مستوحاة من الأدب الكردي
في عينيه تحدّق، مباشرة دون مواربة، كانت تقرأ لمحات الحزن والقلق الرجوليّ المميّز. كانت تودّ أن تسأله بملء صوتها: لماذا تتجاهلني؟ ألا ترى اللمعة في عينيّ؟ يحدث هذا كلما أدركت بأنّك تقبع أمامي بكلّ حزنك القائم، يا رجل المناسبات، يا حبيبي الطاغي.
أوجّه الحديث إليك أنت، لا تُشح بوجهك جانباً، أراك شامخاً وعينيك الرماديتين تنادي الأنوثة الكامنة في أحشائي، يا أنت يا رجل المناسبات، أيّها القادم من بحار الشوق، وقهر الشرق الملوّح بأشعة الشمس المتوسطية الحارقة. أتعبني حضورك، أتعبني هجرك، أتعبني الركض ما بين روحك وجسدك المنهك، يا رجل المناسبات، يا أنت!
امتدت يده نحو علبة السجائر، أخرج اللفافة وأخذ يبلّها بريقه، ليس شفتي بل فلتر السيجارة لثمه وبلّه برحيق الرجولة ثانية. رجل المناسبات كان على وشك إشعال سيجارته، عندها بحثت بجوانحي عن النار، عن قدّاحة، عن علبة الكبريت، عن جمرة تشتعل في المنجل. كنت أريد أن أستبق اللحظة، كيف أحمل الجمرة ويده تكاد تطفئ النار المتأججة في قلبي، أضعت الملقط في حمّى الصراع الذي أجّج مشاعري، وعيناه العسليتان لا تدركان كيف يمكن أن تطفئ نار الجمرة حريقي الجوّاني، انتظر يا غبيّ، يا رجل المناسبات، أنا قادمة .. أنا قادمة. أمسكت بالجمرة بين أصابعي وقدمتها أضحية لسيجارته، قدمت له وردتي، وكان هو ينظر مندهشاً إلى كتلة اللحم التي انسلخت من بين أصابعي، رائحة الشواء ملأت المكان، وكان رجل المناسبات يحدّق بأصابعي، ذاك الغبي! ليست أصابع يدي تلك التي احترقت، ولكن روحي تفحمّت أمام جفاء عينيك العسلية. وما زال سؤالي قائما يا رجل المناسبات، أما زلت ترغب بإشعال سيجارة أخرى؟