رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )
[align=justify]
تقول القصيدة حكايتها في سطور قد تكون بحجم العالم، وقد تكون بحجم القلوب. ويقترب الشاعر من دفء التوقد والاشتعال، حين يرى إلى حكاية الانبعاث في الشهادة، والانبعاث في العطاء. عندها يدفع الكلمة لتكون المرفأ والشاطئ وصدر الموج.. نسمع هنا ما يقوله الشاعر عبد الناصر صالح في قصيدته: "الصهيل" حيث: "دمي سال على وجه الترابْ / ولم يزل هناك ترتوي الأشجار منه / تحتمي به الطيور من مخاوف الدمار والحريقْ" لنقف على أعمق صورة في سيرورة الدم.. فالشهادة ألق وارتفاع، والشهادة خصب ورئة لا تعرف غير حب الأرض. وطبيعي أن تنهض الأشجار كي ترتدي دم الشهيد.. وأن تأتي الطيور لتحتمي به من كل خطر داهم..
قصيدة الدم لا تفتح الذاكرة على نهوض السنديان فحسب، ولا تأخذ في رسم حروف الألق فحسب، ولكنها تجمع العالم كله في قبضة التوهج، ليكون أقرب إلى الصباح الطالع من جبهة شهيد، أو مفكرة ذاهب في ضوء الشمس. وطبيعي أن تكون القصيدة قصيدة الأرض ولغتها وتفاصيلها، لأن الشهادة ذهاب في الأرض، ولأن الشهادة دخول في تفاصيل التراب، ولأن الشهادة حياة للشجر.. ولكن أيعني كل ذلك أن الشهداء ملح الأرض؟؟
يقولها الشاعر سميح صباغ في قصيدته "ملح الأرض أنتم" حيث:
يا أيها الشهداء ملح الأرض أنتم والبذارْ
مذ كنتمُ عادت إلى الدنيا طبيعتها
وكانَ البدءُ والإخصابْ
والإزهار والإثمارْ
عادت نحو مجراها الجبالْ
وتساقطَ الثمرُ الرديءْ
وتبقى فاصلة العرس ذهاباً في النشيد.. عندها لا يجد المعنى عمقاً إلا في التطابق مع حركة الخصب النابعة من جذور الأرض وهي تشرب دفء الدم الذاهب إلى هناك.. ولكن أيمكن للدم أن يشتعل مهرجاناً..؟؟ يقول هايل عساقلة في "عرس" حيث:
نتلظى ودما تشهدُ .......مطلع الفجر وقد لاح الغدُ
نحن لبينا فيا أرض اشهدي ......لحمنا في كل درب يشهد
كم عقدنا مهرجاناً للضحى ......من ضحايانا وقمنا ننشد
وتقول الكلمة أو لا تقول فاصلة انعتاقها، ولكنها في كل الحالات تبقى رئة التواصل مع مشاعر الإنسان الفلسطيني وهو يذهب عشقاً في عرس الأرض.. والعرس أكبر من أفراح الدنيا، لأنه يسجل علاقة الإنسان بأرضه، وبصمته التي تأكدت بالدم لتعبر عن عشق لا مثيل له..
[/align]
|