عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 06 / 2009, 19 : 09 AM   رقم المشاركة : [5]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: استعراض موجز لتاريخ الصحافة الفلسطينية المكتوبة قبل النكبة

[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/43.gif');border:2px groove indigo;"][cell="filter:;"][align=justify]
صحيفة الكرمل الحيفاوية و صحيفة الحياة المقدسية
13 ـ صحيفة الكرمل الحيفاوية لصاحبها اللبناني نجيب نصار


كان بإمكان اللبناني نجيب نصار أن يصدر في بيروت جريدة باسم بلدته عين عنوب أو باسم أية مدينة أو دسكرة لبنانية، فقد ذاق طعم السلطة الرابعة، يوم كان طالباً في الجامعة الأميركية البيروتية في مطلع القرن العشرين، وهو طعم حلو مهما بلغت درجة مرارته.
ولكن نصّار الذي وعي مخاطر الحركة الصهيونية باكراً، صمّم علي محاربتها في عقر الدار التي قطعت شوطاً في استيطانها. وهكذا، ما إن تخرّج من الجامعة حتي ودّع الأهل في لبنان، لينتقل الي فلسطين، ويصدر باكورة دوريات مدينة حيفا في غرة العام 1909. وإذا كانت الكرمل أولي الدوريات الحيفاوية في القياس الزمني، فهي أيضاً وأولاً باكورة جرائد ومجلات فلسطين التي التزمت الدفاع عن عروبة فلسطين عبر فضح خطة الاستيطان اليهودي ومحاربته.
لم تتوافر أعداد السنوات الأولي من الكرمل في مركز الدراسات الفلسطينية ولا في أي مكتبة عامة أخري كالجامعة الأميركية. ولكن الكراس المعنون الصهيونية والمطبوع في مطبعة الكرمل بشارع دير الروم، حيفا، سنة 1911 يؤكد أن نجيب الخوري نصّار قد ركب ذلك المركب الخشن منذ العدد الأول من صحيفته، بدليل ما ورد في مستهل الكراس. قال الكاتب في الأسطر الأولي من كراسته: دلتنا الأبحاث التي دارت في مجلس الأمة حول المسألة الصهيونية ان حقيقتها ما زالت مجهولة. وأن الذين يديرون دفّة السياسة في الآستانة ليس لهم وقوف تام علي أهمية حركة الصهيونيين رغم كل ما كتبناه نحن وغيرنا عنها. فبينما نحن نتوقع من مجلس الأمة أن يعيّن لجنة خصوصية يكل إليها درس تاريخ الصهيونيين والبحث عن غرضهم وسبر غور أهمية حركتهم وعلاقتها بحياة الدولة والأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذا بالصدر الأعظم حقي باشا يقول علي منبر الأمة: ليست الصهيونية سوي رواية، وما القائمون بها إلا أفراد متهوسون. فراعنا هذا الاقتناع .
طبعاً، لم يؤثر رأي رئيس وزراء السلطنة العثمانية التي كانت فلسطين تابعة لها، برأي نصّار، بدليل متابعته في الكرمل الرد علي الصهاينة والمتعاونين معهم أو الذين لم يعوا خطرهم.
في العدد 422 الصادر في 17 نيسان (نيسان / إبريل) 1914، يؤكّد صاحب الكرمل ومحررها ومديرها المسؤول في مستهلّ الافتتاحية ان الصهيونية خطر عظيم علي فلسطين وأهلها، بل علي الأمة العربية والدولة العثمانية، إذا بقي الفلسطينيون خصوصاً والعرب عموماً جامدين نائمين لا يعملون علي حفظ كيانهم ودفع الخطر الذي ينازعهم بقاءهم في سلب وطنهم، لأن الصهيونية تبقي تمتد وتنتشر بلا ممانع، وكلما كثر عدد المستعمرات الصهيونية قلّ عدد الأهلين في الداخلية، فلا يبقي وطن ولا رزق للأهلين فيغادرون . يضيف في العمود الرابع من الافتتاحية التي احتلت الصفحة الأولي كاملة: بهذه المناسبة أقول للكتبة المموّهين الذين يكذبون علي الحقيقة ويقولون إن الصهيونيين قرروا ان يتفقوا مع العرب ليعيشوا معهم باتفاق، كيف توفقون بين أقوالكم التمويهية وأعمالكم؟ أي مزرعة اشتريتم وأبقيتم علي واحد من أهلها العرب فيها؟ وهل تدلّونا علي قومكم الذين يدخلون مخازن الوطنيين ويشترون منها كما نفعل نحن مع تجاركم؟ إني أعتب علي جريدة كبيرة معتبرة كالمقطم كيف تقبل علي نفسها نشر هذه التمويهات التي لا نشك أنها لا تنطلي علي العالمين الكبيرين والوطنيين العظيمين نمر وصروف . ويذكر ان الدكتورين فارس نمر ويعقوب صروف وشريكهما شاهين مكاريوس وافقوا علي نشر مقالات نسيم ملّول وغيره من الكتّاب الصهاينة. ولكن اللّوم يقع في الدرجة الأولي علي فارس نمر الذي كان رئيس تحرير المقطم ففي حين تفرّغ صروف لمجلة المقتطف ومكاريوس للمجلة الماسونية اللطائف المصورة إضافة الي مشاركته في تحرير الجريدة.
كان نصّار معجباً بالفيلسوف الاجتماعي الدكتور شبلي شميّل. ومع ذلك، فهو لم يتردد في توجيه نقد لاذع له بسبب مقال نشره في الأهرام وندد فيه بخصوم الصهيونية الذين اتهمهم بالرومنسية، وبرّر استيطان اليهود لفلسطين انطلاقاً من نظرية الأرض ميراث المجتهد . قال نصار لشميّل في سياق ردّه: قلت إنك تكتب ما تكتبه انتصاراً للأرض. فإن كنت أيها الفيلسوف شغوفاً بهذا المقدار علي الجماد، أليس الأحري بك أن تشفق علي أخيك وابن أمتك وتسعي بنفسك لعمران وطنه . أضاف متوقفاً أمام المنحي الاشتراكي الإنساني الذي كان شميّل من دعاته إذ اتهم في ضوئه خصوم الصهيونية بالقومية الشوفينية: متي رفعت الفوارق من بين البشر وأبطلت القوميات والعصبيات وجمعت الناس تحت راية واحدة، يمكنك حينئذ ان تلوم خصوم الصهيونية إذا انتصروا لقومهم ووطنهم. ولكن ما دام العصر عصر قوميات فمن الخطل لوم عنصر مدافع خدمة لآخر مهاجم .
ولم يكن رد نصّار علي نجيب سرسق أقل ضراوة من الرد علي شميّل، بسبب بيعه 11 قرية في مرج ابن عامر للصهيونيين. قال الناقد: كنا نتوقع من بعد الاحتلال أن يتمثل سرسق وغيره من اغنيائنا المحترمين بأغنياء اليهود ويناصروا الوطنية والوطنيين كما يناصر زعماء اليهود الصهيونية. كنا نتوقع أن يشرع سرسق من بعد الاحتلال بعمليات زراعية فنية في مزارعه، وأن يفتح لها مدرسة زراعية ليرقي الفلاح فناً ومادة ويستفيد هو فوائد كبري من زراعته، وإذا به يهتم بكل قواه ليبيع هذه القرايا للذين ينازعون قومه البقاء في وطنهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً .
وانتقد نصار في العدد نفسه الصادر في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1920 صحيفة التايمز البريطانية بسبب مطالبتها فرنسا تعديل الحدود بين لبنان وفلسطين لأن الحد الذي يلائم الفرنساويين يحرم فلسطين من الوصول الي مياه الليطاني ويجعل شواطئ بحيرة طبريا الشرقية تابعة لسوريا . ولم يخل الرد من السخرية حيث استدل الناقد من لهجة الصحيفة البريطانية أنها مخلصة كل الإخلاص للقضية الصهيونية، وأنها تتطلب كل شيء صالح لها بقطع النظر عن مصالح الغير .
يبقي نجيب عازوري الذي كان يقيم في القاهرة ويترأس تحرير جورنال دي كير الفرنسية اللغة. فقد أعاد نصّار في 6 حزيران (حزيران / حزيران / يونيو) 1914 نشر رد عازوري علي رفيق العظم الذي دعا الي عقد مؤتمر سلام بين العرب والصهيونيين، وتساءل في سياقه: كيف نتفق مع قوم يقررون في مؤتمراتهم أنهم يعملون لإيجاد وطن يهودي في فلسطين؟ وكيف يمكن الاتفاق معهم وهم لا يريدون ان يتحولوا عن امتلاك فلسطين؟ إن اتفاق العرب والصهيونيين مستحيل .
وكان عازوري الذي كشف الخطر الصهيوني عام 1905، احتل افتتاحية الكرمل في 10 نيسان 1914، رد فيها مداورة علي الباب العالي لمؤازرته الاستيطان اليهودي لفلسطين، حيث قال: يا قومي: الجامعة الصهيونية هي التي رفعت شأن العلم الصهيوني من العدم. فلماذا قومية العرب لا تعلي العلم الوطني العثماني في وطنها، ولماذا يترك العرب مجالاً لقومية غريبة في بلادهم؟ لا أقول هذا لاعتقادي أن قومي مجردون من كل مزية. حاشا. فإني أعترف بوجود قوات عظيمة كامنة في أمتي ولكنها محتاجة الي تكوين وتنظيم. وأنا لا أطلب إلا إيقاظ هذه القوي... لذلك اقترحت مراراً عقد مؤتمر لا صهيوني في مدينة نابلس يبحث أولاً في إيجاد الجامعة العربية علي العموم والفلسطينية علي الخصوص . وكان عازوري قد نوّه في مستهل الافتتاحية بمرضه الذي منعه الأطباء بسببه عن المطالعة والكتابة . والظاهر أنه كان مصاباً بمرض خطير، بدليل أنه توفي بعد أقل من عامين وهو في عنفوان شبابه.


14- صحيفة الحياة المقدسية لجبر والزركلي وخالد الدزدار

حكم الارهاب في نابلس، الاعتقالات مستمرة، الأحكام الصارمة ... تظاهرة السيدات في نابلس، اصطدام الجمهور بالجند، اطلاق الرصاص، جرحي عديدون، اعتقال الشبان ... المتظاهرون يرشقون البوليس بالحجارة، الدبابات والجند في نابلس . فلو وضعت العام 2000 مكان العام 1931، لظلت مانشيتات الحياة المقدسية لشهري آب (آب / آب / أغسطس) وأيلول (يوليو)، مستوحاة من انتفاضة الألفية الثالثة.
ردّ الوطني النابلسي أكرم زعيتر علي القمع بسلسلة افتتاحيات في الحياة . قال في افتتاحية 22 آب 1931 ان 25 ألفاً من اليهود قد دخلوا البلاد خلسة وبصورة غير مشروعة، قد أبقت عليهم السلطة واعتبرتهم غير مجترحين إثماً.... بينما هي تنشط في مطاردة العربي الدمشقي إذا وجدته خلواً من جواز سفر . وأضاف: الحق والقوة تيصارعان، سلاح الحق إيمان به، وسلاح القوة دبابات وبنادق. والإيمان هو الظافر في النهاية . وختم واصفاً الاضراب بأنه يوم السخط والنقمة والاستنكار، يوم تجديد العهد علي البذل .
وبعنوان الكرامة الغاضبة قال زعيتر في افتتاحية 25 آب 1931: جريح في طريقه الي المستشفي يهتف: عاش الوطن. وشيوخ - شباب القلوب - يسيرون متزني الخطي الي حيث يقولون لمن ضامهم: لا لا، يصرخون في وجه قائد الكتيبة المسلّحة حين أراد إرجاعهم وصدّهم: اطلق رصاصك أو اقبض علينا فلسنا راجعين .
وختم مخاطباً المدينة ومجاهديها: أيها الجرحي الذين فاضت دماؤهم، اصبروا فالله الذي خلقكم وخلق التضحية عليم عادل، والأمة التي أنتم منها تقدّر لكم صنيعكم، ويا اخواني السجناء أنتم أحرار ولو كنتم في السجون أقوياء ولو قيدتكم الأصفاد. وأنت يا نابلس، يا مدينة الإباء والشرف حيّاك الله حيّاك .
وأكد زعيتر في افتتاحية اليوم التالي ان الأمم لا تساس بالبطش والارهاب وان البطش في غير موضعه والصرامة في غير محلها دليلان علي افلاسها في سياسته . وختم مخاطباً الحكومة: أنت عنيفة ولكنك ضعيفة. وسياسة البطش لا تجدي، وسلام علي من عرف حوادث التاريخ فاستنبط منها العبر .
وتحت عنوان شاي ودم رد زعيتر في افتتاحية 27 آب 1931 علي المتزعمين الذين استمروا علي علاقتهم الايجابية بالسلطة: دم يجري في نابلس ومتزعمون يهرولون لتكريم من يمثل سلطة لولاها ما جرت الدماء، أيها الوجهاء الحكوميون: اشربوا الشاي ولكن اذكروا انه شاي ممزوج بدم. ويا أيتها الأمة: اذكري ان هؤلاء الحكوميين هم خصوم البلاد وأعداؤها . وأكمل عزة دروزة في افتتاحية 31 آب 1931 ما انتهي اليه زعيتر، محاولاً تفسير ظاهرة ان يكون الواحد منا وطنياً وحكومياً معاً . فرأي السرّ في السياسة المتبعة أي كفاح للصهيونية فقط وتحت راية الاستعمار. وكان من نتـيجة هذا انه أصبح يكفي للإنــسان ان يشترك مع الناس في كره الصهيونية ليكون وطنياً وليتزعم فيها مهما كان ذا ضلع قوي مع السلطات الاستعمارية . رفض دروزة المعادلة تلك، لأن دعوي الوطنية لا تتفق مع موالاة الاستعمار والاتصال بسلطاته. وإذا كنا الي الآن جرينا علي مبدأ احتقار كل من يتصل باليهود بأي أس لوب من أساليب الاتصال واتهامه بالخيانة وجعله موضع الغمز واللمز وابعاده عن الحركة الوطنية وصفوفها، فينبغي ان يكون مثل هذا علي الأقل ان لم يكن أشدّ مع كل من يكون علي صلة بالسلطات الاستعمارية وموالاتها، لأن كثيراً ما يكون هؤلاء أبواق تلك السلطات تنشر بها صوتها .
في 3 أيلول 1931، نشرت الحياة تحت عنوان السم في الدســم، مسألة التفاهم بين العرب واليهود مقاطع من خطاب الدكتور أرلو زروف مدير القسم السياسي في اللجنة التنفيذية الصهيونية، وورد في السياق ان اللجنة ستعمل جميع ما بوسعها في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لإنشاء علاقات ودّ وسلام وتقرب بين اليهود والعرب في فلسطين علي أساس المبدأ القائل بعدم سيطرة أحد الشعبين علي الآخر مهما كان عدد أحد الشعبين .
ثمة علامات كثيرة تعزز رأي الكاتب بأن دعوة ارلو زروف الي التفاهم بين العرب واليهود في فلسطين ترادف الـسم في الدسم، إحداها الخطب التي ألقاها أعضاء جمعيات ترمبلدور العسكرية التي يرأسها جابوتسكي في المؤتمر المنعقد في احدي المدن البولونية قبل أيام من خطاب أرلو زروف. ونشرت الحياة في مطلع أيلوب 1931 نماذج من أقوال المؤتمرين حيث قال كلارمان: إذا أحببنا اجتناب تكرر الاضطرابات المعيقة لتعمير فلسطين، فعلي أعضاء جمعية ترمبلدور ان يكونوا دائماً علي استعدادا تام لمجابهة الطوارئ . وقال خطـيب آخـر ان الوطنـي ينـتظر مـن أعـضاء الجـمعية مواجهة مدنـسي حرمته، لقد حان وقت تحقيق الآمال وأزفت ساعة العمل . وختم قلم التحرير بالسـؤال الآتي: ما قول السـلطة في فلسطين بهذا الجيش الترمبلدوري الموجود في البـلاد؟ أيـسعها أن تكـابر بـعد الآن وأن تـقول لا خــطر علي العرب من تسـليح المسـتعمرات اليهودية ؟لم يبق انتقاد السلطة البريطانية التي تسلّح اليهود، في نطاق الأفراد وضمن اطار المقال المنشور في الحياة أو غيرها من الصحف الفلسطينية الوطنية، فقد عقد في نابلس مؤتمر وطني حضرته وفود من مختلف أنحاء فلسطين ترأس المؤتمر فهمي العبوشي وتولّي أعمال السكرتارية كامل الدجاني وأكرم زعيتر.
ومن الذين شاركوا في المؤتمر فضيلةالشيخ يونس الخطيب (جدي)، علي الدباغ، أحمد الكيالي، فريد ارشيد، الشيخ عبدالله القلقيلي، الدكتور سليم سلامه، عزة دروزة، الدكتور صدقي ملحس، أحمد الشكعة، قدري طوقان، طاهر المصري، عبدالله السمارة، عبدالرحمن الفرا، جمال القاسم، الشيخ صبري عابدين، وعثمان عبدالله. اعتبر الخطيب الدكتور سلامة تسليح الحكومة للمستعمرات اليـهودية تحريضاً علي الثورة وايهاماً بأن العرب دعاة قلاقل وفتن، ونعى فضيلة الشيخ يونس الخطيب على فكرة الاحتجاجات التي ملّتها الأمة وقال: لنترك الدموع والنواح ولنجعل من تضحيتنا قنبلة تدكّ حصون الظلم والاستعمار . أما الشـيخ صبري عابدين فاقترح علي المؤتمر مشروعاً يقضي بتأليف جيش مقاتل من الضباط والجنود الذين تدربوا في الجيش التركي إذ لا يفلّ الحديد إلا الحديد . وحمل عثمان عبدالله علي السماسرة وباعة الأراضي واعتبرهم أخطر سلاح في أيدي اليهود.
بعد المناقشات، أصدر المؤتمرون عدة مقررات منها قيام كل مديـنة فلســطينية بتـظاهرات استنكاراً واحتجاجاً علي تسليح المستعمرات يوم 15 آب . ومن المقررات أن تتولي اللجنة التنفيذية التي ستنتخب لهذا المؤتمر بما تراه نافعاً في دفع الخطر عن الأمة، إذا أصرّت الحكومة علي تسليح اليهود . وقرر المؤتمر أيضاً نشر بيان علي العالم الإسلامي بملوكه وأمرائه، تبين فيه الأخطاء المحدقة بالبلاد المقدسة من جراء تسليح المستعمرات اليهودية . ومن أطرف ما جري في المؤتمر حضور شاب أصفر الوجه مترهل الجسم اسمه شحادة عناني بصفة مراسل الحياة حيث سجّل كل ما قيل. وسرعان ما افتضح أمر الصحافي المزيف والمخبر الحقيقي، باعتبار ان مندوب الحياة كان حاضراً في المؤتمر، وبالطبع، لم يتغزل المؤتمرون بكحل عيني صاحبنا، بل أخرجوه من الاجتماع وصادروا الدفتر الذي كان يسجل فيه الخطب والمناقـشات ثم أوسعوه ضرباً ولكماً وصفعاً حتي خلّصه أفراد البوليس . وأثمر المؤتمر تظاهرات تحوّلت الي انتفاضة محدودة. فبادرت السلطة البريطانية الي اعتقال بعض المؤتمرين ومحاكمـتهم ومنهم عزة دروزة. وكان الشاهد الرئيسي في المحاكم المخبر شحادة عناني وسأله رئيس المحكمة عن كيفية حضوره المؤتمر فأجاب: دخلته بصفتي موظفاً في دائرة المباحث الجنائية . القاضي: إذاً دخلت بصفتك جاسوساً لا مدعواً . ثم سأله عما اذا كان دوّن الخطب. ولما أجاب بالإيجاب، قدّم له مسودة خطاب جمال القاسم فاعترف بأنها خطّه، ثم قرأ نص الخطاب الذي استهله القاسم بالقول: أيها العرب، يظهر انكم لا تزالون تجهلون ما يحدق بكم من الأخطار، ولا تزالون تغطون في نومكم العميق! ألم تسمعوا بأن الحكومة الانكليزية الظالمة تريد بلا حياء ولا خجل أن تسلّم أوطانكم لليهود؟ ها هي الحكومة علي مرأي منكم تسلّح المستعمرات اليهودية وتمرّنها علي اصابة الهدف واطلاق الرصـاص علي أيدي ضــباط انكليز !
وخـتم مؤكداً ان كل فلسطيني يجب أن يكون مسلّحاً رضـيت الحكومة أم غضبت، وأنا شخصياً لا أقبل ان نقدم احتــجاجات ولا تظاهرات، لأنه طالما تـظاهرنا واحتججنا، فلم يجدِ ذلك نفعاً.
القاضي: وبماذا قوبل الخطيب؟
الجاسوس: بالتصفيق!

صحيفة الدفاع اليافاوية لابراهيم الشنطي
15 - صحيفة الدفاع اليافاوية لابراهيم الشنطي

إن لم تشن الغارة الشعواء مقتحماً، فدافع . ومنذ العدد الأول لصحيفة الدفاع الصادر في 20 نيسان (نيسان / إبريل) 1934، حاول صاحب الامتياز ومدير التحرير ، ابراهيم الشنطي، ورئيس التحرير سامي السراج، ان يشنا الغارة تلو الأخري، ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين والاستيطان اليهودي، وعندما اضطرا الي اتباع النهج الدفاعي، حاولا ان يكون نهجهما هجومياً. ولكن افتتاحية العدد الأول خلت من أية عبارة مخصصة لمشروع الوطن القومي اليهودي، في الوقت الذي نوهت بالمستعمر الانكليزي واعدة بمناهضته بلا هوادة: أما بإزاء الغاصب المحتل فكفاح معه بعيد المدي، صحيح الحجة ناصع البرهان بيّن المنطق، حتي يجلو عن بلادنا هو ومن تبعه. فنحن راغبون في حرية هي حق لأمتنا مشروع، وطالبوا استقلال لا شوب فيه ولا لبس. لسنا نكافح دولة من أجل اخري، وانما نقارع لبناء الدولة العربية المتحدة التي هي مثل العرب وطموحهم المقدس. فـ الدفاع اذن خصم كل انتداب مهما تنوعت أصباغه، يجاهد من اجل الحرية الغالية كل طارق وعاد .
لعل عبارة ومن معه هي الإشارة الوحيدة التي غمز فيها كاتب الافتتاحية من قناة الحركة الصهيونية التي قطعت شوطاً بعيداً في تهويد فلسطين بمساعدة الانتداب البريطاني.
ولكن الأعداد التالية حفلت بالغارات الهجومية وفقاً لشعار الصحيفة الذي رسمه الأديب والسياسي السوري خيرالدين الزركلي. وها هو ابراهيم الشنطي يعدد مكاسب فلسطين من الانتداب في العدد الصادر في 1 ايار (أيار / أيار / مايو) 1934، اذ تحتل رأس لائحتها هجرة تأتي كالسيل العرم، تقوم الاحتجاجات والاضرابات والمظاهرات في سبيلها، ولكنها تتخطي كل عقبة، وتسحق كل معترض، وتظل علي تدفقها الي اليوم والي الغد .
ويشيد سامي السراج في الصفحة الأولي من العدد نفسه بوطنية الدماشقة الذين هبوا لتقليم أظافر الصهيونية، اذ تحاول ان تكتسح مزارع في سوريا الشمالية اضافة الي ما اكتسحته في سوريا الجنوبية أي فلسطين.
ووصل هجوم الدفاع ذروته خلال انتفاضة 1936. في 8 كانون الثاني (كانون الثاني / كانون الثاني / يناير) 1936 غطت الدفاع الحفل التأبيني الذي أقيم للشهيد الشيخ عزالدين القسام، اذ أكد أول المؤبنين رشيد الحاج ابراهيم ان حادثة استشهاد القسام لم تكن الا نتيجة طبيعية لسياسة تهويد فلسطين التي تتمشي عليها بريطانيا . اما أحمد الشقيري الذي ترأس لاحقاً منظمة التحرير الفلسطينية، رد علي الإعلام البريطاني والصهيوني، قائلاً: لم يكن الشهيد وصحابته قتلة فيجند لهم مئتا جندي إدعاء بأنه - أي القسام - أخلّ بالأمن العام. بل كان رحمه الله شهيد أمة وبطل شعب، حاول المستعمرون ان يصموه باشاعات كثيرة فقالوا ان الشيوعيين هم الذين استخدموه. كذبوا، بل ان القسام اشرف هدفاً وأسمي نزعة . وفي مكان آخر من الصفحة نفسها نقل قلم التحرير تعليق جريدة هآرتس الصهيونية حول تكريم الشهيد، وورد فيه: يوجد في كل مملكة متمدنة قانون يعتبر تمجيد أعمال البطش والإجرام جريمة يعاقب عليها عقاباً شديداً. وها نحن في فلسطين نشهد كل يوم ان الصحف والزعماء السياسيين يمجدون المجرمين وأعمالهم . وعلقت الدفاع مبدية العجب من حثالات الامم ونفايات الشعوب جاءت من أطراف المعمورة لتهديد أمة بأجمعها بالتشرد أو الفناء بعد نزع أراضيها منها، وبعد سلب جميع مرافقها الطبيعية .
وفي العدد الصادر في 2 آذار (آذار / آذار / مارس) 1936 رد سامي السراج في الافتتاحية علي جريدة دافار الصهيونية التي قالت ان الحاميات اليهودية هي حاميات حق وعدل، والحاميات العربية حاميات غصب واستغلال ، مؤكداً ان الصهيونية هي فكرة غصب وغزو واستغلال، وكل ما نشأ وينشأ عنها هو تابع للأصل . فاليهود حينما يؤلفون الحاميات أو المستوطنات انما يؤلفونها لحماية الغصب أصلاً وفرعاً، لأن الصهيونية دخيلة، ومنبتها مدينة (بال) لا فلسطين، وواضعو بذرتها أغراب عن فلسطين ذوو جنسيات أجنبية .
وكان لأمين الريحاني قرص في عرس انتفاضة 1936. فنشرت الدفاع النص الكامل لكتابه المرفوع الي ملوك العرب والاسلام ، في عددها الصادر في 19 حزيران (حزيران / حزيران / يونيو) 1936، واستهله باسترعاء النظر الي المأساة العربية الصهيونية الانكليزية التي تمثل اليوم في فلسطين تمثيلاً فظيعاً مفجعاً، فتهرق الدماء وتحرق البيوت والمصانع ويتلف الزرع والضرع من أجل وعد اليهودية في الحرب العظمي . وأضاف ان وعد بلفور أحدث في مدة ثماني عشرة سنة خمس ثورات عربية في فلسطين. وكانت كل ثورة أشد ويلاً وهولاً مما تقدمها . وختم مناشداً باسم عرب فلسطين، بل باسم العرب في كل مكان، بل باسم العدل الانساني والسلام والوئام التدخل حقناً للدماء العربية، و دفع، الظلم الأكبر والشر الأنكر عن اخواننا عرب فلسطين . ومما ورد في الكتاب حول كيفية الدفاع عن الشعب الفلسطيني قول الريحاني: انكم يا مولاي سيف العرب البتار وحصن العرب الحصين... وانكم من أصدقاء الانكليز المقربين، وعلي ولاء وطنيتكم صوتكم مسموع هنا وبلندن في القصر الملكي وفي دونن ستريت، بل ان لكم هناك خاطراً يرعي ومنزلة تكرم .
وفي حيز افتتاحية العدد 625، نشرت الدفاع مقابلة مع عوني عبدالهادي قبيل نفيه الي بلدة الصرفند اللبنانية، استهلها بالقول: ان سياسة بريطانيا في فلسطين ستؤدي حتماً، وبعد سنوات، الي تقويض الكيان العربي وانشاء المملكة اليهودية . ولم يتمكن القائد الفلسطيني من الإجابة عن كل الأسئلة لأن الضابط الانكليزي أبي إمهاله، وفي اللحظة التي كان يستقل سيارة النفي صاحت عقيلته: إنا نفتخر بهذا الوسام، واذا أبعدت السلطة عن الميدان جميع رجال الأمة فلدي نسائها ايمان يكمل دوام العمل .
وإذا أصبح عقاب الطلاب المنتفضين اليوم اطلاق الرصاص، فإنه كان خلال انتفاضة 1936، الجلد. ومع ذلك، فإن الكرباج كان اكثر ايلاماً من المدفع، لأن الجلْد كان يتم بأيدٍ عربية، وان الوطني المعروف أحمد سامح الخالدي كان أحد الجلادين علي حد تأكيد محمد نمر عودة في مقاله المنشور بتاريخ 9 شباط (شباط / شباط / فبراير) 1936. وحين وقف الخالدي يجلد أحد الطلاب في المدرسة الرشيدية لاشتراكه بالمظاهرة تذكر عودة، وهو من تلامذته القدامي، معارضة الخالدي للضرب لأن المعلم كالموسيقي لا يضرب آلته بالجدار، بل لا يسلط الضربات عليها أو يلطمها، لأنه لو فعل ذلك، لما استطاع ان يخرج منها انغاماً .

المصدر: عروضا تأريخية أعدها الكاتب والباحث اللبناني جان داية عن بواكير العمل الصحفي في فلسطين ابان نكبته بالاحتلال ، لتكون في متناول الباحثين والإعلاميين والقراء المعنيين بمعرفة البدايات الاولى
[/align][/cell][/table1][/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت

التعديل الأخير تم بواسطة نور الأدب ; 22 / 05 / 2010 الساعة 47 : 11 AM.
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس