أخي الفاضل عبد الله الخطيب اعذر جفاء ردي وغلظته فكلي احترام لشخصك الكريم
وألان لنبدأ في تحليل مراد الإمام ابن باز رحمه الله من هذه المقالة
قال رحمه الله وإنما الذي ينكر اليوم ويستغرب صدوره عن كثير من أبناء الإسلام من العرب، انصرافهم عن الدعوة إلى هذا الدين العظيم، الذي رفعهم الله به، وأعزهم بحمل رسالته،
فصار هؤلاء الأبناء يدعون إلى التكتل والتجمع حول القومية العربية، ويعرفونها بأنها اجتماع وتكاتف لتطهير البلاد من العدو المستعمر، ولتحصيل المصالح المشتركة، واستعادة المجد السليب.انتهى
هذا الذي أنكره الإمام ابن باز رحمه الله أي الدعوة لغير دين الله والتماس العز في ما سواه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أعزنا الله بهذا الدين فمن ابتغى العزة في غيره أذله الله .ولم يقصد الشيخ القدح في العروبة وذمها وحاشا له رحمه الله.
أولا لنعرف عناصر القومية العربية على أساس المفهوم الذي اعتمده الشيخ في نقده على انه لا مفهوم لها الا هذا -وقد اختلف الدعاة إليها في عناصرها، فمن قائل: أنها الوطن والنسب واللغة العربية ومن قائل: أنها اللغة فقط ومن قائل: أنها اللغة مع المشاركات في الآلام والآمال ومن قائل غير ذلك وأما الدين فليس من عناصرها عند أساطينهم والصرحاء منهم، وقد صرح كثير بأن الدين لا دخل له في القومية، وصرح بعضهم أنها تحترم الأديان كلها من الإسلام وغيره وهدفها كما يعلم من كلامهم هو التكتل والتجمع والتكاتف ضد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة كما سلف، ولا ريب بأن هذا غرض نبيل وقصد جميل .انتهى كلام الشيخ
وهنا تجد أنها في واد والإسلام في واد- وأنا أتكلم دائما عن القومية العربية وليس عن العروبة-أي أن الدعاة إلى القومية العربية يريدون رسم وخط منهج وسبيل آخر للمسلمين يسيرون عليه لتحقيق النصر المؤزر وإخراجهم من براثن التخلف وسجف الانحطاط, الشيخ متفق معهم حول إخراج المسلمين من مستنقع الانحطاط ولكنه أنكر عليهم المنهج والسبيل لتحقيق ذلك فقال -فإذا كان هذا هو الهدف، ففي الإسلام من الحث على ذلك والدعوة إليه، وإيجاب التكاتف والتعاون لنصر الإسلام، وحمايته من كيد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة، ما هو أكمل وأعظم مما يرتجى من وراء القومية.انتهى
أي إننا مسلمون نؤمن بالله ونجزم في ذلك على أن دينه دين الحق إذا فالداعي إلى ابتغاء النصرة والعز في غيره إلا نقص الإيمان أو عدمه .
أضف إلى ذلك أن هذه الدعوة القومية تخرج المسلم غير العربي من دائرتها وتدخل الكافر العربي فيها وتضمه إليها وفي هذا من الضرر والفرقة ما لا يخفى على احد.
ثم قال رحمه الله- ومعلوم عند كل ذي لب سليم أن التكاتف والتعاون الذي مصدره القلوب، والإيمان بصحة الهدف، وسلامة العاقبة في الحياة وبعد الممات كما في الإسلام الصحيح - أعظم من التعاون والتكاتف على أمر اخترعه البشر ولم ينزل به وحي السماء، ولا تؤمن عاقبته لا في الدنيا ولا في الآخرة.انتهى
فباعتبارنا مسلمون مؤمنون بما أتى من عند الله تعالى من الحق يستلزم ما قاله الشيخ وان الدعوة لغير دين الله لا تصح وابتغاء العز في ما سواه باطل.
نعم نحن عرب مسلمون نفتخر بذلك ونعتز بعروبتنا كيف لا وكتاب الله نزل بلسان عربي مبين ,نبينا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم ,عربي قح ومن اشرف قبائل العرب أليس هذا تمام الشرف والعزة
وكنقطة اخيرة قال الشيخ رحمه الله-وذكر كثير من مؤرخي الدعوة إلى القومية العربية، ومنهم مؤلف الموسوعة العربية: أن أول من دعا إلى القومية العربية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، هم الغربيون على أيدي بعثات التبشير في سوريا، ليفصلوا الترك عن العرب، ويفرقوا بين المسلمين، ولم تزل الدعوة إليها في الشام والعراق ولبنان تزداد وتنمو، حتى عقد لها أول مؤتمر في باريس من نحو ستين سنة، وذلك عام 1910 م، وكثرت بسبب ذلك الجمعيات العربية، وتعددت الاتجاهات، فحاول الأتراك إخمادها، بأحكام الإعدام التي نفذها جمال باشا في سورية في ذلك الوقت، إلي آخر ما ذكروا، فهل تظن أيها القارئ أن خصومنا وأعداءنا يسعون في مصالحنا، بابتداعهم الدعوة إلى القومية العربية، وعقد المؤتمرات لها، وابتعاث المبشرين بها، لا والله، إنهم لا يريدون بنا خيرا ولا يعملون لمصالحنا، إنما يعملون ويسعون لتحطيمنا وتمزيق شملنا، والقضاء على ما بقي من ديننا، وكفى بذلك دليلا لكل ذي لب، على ما يراد من وراء الدعوة إلى القومية العربية، وأنها معول غربي استعماري، يراد به تفريقنا وإبعادنا عن ديننا كما سلف. انتهى
شكرا لكم أيها الأفاضل أنا اعلم أن الموضوع حرج والخوض فيه صعب ولكنه الحق وما بعد الحق إلا الباطل
قال الكاتب الاسلامي الكبير ابو الحسن الندوي رحمه الله:
(فمن المؤسف المحزن المخجل أن يقوم في هذا الوقت في العالم العربي، رجال يدعون إلى القومية العربية المجردة من العقيدة والرسالة، وإلى قطع الصلة عن أعظم نبي عرفه تاريخ الإيمان، وعن أقوى شخصية ظهرت في العالم، وعن أمتن رابطة روحية تجمع بين الأمم والأفراد والأشتات، إنها جريمة قومية تبز جميع الجرائم القومية، التي سجلها تاريخ هذه الأمة، وإنها حركة هدم وتخريب، تفوق جميع الحركات الهدامة المعروفة في التاريخ، وإنها خطوة حاسمة مشئومة، في سبيل الدمار القومي والانتحار الاجتماعي) انتهى.
تقبلوا خالص مودتي وتقديري
وستكون لي عودة إن شاء الله