الموضوع: رجل عظيم
عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 01 / 2008, 06 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
غالية فاضل
كاتب نور أدبي ينشط
 




غالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the roughغالية فاضل is a jewel in the rough

رجل عظيم

[align=center]
[frame="14 98"]
هناك رجال تسمع قصصهم فتشمئز نفسك منهم وان لم تعرفهم عن قرب لضآلة أذهانهم وحقارة قيمهم التي عاشوا بها وعليها. وهناك رجال تسمع قصصهم فيمتلئ قلبك حبا واجلالا لهم وتتمنى نفسك لو عايشتهم أو عاصرتهم أو أنك حظيت بشرف معرفتهم أو الاقتراب منهم.بديع الزمان سعيد النورسي العالم الجليل والانسان العظيم واحد من هؤلاء العظماء الذين سحرتني شخصيته وبطولاته بل أقول كل تفاصيل حياته العظيمة لذلك بقيت وستبقى ذكراه خالدة في النفوس.لأن سير العظماء مهما حاول الصغار طمسها فالأيام تنفض عنها دائما غبار الاهمال المتعمد لتبقى خالدة الى أبد الزمان
رحلة حياة هذا الرجل امتدت من سنة 1873 تاريخ مولده وانتهت بوفاته سنة 1960 وهي مرحلة شهد فيها العالم ككل أحداثا جساما ظهرت آثارها كذلك على كل الدول الاسلامية بما فيها تركيا راعية الخلافة الاسلامية سابقا.كان هذا الرجل فردا لكنه يملك عزيمة امة كاملة ولا غرابة في ذلك فقد نشأ في بيئة تقية صالحة,فأمه كانت امرأة ورعة أثر عنها أنها كانت لا ترضع أولادها الا على طهارة,وأبوه الرجل التقي بلغ من ورعه أنه كان يربط على أفواه ماشيته اذا قفل راجعا بها من مرعاها حتى لا تأكل من أرض الغير.كما كان أخوه اماما ومعلما.فنشأ سعيد الولد نابها ذكيا ظهرت عليه آثار النباهة من سرعة حفظه ورغبته الدائمة في البحث والاستطلاع...لهذا استطاع أن يحفظ القرآن في سن مبكرة وما ان بلغ الرابعة عشر من عمره حتى حصل على شهادة الاجازة العلمية وقيل انه كان يحفظ 80 كتابا من أمهات الكتب العربية ولم يشمل تحصيله العلمي العلوم الشرعية من فقه وحديث وتفسير...بل اهتم كذلك بتحصيل العلوم الطبيعية والكونية والعقلية كالفلسفة الحديثة والرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء والتاريخ والجغرافيا حتى أصبح يناظر أهلها بشأنها...لا أريد هنا أن أسرد سيرة حياة الرجل لكن أريد أن أقف على بعض النقاط المضيئة فيها لأننا أحوج ما يكون لأن نتعلم من أمثال هؤلاء العظماء الذين رحلوا وبقيت مبادؤهم حية من بعدهم
سعيد النورسي العالم والانسان أدرك أن دوره في الحياة أن يتفاعل مع كل مجريات الأحداث والأشخاص المحيطين به كذلك .انه لم يختر كبعض الناس الرهبنة في أماكن الخلوات والعزلة ولا شاء أن يعيش متكسبا بعلمه وثقافته الواسعة عند أبواب الحكام وأصحاب النفوذ بل اختار سبيل العلماء المخلصين الذين فهموا حقيقة الأمانة التي يحملونها فتوجه بكل قوة الى مراكز القرار لرفع شبح الجهل عن أمته ووقف امام السلطان عبد الحميد آنذاك لتحقيق مشروع رائد تمثل في انشاء جامعة اسلامية بتركيا على غرار جامعة الأزهر لتدرس فيها علوم الشريعة والى جانبها العلوم الحديثة بل وكرر المحاولة مرة أخرى رغم كل صور الرفض التي استقبلت بها مبادرته...لقد أدرك الرجل أن رفع الجهل هي أولى خطوات التمكين للحق والعدل والحرية والايمان الحقيقي.وحتى عندما حاولوا اغراءه بالمال تارة وانذاره تارة أخرى من عواقب غضب السلطان عليه لم يتنازل بديع الزمان عن مبادئه وثوابته فقد قال لهم بكل صلابة(اعملوا ما شئتم فاني أعني ما أقول انني أريد أن أوقظ أبناء الأمة ولا أقوم بهذا العمل الا لأنني فرد من هذا البلد لا لأقتطف من ورائه مرتبا لأن خدمة رجل مثلي للدولة لا تكون الا باسداء لاالنصائح وهذه لا تتم الا بحسن تأثيرها وهذا لا يتم الا بترك المصالح الشخصية)ا
وعندما تقرأ سيرة الرجل سيخيل اليك لا محالة ان كل انواع المصاعب والمحن قد صادفته او على الاحرى صادفها هو لأن عزيمته الحديدية وايمانه الذي لا يلين جعله عرضة لكل شديدة من شدائد الحياة ذاق الرجل مرارة الأسر في السجون الروسية وتعرض للملاحقة والمضايقة من حكومة تركيا العلمانية ونفي في احدى القرى التركية ـ قرية بارلاـ لمدة تزيد عن ثمان سنوات وتعرض للاغراء بالمناصب والاموال .ومع ذلك ظل صابرا ثابتا كالجبل الشامخ لا تحركه الرياح مهما كانت عاتية... ولم يدفعه حنقه على حكومة بلده العلمانية الى الثار لنفسه فقد عرض عليه احد الشيوخ الاتراك دعم ثورته ضد النظام العلماني لكنه رفض رفضا قاطعا وكانت حجته انه لا يريد للمسلم ان يسفك دم اخيه المسلم ولو كان متبنيا لنهج العلمانية.. ولم تخب قريحة الرجل في العطاء بل استغل سنوات نفيه او سجنه للدعوة او التأليف حتى كانت الأغلب كتبه ورسائله من ثمرات السجون او المنافي فأي عزيمة هاته وأي عطاء أعظم
سعيد النورسي على رفعة مكانته وعلو شأنه كان شديد التواضع في كل شيء.كان متواضعا في نفسه لا يرى لنفسه أي فضل فقد أثر عنه أنه لما أطلق سراحه من منفاه فكان تلاميذه ومحبوه يأتون لزيارته فيقول لهم (كل رسالة من رسائل النور تطالعونها وتستفيدون منها هي أفضل من مقابلتي ومواجهتي بعشرة أضعاف).وكان متواضعا كذلك في عيشه اذ كان يكتفي بوجبتين في اليوم وطعام متواضع لا يزيد عن كسرة خبز وشيء من الحساء.ليخصص الجزء الاعظم من راتبه لطباعة كتبه ورسائله وتوزيعها بالمجان....انه رجل تعلق قلبه بالايمان الصادق وطلب الآخرة حتى أنه كان يصرح دائما في محاكماته لدى المحاكم العسكرية (انني فقط بحاجة الى جواز سفر للآخرة وأنا لا أستطيع أن أعمل بما يخالف ايماني)ا
ولأن الرجل كان عظيما عظيما فقد عمدت قوات العسكر الى نقل رفاة جسده الى جهة غير معلومة وكأنهم أدركوا أن مجرد أثر الرجل سيكون شبحا يطارد حكمهم القائم على الاستبداد والانفراد.ا
[/align]

[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
غالية فاضل غير متصل   رد مع اقتباس