عرض مشاركة واحدة
قديم 01 / 05 / 2009, 19 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


ايران و المصالحة العربية؟

فلتشعل أيران النار و لتطبخ أمريكا كي تأكل إسرائيل بسلام...أما العرب....فعليهم بغسل الصحون... كما قال الراحل محمد الماغوط.
[align=justify]بعد انتهاء مائة عام من الترويج لمشروع القومية العربية، اتضح الآن أن الدول المعنية بهذا المشروع لم تتجاوز مرحلة التعارف. اختلاف الأنظمة السياسية ما بين ملكيات صريحة و جمهوريات مزيفة، بالإضافة إلى اختلاف الموقف من دور الإسلام في الحياة السياسية، كلها عوامل وازنة ساهمت في افشال المشروع القومي العربي و مشروع استرجاع الوحدة الإسلامية. و رغم ذلك، فإن العوامل الذاتية للفشل لا تلغي مفعول العوامل الخارجية. و أول عامل خارجي أفضى إلى تدمير الإنسجام العربي هو تدخل الولايات المتحدة في الساحة العراقية عن طريق اسقاط الدولة العراقية البعثية و بالتالي انضاج الخلافات العربية حول مواضيع تنتمي إلى النطاق الإستراتيجي.
موضوع ايران و الحركات المسلحة المنبثقة عنها (حركة حزب الله) و المؤيدة لسياساتها (حركة حماس) يشغل حيزا مؤثرا من الاهتمامات العربية سواء الشعبية أو الرسمية، إذ أن التقسيم الأمريكي للدول العربية الى محورين متناقضين : محور "معتدل" ينبذ المقاومة العمياء أو ما يسمى "العنف غير المنتج"، ثم محور "ممانع" يتبنى موقفا غريبا، فهو لا يدعو صراحة الى المقاومة، و لم يفتح جبهة مسلحة ضد اسرائيل عندما كانت تدمر غزة، بل إنه يقتصر على انتقاد مواقف المحور "المعتدل". ظاهرة تقسيم الدول العربية إلى فريقين تطرح استفهامين أساسيين : هل يتعلق الأمر بتقسيم أم بانقسام؟ ما مصدر هذا التوزيع الجديد و غير الواقعي للأنظمة العربية؟
مصدر التقسيم هو الإدارة الأمريكية السابقة، و التي قسمت العالم و ليس الدول العربية فقط، إلى محورين : محور "الخير" الذي تتزعمه واشنطن، و محور "الشر" الذي كان يتصدره النظام العراقي البعثي بسبب مواقفه الخشنة و الثابتة إزاء كل من إسرائيل و إيران. فإيران حسب صدام حسين عدو مستتر، تكمن خطورته في تمزيق الألفة العقائدية الإسلامية، و اسرائيل عدو مفضوح و واضح تكمن خطورته في استعماره لأرض عربية تحتضن رمزا بارزا من رموز الدين الإسلامي، دائما طبقا لاعتقادات الرئيس المغتال سنة 2006. قد يكون موقف العراق البعثي من ايران مرتكزا على مبدأ "الثورة و الثورة المضادة"، غير أن التهجير و التعذيب الذي مارسته الميليشيات الايرانية ضد الأحوازيين و العراقيين و الفلسطينيين المقيمين في العراق، هذه التصرفات العنصرية من جانب إيران تقدم دليلا ملموسا على التهديد الإستعماري و الهوياتي الناجم عن أفكار النظام الإيراني.
أولا يجب تصحيح فكرة خاطئة منتشرة لدى كثير من المواطنين العرب. النظام السياسي الإيراني ليس جمهوريا لأن رئيس الدولة المنتخب من قبل الشعب خاضع في كل تصرفاته و قراراته للإمام المرشد الذي ينتدبه كبار علماء الشيعة ايرانيي الأصل و الجنسية. من وجهة نظر القانون الدستوري، إيران لا تختلف عن باقي الجمهوريات العربية المزورة، فسياساتها نابعة من شخص واحد، يمتلك سلطات مطلقة، هو مرشد الثورة الإسلامية الخومينية. و يستمد الإمام شرعيته من قدرته على التخاطب مع الإمام المهدي المنتظر، و من قدرته كذلك على رعاية الإسلام و الحفاظ على صيغته الحسينية (نسبة إلى الحسين بن علي، الذي فشل في الإنقلاب على الحكم الأموي). على ماذا يدل انتخاب الإمام المرشد من قبل علماء شيعة ايرانيين فقط؟ أ لا يؤدي الإمام دورا له علاقة بالأممية الإسلامية و بالتالي يجب أن يشارك جميع علماء المذهب الشيعي، لا أريد أن أقول جميع علماء المذاهب الأخرى، في عملية اختياره؟ السؤال الأول يؤكد الطابع العنصري للنظام الإيراني، و السؤال الثاني يدل على أن الإمام لا علاقة له بقضايا الأممية الإسلامية، و إنما هو سلطة "إلهية" تستهدف تمتين دعائم النظام الخوميني. و كنتيجة منطقية، فتخصيص أغلب خطابات علي خامنئي و أحمدي نجاد لمشاكل العراق و السودان و فلسطين و الصومال، يعتبر تدخلا غير مشروع في شؤون دول أخرى خصوصا عندما نتذكر أن الإمام في إيران سلطة سياسية قائمة على خرافات تستغل العاطفة الدينية للجمهور المسلم.
يتوجب على علي خامنئي و أحمدي نجاد أن يوقفا الممارسات القمعية و العنصرية ضد الأحوازيين قبل الحديث عن الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. ما الذي يعنيه حرمان الأحوازيين من استعمال لغتهم و ممارسة حرياتهم الثقافية؟ إنه يعني بكل اختصار إن ايران محكومة من طرف جماعة عنصرية. الفكرة الثانية الخاطئة التي يتوجب تصحيحها، هي فكرة المقارنة بيت تركيا و ايران، فبعد انتهاء العدوان على غزة، انتشرت كتابات عاطفية تمجد بالتساوي مواقف أردوغان و نجاد. هذه الفكرة تحتاج لتتشخيص موضوعي و علمي. لقد أدانت فرنسا تصرف العثمانيين ضد الأرمن (القومية الأرمينية) و وصفته بالمجزرة و العنصرية، و وافقتها في ذلك الولايات المتحدة فضلا عن دول الإتحاد الأوروبي. فلماذا لا تتم إدانة تصرفات الدولة الإيرانية إزاء القومية الأحوازية من قبل المجتمع الغربي الديمقراطي؟ الجواب هو أن علاقة ايران بالغرب علاقة وطيدة و أسمى من كل الإشهارات الديمقراطية العابرة، لقد ساعدت ايران الغرب في حربه ضد أفغانستان، كما ساعدته على تدمير العراق و هي الآن تساعده على تفتيت الذات الفلسطينية و تساعده على تفريغ ذهن الإنسان العربي من مناعته التاريخية و الثقافية. [/align]



نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)