23 / 09 / 2009, 19 : 02 PM
|
رقم المشاركة : [9]
|
كاتبة وعضو نشيطة دائمة في منتديات نور الأدب
|
رد: حكايات من زمن فات (1-العشق علي أيامهم )
[align=right]
الجزء الثانى والأخير
فرفع رأسه ورأى من تلبس الحجاب الأبيض على حرفة مشغول الدانتيلا المخملية وتنظر من بين ضفتي الشرفة ولكن لا يظهر أي شيء من وجهها .....فخفض رأسه سريعاً حتى لا تعتقد أنه يتلصص عليها بالنظرات .......وأسرع في الخطى حتى يصل لمنزله في آخر الشارع .....ولكنه سمع فجأة صوت أجش يصرخ في حزم :
= هااااااا مين هناك؟؟؟؟
وأقترب منه صاحب الصوت وقال له:
= حسين أفندي ؟؟؟؟ كيفك حسين أفندي والوالد والهانم الوالدة بارك الله فيهما ؟
= بخير والحمد لله .
=لماذا تأخرت بالخارج هكذا فالجو بارد ؟
=مشاغل ياشاويش عبد الواحد .
سار معه يكلمه وهو متوجه للمنزل ..
=البرد يا حسين أفندي قارس .. ان السيد الوالد تعطف علي بالأمس بكوب شاي معتبر وشطيرة بالبيض طعمهما مازال في فمي حتى الآن .......يجعله عامرا .
هنا تركه حسين أفندي ودخل البيت والهواجس تتلاعب به وتساءل نادماً وموبخاً نفسه :
= أرآني الشاويش وأنا أرفع عيني للشرفة ..وماذا سيقول عنى ؟؟؟؟إنني هاتك أعراض....إنني لا أحفظ حرمة البيوت ......يا ويلي حتى العروس ستعتقد ذلك في ....إن الشيطان قد تغلب علي........
وصعد إلى حجرته وباله مشغول حتى أنه لم يغير ملابسه ...........ولم يخرجه من انشغاله سوى طرقات أمه الحانية على باب غرفته :
= حسين أفندي ......مالك يا بنى لم تغير ملابسك حتى احضر لك العشاء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
= سأبدل ملابسي حالا .
انصرفت الأم ولم تغب طويلا ورجعت له بصينية العشاء وجلست أمامه على الكرسي الفوتيه وهو يتناول عشاءه محاولا أن يخفي انشغاله عنها :
= ماذا بك يأبني أراك مشغول البال ؟؟؟؟؟؟
= ليس هناك شيء يا أمي .
تبسمت الأم وقالت :
=أضايقك الشاويش عبد الواحد ؟؟؟إنني رأيته يسير معك من أول الشارع ....إنه رجل طيب وعلى سجيته .
= نعم يا أمي حتى أنه يتذكر كوب الشاي وشطيرة البيض التي ناولتنه بالأمس .
تبسمت الأم وقالت :
= ذكرتني ...........ناد عليه من الشباك ليأخذ واحدة وكوب شاي ...أنه على قد حاله وسيظل طوال الليل في البرد ......لقد سخره الله لحمايتنا وهو لا ينام أبداً خلال عمله .
أطل من فتحة الشباك وناد عليه .. أقترب وناوله شطيرة وكوب الشاي فشكره ودعا له بالبركة وانصرف بعيدا عن الشباك .
قالت الأم :
= ألن تصرح لي بما يشغلك ؟؟؟؟؟؟
= لقد تجرأت ورفعت عيني على شرفة شريفة هانم الشربتلي ....وتقريباً كانت تقف البنت بالشرفة ......ولكن لم أر أي شيء من وجهها إذ كان الايشارب الأبيض يغطي وجهها بالكامل ..
= لماذا التسرع يابني........ إنني أنتظر قليلاً حتى يأتي الدور عليها لاستقبال مجلس السيدات عندها وسأطلع على منزلها وابنتها وكل أحوالها وسأقرر هل سأفاتحها في الموضوع أم لا .............ولكن عندي إحساس أن ابنتها جميلة ..لأن أمها رائعة الجمال وراقية جداً وأنيقة .........ربنا يكتب لك في الطيب نصيب يابني ......تصبح على خير .
قالتها وهمت بالانصراف .
= وأنت ِ بكل خير يا نينة .
أغلقت عليه باب الحجرة .وقد شعر بالارتياح لكلامه مع أمه ...ثم مد يده يقلب في القصص على مكتبه فأخرج قصة "تحت ظلال الزيزفون" بترجمة المنفلوطي .. سكن في سريره وأخذ يقرأ كلمات تصف العشق بين ماجدولين وستيفن ورقة الكلمات التي أبدعها وترجمها مصطفى لطفي المنفلوطي حتى بكى من روعة المشاعر المتدفقة بين حروف الوله العذري بينهما ...وفراق الحبيبين ووعد ماجدولين لحبيبها بأنها لن تخلع الخاتم الذي صنعه لها من شعره حتى الممات ....أمسك الكتاب على صدره وراح في نوم عميق حتى الصباح .....
أفاق من نومه متبسماً مشرقاً متفائلاً بيوم سعيد ....توجه لعمله ومر يومه كمعظم الأيام . وعند عودته في المساء ترجل متباطئا في المشي عند بيت شريفة هانم الشربتلى ونظر يميناً ويساراً حتى يتأكد أن لا أحد يراه وتحسس طربوشه ورفع عينه إلى الشرفة .ليروى عشقه بنظرة .....فوجد رأس ذات الحجاب الأبيض وعليه الدانتيلا تقف بين ضفتي الشرفة ويداعبها الهوا ويداعب قلبه معها .ولكنه لم ير من وجهها شيء
فخفض عينه بسرعة وأسرع في الخطى لبيته ودخل حجرته والأفكار تراوده محدثاً نفسه :
= إنها تنتظر عودتي ..إنها تكبد نفسها الجلوس في هذا البرد لتراني وتطمئن أنني قد رجعت لبيتي .........يالسعادتى بها ....إنها صبورة ...لو كانت تزيح هذا الايشارب الذي تغطى به وجهها لأرى جمالها .....كانت ستكمل سعادتي بها ........ولكن أمي تقول:..... أمها في غاية الجمال والرقة ..بالتأكيد هي مثلها .....إن حظي حسن بها إذا وافقوا علي زواجي .....ولم لا .......؟؟؟؟؟؟؟ أمي ستتدبر الأمر .
أمسك بقصته تحت ظلال الزيزفون وأكملها وبكى لفراق الحبيبين والرسائل الساخنة المملوءة بالمشاعر الفياضة الرقراقة ووصف الطبيعة الجميل مع الحب تحت ظلال الزيزفون ......حتى تشبع بالحالة الرومانسية وتمنى أن يأخذ عروسه إلى الغابة وعند النهر يفترش الزهور وسط الخمائل وينشدها قصائد العشق والوله لتنظر له نظرة عشق لا يشبع منها ابدآ ........
وظل حسين على هذه الحال لبضعة أيام ز وفي كل يوم يرجع في نفس الموعد وينظر إلى شرفة عروسه ليجدها تنتظره وعليها الايشارب الأبيض ذي الدانتيلا الذى يغطى وجهها ...ولم يخلف ميعاده أبداً وهى لم تغادر شرفتها حتى أصبح مولعاً بعروسه المستقبلية ولم يعد يستطع النوم من كثرة تفكيره فيها حتى البكاء .
واستحث أمه على الذهاب وأمه تطمئنه أن الموعد قريب حتى يراها بدون أن يحرجها أولا قبل التقدم لها ............ووافق حسين أفندي على مضض .........وصار يُصبر نفسه بوعد السعادة القادم لا محالة .
و
و
في تلك الليلة دخل الشارع في موعده ونظر إلى لشرفة ووجد عروسه تقف مكانها الذي تعهده وعلي رأسها الايشارب الأبيض المزين بالدانتيلا ولا يظهر من وجهها شيء ..فتجرأ وأدخل يده في فتحة الجاكت اليسار ليضع يده على قلبه كإشارة لها تدل على حبه لها ويرى ردة فعلها ...........فإذا بيد من ورائها فجأة تخلع الحجاب واليد الأخرى تمسكها من رقبتها وترفعها عالياً .................لترتوي من مائها وتضعها مكانها مرة أخرى فتسقط في الشارع أمامه بصوت مدوي ...متناثرة قطعها من الفخار القناوى على أرض الشارع ........سقط حسين أفندي مغشياً عليه من هول المفاجأة ......ليفيق على صوت لرجل كبير في السن يرش على وجهه الماء ويساعده فى النهوض ويقول:
= أفق يا بنى جاءت سليمة ولم تقع القُلة على رأسك ....وضعتها بالخطأ فى فتحة الشرفة .
وتردد نفس الكلام خلفه وبدت بنت كبيرة بلهاء يبدو عليها لطف الله ..
=اسكتي يا لبيبة ...وأدخلي إلعبي بالداخل ........فهو متعب من المفاجأة
صرخت لبيبة بصوت أجش :
= لا سألعب معه هههههههه هههههههههههه هههههههههههههه .
جاء على الصوت الشاويش عبد الواحد .
= لا حول ولا قوة إلا بالله ......انهض يا حسين أفندي ......سليمة لم تقع القُلة على رأسك ......تعيش وتأخذ غيرها .
انتـهـــــــــــــــــــت
[/align]

|
التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 24 / 09 / 2009 الساعة 16 : 05 PM.
|
|
|