عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 04 / 2009, 44 : 03 AM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


ابتسامة الموناليزا...

[align=justify]


في ذكرى مرور 220 سنة على شنق الملكة ماري أنتوانيت...كلمات شريدة تتهادى على ايقاعات النشيد الملكي الفرنسي مهداة إلى بلسم القلوب، إلى موناليزا نور الأدب....

لا أدري كيف استطاع الرسام الأوروبي مزج الأنثى بالورق ضمن رائعة الموناليزا العالمية، كما أنني لا أدري كيف أصبح لمفردة :"الموناليزا" مكانة رمزية راقية، كما أنني لا أدري لماذا يطالبنا الفنان باستقراء الإستطاعة التعبيرية للوحاته عبر الذوق، بل إن التعريف العملي للذوق لا أعلم بوجوده داخل الكتابات التي تناولت غياهب الإستيطيقا الباريسية. في لوحة :"سباق الفرسان" للرسام الفرنسي الراحل جيريكو التقط الفنان ريشته ليرسم الفارس المنتصر و هو يعتلي صهوة جواده المناضل، كانت قوائمه الأربعة كلها مرتفعة عن مستوى الأرض، و قد غمرت الحاضرين دهشة مسكرة لدى متابعتهم الخيالية لمدى السرعة الخطافية التي انطلق بها الفارس نحو النصر بلا هوادة.

بقيت لوحة جيريكو مثارا عظيما لإعجاب العابرين، كتب عنها الشاعريون العديد من الخواطر الفياضة بأنواع أحاسيس الدهشة الممتزجة بالذوق الفني، كل كاتب استخدم منظارا خاصا. الكاتب العربي اعتقد أن لوحة سباق الفرسان اقتباس جزئي من الثقافة العربية التي تخلت عن السلاح من أجل أن تربط الخيل بالفلكلور، فكان أن صارت الثقافة العربية بأسرها فلكلورية. هكذا إذا، سحرت اللوحة القماشية أفئدة العديد من البشر إلى أن أثبت العلم أن اللوحة تحمل خطأ شنيعا، فهي تظهر الحصان في وضعية ارتفعت فيها قوائمه الأربعة في نفس الوقت عن مستوى الأرض، و هي وضعية مستحيلة، إذ تبقى إحدى القوائم على الأرض على الأقل. لم يؤثر العيب العلمي على القيمة الاغوائية للوحة، فهي ما تزال لافتة لأنظار المسافرين عبر روائع أوروبا.

هي أيضا من نفس ذلك الإغواء الفني الأنيق ابتسامة الموناليزا، مهما تكن الحالة الانطباعية، فابتسامة الموناليزا مسجورة بالسحر و الجمال، يقال إن شعور العظمة يعرف في قواميس الشاعرية الفنية بكونه تعبيرا مختصرا عن إحساس ذاتي يخامر الإنسان عندما يتأمل في تفاصيل الموناليزا، إحساس غريب يدفعه إلى الإعتقاد بأن كآبة إحدى السيدات الخالدات في التاريخ الإنسي تزيد من فيوض روعتها. و على النقيض من انهيار لوحة "سباق الفرسان" أمام صرامة الإفتحاص العلمي، فإن العلم ما يزال عاجزا عن تكوين مشهد يحاكي ابتسامة الموناليزا و هي مغمورة بخيوط النور الشمسي.

من السحر الأخاذ للملكة كليوباترا، مرورا بغرور الأميرة الفرعونية نفرتيتي، و دهشة الملكة بلقيس أمام معجزة الملأ الأعلى...وصولا إلى انتحار الشرف للملكة زنوبيا، كان المسار و كانت الحكاية، كان مسار إنتاج الإثارة و كانت حكاية العشق الأسطوري المتبادل بين أمل الناظر باستغراق إلى الموناليزا، و بين سر اختفاء ابتسامتها، قبل أن تستعيدها بعد أن أدركت أن النهاية بعيدة جدا و أن ابتعادها يجب أن يقابل بابتسامة السعادة. [/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس