عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 01 / 2008, 37 : 09 PM   رقم المشاركة : [7]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية

[frame="1 10"]
الأستاذ خيري حمدان تحياتي و عميق تقديري
شكراً لك على كلماتك اللطيفة و الشكر الأكبر على انضمامك لأسرة نور الأدب

تجربة مؤلمة و مريرة ما مرت به يا سيّدي مع والدك رحمه الله و أسكنه فسيح جناته
لقد تأثرت جداً بما مررت به حتى أني لم أستطع أن أكتب الرد و انتظرت أيام حتى أنفصل قليلاً عن هذا الألم الذي يجعلني إنسانياً و وجدانياً ألهث على شواطئ الحزن و غربة الحياة ..
لقد صفعني الموت فجأة بلا مقدمات، حين كنت طفلة صغيرة لم تتجاوز كثيراً في سنوات عمرها عدد أصايع اليد الواحدة و لم أكن أفهم حينها شيئاً عن الموت!
مرّ والدي الحبيب في ذلك الصباح وعانقني و قبلني على رأسي من الخلف دقائق معدودة قبل أن أسمع صراخ والدتي المذعور المفجع
كابوس مرعب و جرح غائر لا يمكن أبداً أن أشفى منه و تلتئم جراحه و لو عشت ألف سنة!
في سلسلة الرسائل الأدبية المشتركة بيني و بين الأستاذ طلعت سقيرق" نبضات دافئة في شارع العمر" تحدثنا عن موت الأب وكتبت له عن ذلك اليوم، لم نقم بعد بنقل معظم رسائل هذه السلسلة من الموقع القديم لكني سأفعل قريباً و أتمنى أن تقرأها كما أتمنى أن أطلع على روايتك " أحياء في مملكة السرطان " و سأوصي المكتبة العربية إن يكن بالإمكان إحضارنسخة منها.
أعانك الله على احتمال هذه الذكريات المريرة وجعل كل هذا الألم الذي مررت به والذي فاق طاقتك بالتأكيد في ميزان حسناتك، رحم الله والدك و والدي و عمي و رحمنا من أي ألم يفوق طاقاتنا..
و تفضل بقبول فائق آيات تقديري و احترامي لشخصك الكريم و لإبداعك

[/frame]


اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيري حمدان
المبدعة هدى الخطيب



هناك نوافذ كثيرة على العالم، وأنت فتحت أكثرها جدلاً. لقد مررت أنا بمثل هذه التجربة وكنت شاهداً على حالة موتٍ بطيء لولدي إثر إصابته بسرطان الرئة. مات الجسد الجسد بطء وألم وكان في نهاية رحلة حياته قد تجاوز الخطّ الأحمر الذي يفصل الأحياء عن الأموات. وكتبت رواية اسمها "أحياء في مملكة السرطان" واسمحي لي أن أنقل جزءاً صغيراً ذو علاقة مباشرة بالموضوع.
* * *
?ذه المرة أردت أن أشاهد الدنيا بعيون والدي التي لم تنغلق بعد وإلى الأبد. شاخ جسده مرة واحدة. قدمه اليسرى تورمت كثيراً بسبب نقص الغذاء وباتت البقع الداكنة على وجهه ورأسه دائمة. صفائح الدم لم تعد تحتمل وقع الحياة الرتيبة. أخذت تنفجر وتهجر مجراها الدموي غير المنقطع عبر الشرايين والأوردة.
معركة خاسرة استمرت ما يقارب ستة عشر شهراً. كيف يحتمل الإنسان كل هذه الأقراص الطبية. آلاف من الأقراص، بعضها للمعدة، للعظام، للهدوء النفسي والسكينة، للمغص ولسكرات الألم. يبتلعها والدي دون كلل يوماً بعد يوم. يتحول جسده لصيدلية متنقلة بل مستودعٍ للأدوية، ويصرخ الوعي والدماغ، هل من خلاص! في هذه الحالات جميعنا يعرف الجواب، الموت رحمة وخلاص. والكلمة الأخيرة تبقى بيد الخالق، فهو أدرى بخلقه منا. ندرك نحن العقلاء الأصحاء ذلك. ويرفضه المريض المحكوم بكل ما أوتي من قوة وإرادة. وكلما أدرك هذا المصير زاد رفضه للحظة النهاية. هذه سُنَّة الحياة، فعذراً يا والدي. دع الأمور تجري لأقدارها. أدرك اللاوعي عبثية الاستمرار، لم تعد اللحظة الجارية تحمل نشوة الحياة وتوقف الطبيب عن ذرّ الرماد في العيون. توقف عن تشجيعنا واكتفى بقول "لا حول ولا قوة إلا بالله". أجهر أخيراً بضعفه وأسلم بضعف الطب الحديث أمام هذه المعضلة. حان الوقت لإراحة الخيل بعد أن جابت بلاد الله الواسعة. لن تغادر فراشك يا والدي إلا لمثواك الأخير. عندما ستبدأ رحلة حياتك الجديدة. هل تملك القوة الآن لترسم على شفتيك المتشققتين ابتسامة! افعلها وابتسم؟
أخبرني ما الذي تراه الآن بعد أن تخطيت الخطوط الحمر التي تفصلنا عن العالم الآخر. أعرف أنك ترى أشياء كثيرة لا نراها نحن الذين نحوم من حولك. أعرف أنك تتحدث وأشخاص لا يظهرون لغيرك. كان يشير بإبهامه نحو المروحة المعلقة في السقف. هنا من يعتليها! شخص ما هناك يثير خوفك ورعبك، من يكون ذلك الشخص يا ترى! أهو الشيطان بعينه! أم أنه يكون ملاك الموت ينتظر بفارغ الصبر ساعة النهاية!… لا جواب! يرفض الحديث عن ذلك. بل ويسألنا بما تبقى لديه من قوة "هل ترونه أنتم أيضاً".
نهز رؤوسنا سلباً. عندها يستغرب استفساراتنا ويقول راجياً "لا تسألوني عنهم، لا أستطيع التحدث عن ذلك".
ثم يبدأ رفضه القاطع. يعبر عنه بسبابته ويده ورأسه، يهز رأسه مُحْتَداً وتراودنا الأسئلة مجدداً "ما الذي يرفضه الآن. هل قدموا لك عروضاً مشينة. ماذا يدور في عالمك الآن يا والدي؟ "ومن جديد تبقى أسئلتنا عقيمة. تبحث هي الأخرى عن بعض الإجابات التي لا تأتي ولن تأتي.
أشعر بأن البيت مأهول بالسكان. كأن عالماً آخر يشاركنا المنزل بصمت دون أدنى حركة أو إشارة. كنا نشعر بوجودهم عبر انفعالات والدي. ربما كان ذلك محض كوابيس وصراع من أجل الحياة. لا أظن ذلك. لأن ذاكرته أصبحت قوية وحادة كالموسى. كان يتذكر أشخاصاً ووجوهاً غابت عن عالم الأحياء منذ زمن طويل. أشخاص لا نعرف أسمائهم ولا نذكر حضورهم بيننا في الماضي القريب. لكن عمّي كان يهز رأسه موافقاً لأنه يذكر هؤلاء الأشخاص. عاصرهم هو الآخر وخاطبهم يوماً ما في الماضي البعيد. لكنه كان يفضل الصمت والابتسام. يهز رأسه بحيرة دون أن يهمس بكلمة واحدة.
بدأت التقرحات تظهر على جسده في منطقة الظهر وفي المؤخرة.
كنا ندهن المناطق بمرهم خاص يحتوي على مضاد حيوي. كان أثر السرير واضحاً في أطراف جسده. تقرحات تفوق في وطأتها وعفنها الوضع العربي الراهن.



*** *** ***

توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت

التعديل الأخير تم بواسطة هدى نورالدين الخطيب ; 08 / 04 / 2010 الساعة 14 : 12 AM.
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس