عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 05 / 2009, 43 : 09 AM   رقم المشاركة : [9]
خولة الراشد
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر

 الصورة الرمزية خولة الراشد
 





خولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond reputeخولة الراشد has a reputation beyond repute

رد: رواية دموع الخريف



العاصفة الثالثة


الفقرة الأولى
ــــــــــــــــــــــ
شَـبَـحُ الَخريف أطَلَّ في أُفق حائرة وافْتَرَشَتْ الجبال والسحب على الأغصان والتُّرب، ألوانٌ تَخْتَلج في العين وتسكن الأفكار هائمة بين أوراق عاصفة


مَضَتْ الساعات ولمْ يأتي أَحَد، وسعاد تعارك كطائر جريح، وبين لحظة، ولحظة تتساقط دموعها المالحة على خدَّيْها ووجهها الشاحب الممَزوج بسَيْل يَتصبَّب منه عرقاً

أَمْسَك الطَّبيب بيديه الباردة ليحْبس نبْطها ويطمَئنُّ على دقَّات قلبها. ويُغلق فمَّها بميزان الحرارة ، ثمّ أشعل الضوء ليَخلط الزُجاجات الصغيرة ويوخِز بها شرايينها، وهي تنظر بعيون زائغة نحوَ الوجوه الخائفة المحيطة بها


ثم أَبقى المصْل مُعلَّقا لتعويض السوائل المفقودة ،وركِّب الدواء و موجة التخدير في دمها ،حتَّى أخذ يدور بجسدها النحيل وهي تغمض عيناها


المتورِّمتان ، والقلب مُدَجَّجٌّ برائحة الرعب.


حَّتى صارت سعاد مشدودة نَحوَ الأفق البعيد ،لحظات تَمْتَدُّ في جسدها ومن


أمامها أَحْشاء طفلها الثَّائر،" ونور القمر الفضِّي يُضيء
بصرها المسْتَعْصي "


ودوَّامة الخريف تَقْهر المستحيل وتمضي على الغصون بحلم ظمآن. في ليلة شاجية ..


الفقرة الثانية


ــــــــــــــــــــــــــــــ
.حتى انْشَغَل فتحي بها عن نفسه فلمْ تكن له مسرَّات ومن أين له المسرَّات وهو هارب من ظله ومشاعر الخوف
تطارده


وعلى الرغم من ذلك نَسيَ مشاكله وهمومه


ومشاعره الُمتَنَاقضة، واصْطَرَع معها بالخوْف والرعب والاشْمِئْزاز،


ساعات من الندم والَحسْرة والتساؤل وأعمال الفكر تحيط به وبِسلوكه المضطَّرب والمتناقض، حتَّى غزته حُمَّى من الأفكار السوداء


التفت فتحي إلى الوراء ثمَّ أسْند ذقته براحتيه، إنه يحسُّ بإرهاق شديد، تذكر أنه لم يَنمْ ليلة أمس حتّى حان وقت آذان الفجر، نادى الرجال بعضهم البعض للصلاة .في مُصلّى المشفى، فذهب فتحي إلى دورة المياه ثمَّ فتح الباب كان


العامل الأَسْيَوِيْ يحمل الممْسحة مُحدِّقا عينيه بفتحي ، فازداد اضّطِرابا


ــــــــــــــــــــــــــــ
وعندما دخل للصلاة، شعر وهو يقرأ الفاتحة وكأنه يقرأ في جريدة يومية، كان يقف أمام الله عز
وجل بخجل،


ـ فبدأ يوبخ نفسه


ـ من أكون؟
وأين تلك القداسة والخشوع التي كانت تنْزل عليَّ منذ زمن بعيد من قبل غفوتي ؟


ثمَّ بدأت تلفح كيانه لحظات


مؤجَّجة تدخل في صلاته ،حتى القبلة يشعر حيالها هذه الليلة بأنه "غريب، نجس، لصٌّ"، في محرابها الطاهر .


فرمى بنفسه علي الكنبة وهو مرهق الأعصاب ثمّ أسند رأسها إلى الوراء متخفيا ،ولما وقعت عيناه على المصحف الكريم سَرَتْ بجسمه قَشْعَريرة رهيبة رجفت لها أطرافه


وقبل أن" يخْطو ،خطوةٌ "واحدة رفع كفيه إلى السماء ليغفر الله له خطاياه ، ثمّ نظر من النافذة المشِّعة، ومدّ يديه للغيوم و دعا لسعاد أن تقوم بالسلامة حتَّى انكشفت السماء له.


بدأ الطبيب بالعملية بعد أن تبنَّجت سعاد ، ثم أخذ المشْرَط ليَقُصّ به الجزء السُّفلي من بطنها وُيخرج الطفل بكل تمهل وحذر حتّى سالتْ بعض الدِّماء ،ثم أدخل كفَّيه ليخرج الطفل فإذا بصوتة، يصوت
أخذ الجنين يصرخ بأول صرخة إنها روح جديدة

******************************************

الفقرة الثالثة




وبعد كرب دام ساعات... سمع فتحي من غرفة العمليات سيمفونية لحن طفل جديد ...فخرج الطبيب
ـ طبطب على كتفيه مستبشرا :-


مبروك، مبروك لقد رزقكَ الله بفتاة


كانت الساعة الخامسة من فجر يوم السبت الموافق ١٢من نوفمبر ٢٠٠٨


التفت فتحي إلى الوراء واستند إلى الجدار متخفيا و دعا ربَّه حمداً وثناءً على سلامتها


ثم ذهب لسعاد بعد أن استفاقت من البنج وبارك لها من وراء الستار ،قائلا :ـ-
مبروك، مبروك "يا سيدتي لقد رزقك الله بفتاة وأتمنى أن تتربَّى
بعزك وأن تكون مثلك
ـ فردَّت عليه:-
بفرحة ممزوجة بالدهشة والسرور


شكرا لكَ ،وشكرا لكل ما فعلته لي من مساعدة ...



ثم استطردت باستحياء وسؤال :جزاك الله
خيرا أيها الطَّيِّب
أعلم أنني قد أثْقَلْتُ عليك
ولكن هل اتَّصلت بالرقم الذي أعطيته لك؟؟؟


هز فتحي رأسه متلعثماٍ

"نعم ، نعم
لقد اتصلت وقال لي أحدهم أن زوجك قد سافر لمهمة عاجلة
ولكنه
لم يكن صادق ،فهو لم يحاول مرة أخرى خوفا من أن ينكشف

رنَّ جوال" سُعاد"
فاستدارت سعاد إلى جانبها الأيمن ومدت يدها اليمنى


ولكن أسرع فتحي والتقط الجوال

كان المتحدث وليد ..
وهو من أسعف سلمان، و قد حصل على رقم هاتف سعاد من المكالمة الأخيرة الصادرة من جوال سلمان.


وعندما رد عليه فتحي ، صمت لوهلة ثم نطق


" ألو ، ألو "


كان فتحي يتظاهر بضجيج ،وبصوت متقطع


فأجابه وليد ذاهلاً

من معي !

ارتبك فتحي
. ـ ثم استند إلى الجدار وبصوت خافت قال :-


مبروك، مبروك.. لقد رُزقت بفتاة وزوجتك تنتظرك


ـ فسأله وليد ثانية وقد بدت استنتاجات في ذهنه:-
كيف.. ومتي ..و ما صلتك بها ؟؟


ـ تلعثم وضلّ ثوان معدودات ثمّ قال:-

" أنا ،أنا " .أخوها

ـ فقاطعه وليد بسؤال ثاني:


هل أستطيع أن أكلمها


و دون أن ينتظر فتحي رَدَّهُ .....أقفل السماعة


ثم شدّ بالإبهام على المفتاح الأحمر الجوال حتى يكون غير موجود بالخدمة ، خوفاً من السؤال والإحراج
ثم وضعه بعيدا
عن طاولة سريرها.


فعلت قسمات وجه سعاد الاستغراب لهذا الحديث

***************
بعد أن خرجت سعاد من العناية المركزة دخل عليها فتحي ثانية


متسحبا واضعا كفَّيه على وجهه متخفيا وهو يمسح بعرقه


المتصبِّب من جبينه وخُصلات شعره مرشوقة بماء مُفْحم


وعندما لمحته سعاد ابتسمت له وأسدلت بحجابها ...فانشرح قلبه ..
إنها
قلوب العباد بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء ،لقد عاد فتحي لتربته الفاضلة...

وكأنه على سفينة نجاة أنقذته من هول العذاب وعادت نور البسملة تُطلُّ من شفتيه



و وجهه المشرق ، وأخذ يخفق قلبه وكأنه لم يخفق في حياته، فَجَرَتْ دموعه فرحا بطفل سعاد القادم ، وعانق الطفلة عناقاً حاراً ،


ثمَّ صاح مسرور بطفلتها

"الحمد لله ، الحمد لله"


وبعد أن صلَّ الفجر جلس يقرأ القرآن منتظرا شروق الشمس لقد خرج من ظلمة الضياع...


وفي هذه اللحظة دخلت الممرضة عليهما وهي تتبسم بسمة شاركت بها فرحة سعاد ، حتى أُشعلت منها شعلة أضاءت ظل من وجهها المستدير ،


فبدا مُشّعا ناصعا كأنه في السماء قد أكمل يومه الرابع عشر.

ـ ابتسمت الممرضة وقالت بلطف، هل اخترتِ اسما لها ؟

تلفتت سعاد وحَزُنَت، فلم يكن زوجها يشاركها فرحتها..


وبدت ُتحدِّث نفسها الحائرة ...
كيف لي أن أسميها وأنا لا أعرف ما يحلم سلمان باسم !


كيف لي أن أسمي ابنتي دون علم من أباها!


فالتفتت إلى فتحي باستحياء وخجل ،وحجابها ينسل منها ، تنتظر أن تسمع كلمة واحدة منه،



فقطع فتحي عليها تفكيره وقال :-

أليست هي حلمك ؟


هزت سعاد رأسها بالإجابة وقالت :



[align=center]" طبعاً ، طبعاً "[/align]

فنظر إليها قليلا ثم أردف مسرورا :-

إذاً فلتكن هي


"أملك "






تبسمت الممرضة : بلطف وقالت :-



صرقت "آ مال " اسم جميل


فَسُجِّل اسمها


"آمال سلمان محمد "

ما أجملها من لحظة




*****************************************

يتبع بإذن الله


"لا تقف حائراً أمام ما تُريد أن تَفعله المهم أن تبدأ عند اكِتِمال الفكرة"



خولة الراشد غير متصل   رد مع اقتباس