عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 07 / 2009, 16 : 10 AM   رقم المشاركة : [8]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

حزمة ضوء أخيرة

[align=justify]
حزمة ضوء أخيرة

لا شك أن ما سبقت الاشارة إليه، وهو غيض من فيض الأسباب التي تضافر مجموعها ليصنع، في النهاية، حتمية حدوث الانتفاضة وانطلاقتها، لم يكن بين أهم تلك الأسباب فحسب، وإنما كان من أكثرها امتلاكاً للقدرة على الإيحاء بأن هذه الثورة العظيمة لم تنطلق من فراغ، ولم تكن مجرد رد فعل، كما أنها، وبالتأكيد، لا تسعى إلى السباحة في فراغ... فهي ثورة ذات أبعاد وأهداف واضحة ومحددة، وأبعادها وأهدافها موصولة بعلاقة عضوية وثيقة وقوية بأسبابها...‏
لقد انطلقت هذه الثورة، كما تؤكد مضامين جميع القصص الفلسطينية التي استلهمتها موضوعاً وتمحورت حولها، من صميم الرفض الفلسطيني الثابت للاحتلال الإسرائيلي... هذا الرفض الذي تكون، حياً وحاراً وعنيفاً، منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها قدم الاحتلال الإسرائيلي أرض فلسطين... وعلى هذا، فليست الممارسات الوحشية للاحتلال العنصري، هي صانعة هذا الرفض بل هي مذكيته... هي الوجع المر الذي عاناه الفلسطيني على مدى سنين طويلة.الوجع الذي ساعد استمراره على تصاعد رفض الفلسطيني للاحتلال وهيأ لبلورة هذا الرفض ثورة شعبية شاملة، هدفها الغائي هو التحرر الكامل...‏
ومن نزيف هذا الوجع المر، وفيه، كان القاص والشاعر الفلسطيني يغمس ريشة إبداعه، ويكتب... يبسط الألم صفحة، ويكتب واصلاً الألم بالأمل... واصلاً ليل الواقع بإشراقة الغد المأمول... يكتب، وعلى صفحة إبداعه الحارة أبداً، تنتشر مأساته، في شرايين الكلمات، تقريراً لحقائق سوداء مرعبة، ووعداً واثقاً مضوءاً بإرهاصات الخلاص القادم...‏
وحين بدأت تلك الإرهاصات تتحول وقائع لثورة يومية عارمة، استمر القاص الفلسطيني، في الوطن المحتل، باستلهام ممارسات الاحتلال العنصري ضد شعبه، القديمة التي ساهمت في صنع حتمية الثورة على هذا الاحتلال، والراهنة التي يحاولها، يائساً، لاخماد هذه الثورة والقضاء عليها. كما استمر في توظيف تلك الممارسات جميعاً، قديمها وراهنها، لينقطها حقائق، حامضية التركيب، في العيون الرخامية التي أماتتها اللامبالاة، عساها تحقق تفاعلاً فذاً بين حامضها والرخام الميت، ينتج عنه انبعاث متمرد وبشرى... فالأمل ما زال ينبض، على الرغم من كل محاولات اغتياله... ما زال يخفق وهجاً واعداً تحت رماد الواقع... ما زال زهرة قادرة على الفوح وبعث البهجة، على الرغم من كونها زهرة نبتت في أرض التناقض والضياع والسواد... ذلك أن القناعة ما تزال راسخة، بأنه بين النقيض والنقيض... بين الرماد والورد، لا بد أن تولد المعجزة يوماً... ولا بد أن يراها الجميع...فإن لم يؤمنوا بها، وهذا احتمال، فلن يكون بوسعهم نكرانها أو دحضها، أو حتى عدم الإحساس بالمفاجأة حيالها، على الأقل...‏

[/align]

محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس