ذاتي ، بل كنت أخشى حدوث المكروه لأسرتي ، لعائلتي ، لأبنائي ، لجيراني ، لأهل بلدي ، وأهل وطني .
الموت يحصد الأرواح في كل مكان فجأة ، وبلا مقدمات ، الجميع يشعرون أنهم مستهدفون بالقتل ، وكل المنازل والأماكن معرضة للتدمير بالقصف ، وفي أي لحظة ، فالقذائف لا ترحم ، والصاروخ لا يفرق ، والقنابل لا تنذر ، والطائرات لا تميز.
سرت مقولة بين الجميع فيها شيء من الدعابة والفكاهة رغم قتامة الأمور ، وحلكة النهار . تقول المقولة والتي انتشرت بين الجميع : " بأنك إذا سمعت القصف ، فأنت حيّ ، لأنك ما زلت تسمع ؟! ، أما إذا لم تسمع القصف ، فأنت ميت ؟! " .
عدد الشهداء في تزايد مستمر ، الجرحى .. والمنازل التي يتم قصفها بلا هوادة . وجنون القصف يزداد ضراوة ، من البر .. البحر ..و الجو .
في تلك الليلة ، كان القصف عنيفاً للغاية ، هادراً مزمجراً معربداً ، يغطي المكان وكل الأمكنة .
معظم سكان المدينة الكبيرة سمعوا القصف المعربد المدوي المخيف . بالنسبة لي .. فأنا لم أسمعه مطلقاً ؟؟!! .
[/align][/cell][/table1][/align]
|
|
|
|