خريف الأحزان
عادت بي الذكريات إلى مرتعي الذي كنت ألهو فيه و ألعب الساعات الطوال دون أن اكل أو أمل..
مضيت في طريقي لا أرى منه شيئا إلا ماكنت ماضية في البحث عنه.. توقفت برهة بباب الكهف الذي كنا نختبئ فيه من عواصف الشتاء و زخات المطر و لفحات الشمس الحارقة..
عدت بفكري إلى زمن غير بعيد كان يجلس فيه بجانبي.. و يسمعني من كلمات العشق و الغرام ما لم تسمع مثله امرأة قط..
كان يجعلني بكلامه أبدو امرأة ناضجة تارة.. و طفلة مدللة تارة أخرى..
آه من هذا الفراق الذي يجعل الذكريات نارا تشتعل في قلوب المحبين..
تقدمت خطوة إلى الجهة التي نقش فيها اسمينا على الصخر.. كان يفعل ذلك بقلبه لا بيده، و كانت السعادة تنط من عينيه اللامعتين تقولان لن يفرق بيننا شيء مهما طال الزمان..
لكن هيهات قد أتى ما فرق بيننا..
توقفت لحظة عن تفكيري.. فأخذت الدموع تنسكب على خدودي و تروي أحزاني و آلامي بحرقة الفراق.. كل ما حولي كان يشاطرني الحزن..
تقدمت بخطى متثاقلة نحو الشجرة التي لطالما أظلتنا بأوراقها و شهدت بوحنا.. لكني حزنت أكثر حين رأيت أوراقها ذابلة و أغصانها جافة.. كأنها أحست الألم الذي يعتصر قلبينا فعاشت معنا مأساة الحزن..
سألتها عن أخباره.. و هل يزور مهد عشقنا.. فأجابت أنه يأتي كل يوم يذرف الدموع ثم يمضي غارقا في أحزانه.
حملت طرف ثوبي بين يدي و أخذت أجري عائدة من حيث أتيت كيلا...
ما كنت أخشاه قد وقع.. تراءى لي من بعيد طيفه.. فركت عيناي خشية أن أكون في حلم.. و كلما اقترب فركت عيناي أكثر حتى أراه بوضوح.. كل شيء بداخلي كان يقول لي أنه هو.. لكن..
عندما حدثته كان شخصا آخر لا اعرفه في صورة حبيب أعرفه حق المعرفة..
ما صدقت نفسي.. طرحت عليه السؤال تلو السؤال.. و في كل مرة كان يجيبني بما رجعت به هما فوق همي..
تركته متجها نحو الغدير و عدت أدراجي و أنا مثقلة بالأحزان..
لكم تمنيت لو لم أذهب إلى مرتعي..
و لكم تمنيت لو لم يأخذني الحنين إليه..
و لكم تمنيت أن تبقى ذكراه جميلة في قلبي..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|