عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 08 / 2009, 16 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
هنادة الحصري
شاعرة

 الصورة الرمزية هنادة الحصري
 




هنادة الحصري is a jewel in the roughهنادة الحصري is a jewel in the roughهنادة الحصري is a jewel in the roughهنادة الحصري is a jewel in the rough

لنغسل القلوب قبل الوجوه

[align=justify]
صباحات أيلول بورقها – ذهبها الأصفر – تحت الشبابيك تتدحرج من شرفات الشجر . والشمس بدأت تتكاسل عن حياكة شعاعها، هو الصيف يملأ حقائبه، وعلى شرفة الكون ينهض الخريف، وبضع غيمات بدأت تزركش قيعان السماء، هذا الخريف يرميني بحزمة من بلسم رياحه وغيمه فأجدني أفسر كل الأشياء بمسارات فكرية جديدة .
فثمة رؤية جديدة للكون تشدني لأمتلك مساحات جميلة من التأمل والهدوء والربيع المستمر الأخضر .
ثمة صباح يتكئ على خد الزمن يهديني سرباً من أشعته فأستشعر في داخلي دغدغات لذيذة تمنحني بعضاً من حيوية،فأجدني أقف قبالة نافذتي أفتحها، ونتف نسمات ترشفها روحي، تطالعني بورتريه جميلة لبيوت تتكئ على خاصرة قاسيون بشرفاتها المغسولة بندى الصباح . صخب لذيذ يترامى إلى مسمعي عبر ضحكات أطفال في عمر الورود تركض فوق عري الوجود باتجاه مدارسها تزنـّرها حقائق ملونة .
نظرت إليها بشغف أشرع رياحه باتجاه شارع في ضواحي طفولتي، بدأت أسمع هسيس عوالمي التي تتطاول أمام عينيّ والتي تقبع في بقعة آمنة من ذاكرتي، تذكرت لباسي المدرسي، بكلات شعري، حقيبتي، مقلمتي، ألواني، تذكرت صفي وسبورتي ومعلمتي وكتابي المدرسيّ .. أغمضت عيني للحظة، استرجعت الصفحة الأولى من كتاب القراءة .. أستيقظ باكراً، أرتب سريري، أغسل وجهي، أنظف أسناني، أرتدي ملابسي، أرتب حقيبتي..فجأة يقفز إلى ساح ذهني خاطر لماذا لم يتطرق منهج الكتاب إلى إضافة فكرة (أغسل قلبي كل مساء)تطاولت الفكرة أكثر فأكثر فوجدتني أقول لو تعلم الأطفال غسل قلوبهم كل يوم من أدران الشر والشوك والكره ألا يكون لهذه العادة بعدها الذي ينعكس إيجاباً على صحتهم النفسية مستقبلاً ؟ فيتعاملون مع كراهية ا لآخرين وحسدهم بالحب والغفران؟؟..هذا ليس لأننا لا نستطيع أن نرد لهم الصاع صاعين، بل لأن نصف مشاكلنا، إن لم تكن كلها، تكمن في كوننا نعتبر أنفسنا أننا في موقع الصح والآخر هو المخطئ دوماً، إضافة إلى أننا نتصرف دون أن نضع أنفسنا مكان الآخر، إذاً مشاكلنا هي من صنع أفكارنا، لأننا لا نفهم الآخر، فمعرفة الآخر شيء صعب .
يقول (كونفوشيوس) الحكيم الصيني، (إذا أردت أن تفهم شخصاً فعليك أن تمشي في حذائه ألف ميل) .
ألم يكن تأسيس عادة كهذه من أولويات صناعة الإنسان لنبعده عن الإحساس بوجع الذات ونقربه أكثر من ملاحظة الجمال والخير في الذات النفسية للآخرين ؟؟..
ألم يكن لهذه المنهجيات لو تفتـّح الأطفال عليها قدرة على هدم الشر واقتلاع المساكب المالحة ومواجهة منظومة العنف بمعادلة الحب ؟؟..
أجدني أضحك فأين تباع هذه الأفكار الغريبة والتي هي بضاعة غير رائجة ؟ . وهل بإمكان أحد أن يكسر الجبل بفأس صغيرة ؟؟..
تعالوا لنزرع ورود المحبة على حواف هذا العالم البريّ، ولنغسل قلوبنا من الفردية والأنا، وننقب عما هو جميل في قلب كل منا، تحضرني مقولة لِـ (باسكال) (إن الكلمة نقالة – عربة يد – يمكنك أن تنقل فيها تبناً أو سبائك ذهبية) .
ولنهز بجذع المحبة فتسـّاقط رطباً شهيا، ونستنزف الأيام مودة، وليعد كل منا إلى قلبه في ساعة خلوة دون رهبة من أذن تتلصص بعيداً عن هذا العالم الأرضي الصاخب المتجهم .
هو شيء من جرد حسابات، أو دعوة لصفاء داخلي ذهني ،وطقس إنساني حركه فينا الخريف، وصدقوني أن ثمة رؤية جديدة ستتكون في داخلنا مقابل الرؤية السائدة وسندخل في مخاضات خضراء تزيح بكفيها سواد الليل ونوس فتيل قنديل الزيت .
تقول الحكمة الصينية : (إن لم تزد على الحياة شيئاً فأنت زائد عليها). وإذا أخفقنا فماذا يبقى للقلب غير التوقف عند محطات الاكتئاب والأحزان؟؟..
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
هنادة الحصري غير متصل   رد مع اقتباس