اخي الفاضل لنبدأ من البدع الاضافية قال الشاطبي
ولا بد قبل النظر في ذلك من تفسير البدعة الحقيقية والإضافية فنقول وبالله التوفيق
إن البدعة الحقيقية هي التى لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل ولذلك سميت بدعة - كما تقدم ذكره - لأنها شىء مخترع على غير مثال سابق وإن كان المبتدع يأتى أن ينسب إليه الخروج عن الشرع إذ هو مدع أنه داخل بما استنبط تحت مقتضى الأدلة لكن تلك الدعوى غير صحيحة لا في نفس الأمر ولا بحسب الظاهر أما بحسب نفس الأمر فبالعرض وأما بحسب الظاهر فإن أدلته شبه ليست بأدلة إن تثبت أنه استدل وإلا فألامر واضح
وأما البدعة الإضافية فهي التي له شائبتات إحداهما لها من الأدلة متعلق فلا تكون من تلك الجهة بدعة
والاخرى ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية وهي البدعة الإضافية أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة إلى دليل وبالنسبة لى الجهة الأخرى بدعة لها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل أو غير مستندة إلى شىء
والفرق بينهما من جهة المعنى أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها مع أنها محتاجة إليه لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة.
وهناك امر دقيق في ما يتعلق بالبدع وهو قوله الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة.
فمثلا اخي الفاضل الاجتماع لقراءة القران بصوت واحد جهرا هناك دليل على الاجتماع لتدارس القران وهو قوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده رواه مسلم فالاجتماع لمدارسة القران وتلاوته سنة مرغب فيها ولكن القراءة بصوت واحد جهرا هي الشبهة وهي الكيفية التي لا تستند إلى دليل شرعي إذ لم يأتي ولا دليل واحد عن الصحابة أنهم اجتمعوا لقراءة القران بصوت واحد جهرا فهذه بدعة إضافية
والعلماء لا خلاف بينهم انها بدعة وانما الخلاف هل يترتب عليها على فاعلها الاثم ام لا أي بمعنى اخر هل هي محرحة ام مكروهة على ان الراجح من قول العلماء ان فاعلها يأثم
ومن جهة اخرى ان معظم المتساهلين في امر البدع يستندون الى الثر المروي عن عمر حين جمع الناس في صلاة التراويح على امام واحد وهذا الاستدلال مردود عليهم من وجوه
1-ان النبي كان يحث على قيام رمضان ويرغب فيه وكان الناس يقومون في زمنه في المسجد جماعات متفرقة ووحدانا وهذا الدليل والاصل الذي يرجع اليه واما الكيفية والتفصيل وجمع عمر رضي الله عنه الناس على امام واحد فدليله على هذه الكيفية ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان اكثر من ليلة ثم امتنع من ذلك معللا بأنه خشي ان يكتب عليهم فيعجزوا عن القيام به وهو مروي في الصحيحين وروي عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يقوم بأصحابه ليالي الافراد في العشرالاواخر. فلما امن هذا بعده صلى الله عليه وسلم قام عمر بجمع الناس مرة اخرى على امام واحد وهو ابي بن كعب رضي الله عنه فكان فعله رضي الله عنه سنة من الجهتين جميعا
اما قول عمر نعمت البدعة هذه فقد عنى بها البدعة اللغوية
2-انه صلى الله عليه وسلم امر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهذا قد صار من سنة الخلفاء الراشدين فأن الناس اجتمعوا عليه زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما
فالبدعة المحمودة ما وافقت السنة يعني ما كان لها أصل من السنة يرجع إليه وإنما هي بدعة لغة لا شرعا لموافقتها للسنة
واما تقسيم العلماء البدعة الى الاحكام الخمسة فهم قصدوا المصلحة المرسلة وهي غير داخلة في ما يتعبد به على وجه القربة وانما تكون لمصلحة اقتضت ذلك ويكون لها اصل شرعي تستند اليه ولا تكون مخالفة للكتاب والسنة
اما في ما يخص قراءة القران واهداء ثوابه فهذه بدعة صريحة لعدم استنادها لدليل من الكتاب والسنة وما روي من ذلك من الاحاديث فهي ضعيفة جدا و ما روي عن الامام احمد في ذلك ايضا اقوال وروايات شاذة منكرة لا تصح
ولو كانت من السنة في شيء لنقل لنا عن الصحابة ذلك والعلماء لم يختلفوا في ذلك بل الجمهور على ان ذلك بدعة يأثم فاعلها
اما الاحتفال بعيد المولد النبوي بدعة منكرة اولا لمخالفتها لصريح السنة وهي ان للمسلمين في العام عيدين فقط) قَالَ: «كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِـيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ قَالَ كَانَ لَكُمْ يَوْمانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى».
ثانيا انه من باب التشبه بالمسيحيين
اما ان نقوم في مثل هذا اليوم بتذكير الناس بمولد النبي وعقد مجالس لقراءة السيرة النبوية من غير تقييده ووسمه بسمة العيد فلا حرج في ذلك ان شاء الله
فجعل يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا من اعياد المسلمين وتخصيصه بأنواع من العبادات بدعة منكرة لا اصل لها ولا مستند من الشرع
وستكون لي عودة ان شاء الله