[حسن الحاجبي]

مسألة رمي الكتب تعكس إلى حد كبير نوعية النفسية التي تتصرف على هذا الشكل سواء في الصفوف العليا أو الدنيا من مراحل التعليم , ليس فقط ببلادنا العربية , وإنما في كل بقاع العالم .
وقد أفرد علماء النفس و الباحثون التربويون مساحات كبيرة لهذا الموضوع في رقعة التحليل النفسي لتصرفات التلاميذ بالمؤسسات التعليمية على وجه الخصوص .
ويكاد باحثو التربية و علماء النفس يتفقون على أن هذا السلوك يندرج ضمن الطبيعة العدوانية التي هي الأصل في كل تصرف عند الأطفال . ففي كتاب : الوعي التربوي و مستقبل البلاد العربية , وهو من تأليف مشترك بين عبد السميع حربلي و جورج شهلا و ألماس حنانيا , نجد التبرير التالي لهكذا تصرفات : إن الأطفال لا يولدون بشرا , ولكنهم يصيرون بشرا بفضل التربية .
وهو نفس ما يذهب إليه الدكتور فاخر عاقل في كتابه : معالم التربية . و الدكتور عبد الله عبد الدايم في كتابه : التربية التجريبية و البحث التربوي . حيث يقر الإثنان معا أن لائحة أفعال الشغب عند الأطفال في المدارس تضم تصرفات يتساوى فيها الطالب المجد والطالب المتعثر , ومن بينها طبعا مسألة رمي الكتب , بل وحتى تمزيقها .
بالنسبة لي شخصيا , تمكنت من تفعيل نادي التكافل الإجتماعي بالمؤسسة التي أدرس بها , حيث يتم بشكل تلقائي توفير نصف كلفة المشتريات من الكتب الدراسية و التخفيف عن كاهل الآباء من خلال عملية تقديم الكتب المستعملة أثناء السنة الدراسية لتلاميذ جدد . وهي تجربة ناجحة أتمنى لو أن كل الأساتذة والإداريين ينتبهون إلى جدواها . ولا أريد أن أختم مداخلتي قبل أن أحكي لكم ما حدث لي مع إحدى تلميذاتي . فقد حصلت على نقطة متقدمة جعلتها تنخرط في حالة من الفرح أدت بها إلى قذف وتمزيق كتاب مادة الإجتماعيات , وفي اليوم الموالي تبرعت نفس التلميذة لمكتبة المؤسسة بعدد من الكتب تكفيرا عما بدر منها . آنئذ تذكرت مقولة لروجير مور في أحد أفلامه الشهيرة : إن أحلى كأس شربتها هي تلك التي كسرتها.
مع خالص المودة والتقدير .