رحمك الله أيها الحبيب
[align=justify]
اشتبك القلب بالبكاء والنحيب وراحت العينان تذرف الدمع دون حدود .. مات الأديب والصحفي يحيى يونس الخطيب في 9/7/2007 ، وشعرت أن الدنيا كلها تقف على قدم واحدة ورحت لا أدري أكنت في غياب أم ذهول أم تشتت أضاعني رغم ادعائي التماسك .. من مستشفى إلى مستشفى ، كنا ننقله والجواب الغريب لا أسرّة عندنا .. لماذا إذن هي المستشفيات ؟؟.. الأطباء مثل الجدران:" ماذا نفعل " نصيح ربما بشكل مشترك :" إنه يموت .. أتعرفون معنى ذلك؟؟".. " لا أسرة عندنا " نحمله بعد أن ذاق الويل في التنقل من مكان إلى آخر إلى الإسعاف في أحد المستشفيات الخاصة .. الطبيب مثل من تورط يقوم بما يسمونه واجبا .. ينقلونه إلى العناية المركزة.. بعد قليل يطلّ عليك وجه الطبيب " ماذا تقربه " أقول :" ابن أخته " بكل حياد وكأن الأمر لا يعنيه " العمر لكم لقد مات " !!.. كان الأجدر أن يقول " قتلناه بتأخرنا وإهمالنا وجعله ينتظر كل هذا الوقت ".. والكلام لم ينته بعد في هذه الليلة الليلاء :" تأخذونه إلى البيت أم نضعه في البراد؟؟"".. نأخذه إلى أين في هذا الجو الخانق بعد أن رحل ، هل نحمله أشياء أخرى تحدث لجثته في هذا الحر " أبقوه في البراد .." ليكن "..
احترت وأنا أتذكر ما قرأتاه عن الأطباء وملائكة الرحمة .. تبعني أخواي عصمت ورأفت لم أستطع البقاء ركبت التكسي متوجها إلى المخيم ، كنت أداري دمع الروح والقلب والعين والعمر كله .. في البيت انفتحت كل الينابيع دفعة واحدة وتحولت إلى شهيق أخذ يعلو ويرتفع وكأنني أبكي الدنيا كلها بما فيها وما عليها وما أصابها ..
هل كان فقط خالا وأديبا ولد في العام 1939 وأهدته الصهيونية التشرد والنفي والغربة ، هل كان مجرد صحفي عمل هنا وهناك ملاحقا الأخبار من مكان إلى مكان .. أم كان بالنسبة لي عمري الذي وعيت عليه ويدي في يده أشرب من دنياه الكثير من الحياة وأسرار الحياة البسيطة المرحة الجميلة .. هل كان مجرد صديق عرفته يحب الصغير والكبير ويعرف كيف يكون صديق الجميع بما طبع عليه من خلق كريم قلّ نظيره ؟؟.. أم هل كان أبا محبا رائعا لنجلاء ونور ويونس الذي ما زال في الصف السادس الابتدائي وما عرف بعد حقيقة أن يغيب الأب بشكل نهائي تاركا له هذا الفراغ القاتل من الوحدة وهو الأحق بهذا العمر بأن يكون له الأب كما لشقيقتيه قريبا كل القرب بعد أن صارت الدنيا صعبة مرة مجنونة إلى هذا الحد ..؟؟..
تركني الأديب الخال حائرا أبحث في الذات عن كل تلك الصور الجميلة التي تركها رائعة البهاء .. تركني أجترّ الحزن بيني وبين نفسي رأفة بالبقية حتى لا أبكي واستبكي .. فيكفي أن يكون الدمع لي وحدي في هدوء الليل بعد أن يذهب كل إلى فراشه .. يصعب أن أذكر كل ما ترك والأثر الذي ظل وسيظل في كل ركن عرفه .. وصعب أن أفرد الأوراق الكثيرة التي كتبها في الصحافة فهي وليدة سنوات طويلة من العمر ..
رحمك الله أيها الخال الحبيب .. رحمك الله أيها الكاتب الذي عاش الصحافة بمرها وحلوها .. رحمك الله يا من رافقت الحرف ورافقك حتى آخر العمر .. رحمك الله أيها الحبيب الحبيب ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|