عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 07 / 2009, 55 : 10 AM   رقم المشاركة : [20]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

حزمة ضوء أخيرة...‏

[align=justify]
حزمة ضوء أخيرة...

مهما بلغ شرف المضمون الذي تعالجه القصة، ومهما بلغت قدسية القيم التي تطرحها، فإنها في النهاية، تظل عملاً فنياً لايغنيه شرف مضمونه عن المعايير الخاصة التي تميزه، فنياً... ومن هذه الزاوية المحددة في الرؤية، تحاول حزمه الضوء الأخيرة هذه، بيان بعض من أبرز السمات الفنية لما أسماه الباحث، اصطلاحاً بـ (قصص الانتفاضة)..‏
ولعل أول ملاحظتين جديرتين بالإشارة في هذا الصدد، هما:‏
أولاً: فقدان الباحث للقدرة على الاختيار بين ما أمكنه الحصول عليه من قصص الانتفاضة. وذلك لسببين جوهريين الأول، قلة هذه القصص، عددياً والثاني، حصر مجال الدراسة بمصدر جغرافي واحد، هو الوطن المحتل، وبمجال زمني ضيق، هو زمن الانتفاضة.. ولقلة ما صدر من قصص قصيرة في الوطن المحتل خلال فترة الانتفاضة، حرم الباحث من إمكانية اختيار أفضل المتوفر منها، فنياً، كمادة أولية لدراسته..‏
ثانياً: هناك غياب ملحوظ للكثير من الأسماء اللامعة بين المؤلفين المعروفين للقصة القصيرة، داخل الوطن المحتل... فالمجموعة المدروسة من القصص، قليل منها كتب بأقلام أدباء معروفين، مثل (محمد نفاع، نبيل عودة، جمال بنورة، ومصطفى مرار ) أما الأدباء الباقون، فيمكن توصيفهم بأنهم (أصوات جديدة) في مجال القصة الفلسطينية القصيرة على الأقل، بالنسبة للقارئ العربي العادي خارج الوطن المحتل.. وقد لا يكون الأمر في الواقع على هذا النحو، لكن عدم توفر مصدر آخر غير صحيفة الاتحاد، بين يدي الباحث، جعل الأمر كذلك، في نطاق دراسته، مما دفعه إلى عدم التعميم والتأكيد وإطلاق الأحكام الشمولية، في سائر مواضع الدراسة.‏
على أي حال، يمكن تسجيل بعض الملاحظات القليلة، حول فنية القصص التي نوقش مضمونها، في هذه الدراسة، وذلك من خلال زاويتين رئيستين:‏
أولاً البناء الفني/ الدرامي:‏
باستثناء بعض القصص، مثل (الزمن الجديد، الحاجز، نهاية الزمن العاقر، الجنرال، طبق حلوى)، فإن البناء الدرامي للقصص التي نوقشت مضامينها، يبدو شاحباً ويعاني بعضها من اضطراب في الحبكة، ومن ضعف في القدرة على الايصال وصحيح أن حديث الباحث عن بعض هذا الضعيف، ربما أوهم القارئ بجودة القصة فنياً، كما هو الحال لدى قراءة ما كتبه عن دلالات خاتمة قصة (الرجل الصغير) لناجي ظاهر. إلا أن الحديث الذي كتب عن تلك الخاتمة، يظل قراءة لمضمونها وإيحاءاته، أكثر منه اعترافاً بفنية رفيعة المستوى لبناء القصة الدرامي.‏
وثمة ملاحظة أخرى حول البناء الدرامي، من ناحية نوعيته. وهذه الملاحظة تزعم أن غالبية القصص المدروسة ذات بناء درامي تقليدي.. لكن تقليديته ليست مطلقة، بمعنى أن القارئ يستطيع أن يلمس اقتراباً، في بعض القصص، من الحداثة ومحاولة لتطويع الأساليب الحداثية لادخالها في تقليدية المعنى الدرامي، كي يبدو في شكله النهائي، نسيجاً ممزوجاً من التقليد والحداثة. كما هوالحال، في قصة (الحاجز) لنبيل عودة، حيث نلمح في سياق السرد التقليدي للحدث القصصي، أساليب كالمنولوج الداخلي، والخطف خلفاً، وما شابه.. وتتميز قصة (نهاية الزمن العاقر)، لنفس المؤلف، ببنائها الدرامي الذي تمتزج فيه تنويعات كثيرة، تتضافر جميعاً، لترسيخ فكرة القصة، ولإضاءة الأبعاد الرمزية لشخصياتها وأحداثها، في نفس القارئ ووجدانه... وكذلك تخرج قصة (الزمن الجديد) لنبيل عودة أيضاً، عن إطار التقليدية، في كثير من مواضعها، حيث نلاحظ تحطم الحواجز المكانية والزمانية، في أكثر من موضع.. هذا فضلاً عما تتمتع به من قدرة على إيصال مضمونها أو معظمه، لقارئها...‏
وثمة قصة تتميز ببنائها الدرامي القوي، هي (الجنرال) لمحمد نفاع فبناء الحدث القصصي فيها، على الرغم من بطء حركيته، متين، ومتماسك جداً. ويعتمد المؤلف في سرد بعض اللقطات والمشاهد حكائية شاعرية، وأحياناً يركز على الوصف التفصيلي لسمات الأمكنة وملامح الشخصيات، بهدف زيادة التغلغل في نفس القارئ، وزيادة إيهامه بالواقع القصصي للأحداث، لزيادة التأثير فيه..‏
وإذا تجاوزنا القليل من القصص ذات البناء الدرامي القوي والناجح، نجد أن كثيرات غيرها، تشكو من ضعف واضح، في الكثير من جوانب بنائها الدرامي بل إن البناء الدرامي لقصة مثل (الرجل الصغير)، يبدو عاجزاً عن التواصل مع القارئ، في أغلب نقاطه.. فمثلاً: يحار القارئ في فهم الدلالة الوظيفية لاسم (عز الدين القسام) في سياق القصة. إذ يبدو ترديد هذا الإسم لأكثر من مرة، مقحماً على المسار الحدثي وعلى نسيج الحوار الجاري بين الشخصيات..‏
وبالطبع، ليس همّ الباحث، هنا، الوقوف عند مبنى كل قصة على حده، ثم عرضه ومناقشته، فنياً، بل همّه الإشارة إلى أهم السمات التي يتميز بها البناء الدرامي لمجموع القصص، من خلال اتخاذ بعضها أمثلة.‏
ثانياً اللغة:‏
ما خلا بعض القصص، للمعروفين من كتاب القصة القصيرة في الوطن المحتل، فإن هناك ضعفاً في لغة الغالبية من القصص المدروسة، وضعفاً في تركيب العبارة أحياناً.. ثم هناك نزوع إلى استخدام العامية. في بعضها، كما في قصة (حوار مع النورسي). وثمة نزوع آخر، معاكس، إلى شاعرية العبارة، كما في قصة (نهاية الزمن العاقر) وقصة (الجنرال).‏
وبعد:‏
يمكن القول بشكل عام، إن هذه القصص في غالبيتها قد طغى على مؤلفيها الاهتمام بالمضمون أكثر من الشكل.. ربما لسبب المرحلة الساخنة التي كتبوا قصصهم خلالها، وربما بسبب عدم تمكن الحديثين بينهم، من أدوات الفن القصصي وأساليبه بعد، وأخيراً، ربما بسبب التسرع في دفع القصة إلى النشر، دون تحكيكها، فنياً.. لكن، وعلى أي حال، تظل المجموعة المدروسة، إشارات إلى مرحلة متميزة، وارهاصات واعدة بنتاج أفضل فنياً، يتطاول في قامته التعبيرية محاولاً الوصول إلى شرف الموضوع الذي يعالجه وأهميته..‏

[/align]

محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس