رد: أيها الفتى الأندلسي - في ميزان النقد للأستاذة نصيرة تختوخ
أيها الفتى الأندلسي
لست أندلسيا
لكنك تشبه ذاك الفتى الأندلسي
ما بين العنوان و بداية النص تكررت كلمة الأندلسي ثلاث مرات ..أولا بصيغة التأكيد عبر المناداة ، ثم بالنفي من خلال استعمال الفعل الناقص ليس ، و أخيرا بنبرة التردد ، باستعمال فعل تشبه .. وهذا يعكس ما يعتلج في خاطر المخاطبة ( بكسر الطاء) من حيرة .. لكني أجزم أن هناك طغيانا للأنا في بداية الفقرة الثانية حين تلمح لفتاها بأنه :
كلما اقتَرَبْتَ مني رأيت في عيونك ذات البريق وبدت لي طفولتك مرفرفة كفراشة في حدائق إشبيلية؛
أنا أعتبر أن استعمال تعبير : اقتربت مني يفوق توظيف المكان .. بل أعتبره دعوة لأن ينبذ ما قد يكون طرأ من تغيير في الشخصية وأن يعود إلى المنبع ، حيث الدفء و الحميمية .. وهذا يدفعنا للسؤال : من هذا الفتى الأندلسي ؟ هل هو ممن تسري في عروقهم دماء من صنعوا البطولات في الأندلس؟ إذا كان الأمركذلك فإنه من البديهي أن نلمس إحباطا وخيبة أمل لدى تلك التي تتحرق شوقا لرؤية فتاها الذي يشبه الأندلسي يصير فعلا فتى أندلسيا .. وتتلهف لكي تعود تلك الدماء الحارة إلى شرايينه .. هذه الدماء التي تستمد حرارتها من هذا المتوسط .. والتي صارت تفقد من حرارتها مع ابتعاد الفتى عن محيطه المتوسطي .
تساؤل آخر ربما يكون متناقضا مع طبيعة هذه المرأة المحاورة لفتاها :
هل هي أيضا تحتاج إليه لتستمد منه الدفء ، ولذلك كانت هذه المناداة ؟ ..
لماذا أوردت كلمة التناقض ؟ .. ربما لأن "الغجرية " لا تحتاج إلى من يدفئها .. اللهم إذا كانت هناك برودة تحس بها من الناحية العاطفية .. ربما تكون الأسباب متعددة لكني أجملها في أن هذه الغجرية تشبه النبتة التي لم تعد تنعم في تربتها بعد أن اضطرت إلى الرحيل ..
أيًّا أكن ليس قلبي كنزا بل صندوقا فارغا وإن فتحته بمشيئتي أو خلسة لن تجد مايدعو للمجازفة؛ امتدت أيادي الأيام قبلك وسلبت ونهبت تماما كما فعلت بك واستبدلت أندلسك بحقائب السفر.
أستشف هنا لهفة للعودة إلى تلك التربة حين تينع الأشواق و يزهر الحب .. ولن يكون ذلك إلا باحتضان الأندلسي الغائب على ضفاف هذا المتوسط الحالم ..
النص يختلط فيه المونولوج و الحوار .. وحتى هذا الحوار أجده مفتعلا .. أعني أنه ليس إلا صدى لما يؤرق هذه المرأة الحالمة بعودة فتاها ..وهو نص يعبق برائحة المتوسط بضفتيه .. وقد نجحت الكاتبة في ذلك نجاحا باهرا من خلال مصطلحات محددة مثل : حدائق إشبيلية ، زهر البرتقال ، خضرة الزيتون ، نسائم الخزامى البنفسجية ..
ووفقت أيضا في إعطاء صورة مدققة لبعض الأماكن دون ذكر الأسماء حين ذكرت :
وجبات غنية وأصوات منبعثة من مرتفعات تراقب التاريخ .
ربما تكون هذه المرتفعات أليفة لدي و أنا أنظر منها إلى هناك .. حيث ذاك الفتى الأندلسي ..
إذا كان لا بد من إضافة ، فإني لا اتردد في القول إن ما من نص إلا و يتوارى خلفه شبح الكاتب .. ترى أين تتوارى الأستاذة نصيرة في كل هذا ؟ وما هي المقاطع التي تحمل بصمتها كفاعلة وليست كشاهدة ؟
الأستاذة هدى .. شكرا على اختيارك ..
الأستاذ طلعت .. شكرا لتحملك عبء هذا الملف .
الأستاذة ميساء .. شكرا لمشاركتك القيمة ..
الأستاذة نصيرة .. شكرا لإمتاعنا بمثل هذه النصوص .
بكل الحب .
|