عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 10 / 2009, 17 : 01 AM   رقم المشاركة : [12]
عبد الحافظ بخيت متولى
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية عبد الحافظ بخيت متولى
 





عبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: يا حافيَ القدمين

من الجميل أن يكون الشاعر واعيا لما يكتب قادرا على توظيف الجملة الشعرية وتوهجها فى بساطة تركيب شعرى وسحر لغة بعيدا عن التعمق فى الخيال المسرف وهنا يستطيع المرسل الشاعر توصيل رسالته الفنية الى المتلقى عبر وسيط فنى مقبول ومقنع وهنا ايضا يتحقق شرط الابداع فى الخطاب الشعرى للنص والقصائد التى تتعلق بالوطن نوعان: اما قصائد مباشرة وحماسية لا تختلف عن الخطبة الثورية الا بالوزن والترديد الموسيقى واما قصائد مغرقة فى توظيف الرمز او التاريخ او الاسطورة مما يجعل الاحساس بها سطحيا لانها تحتاج الى مثقف يعرف التاريخ والاسطورة ويجيد فن قراءة ما وراء هذا التوظيف وفق آلية ثقافية ووعى حاد وللأسف كثير من الشعراء لا يدركون اننا فى امة معظمها مصاب بداء الأمية الثقافية والقطيعة مع التاريخ والميتافيزيقيا بشكل عام وحين نقول لهؤلاء الشعراء تخففوا من الاغراق فى الرمزية حتى تصل رسالتكم الشعرية الى قطاع كبير من الناس يستدعون مقولة ابى تمام " لماذ لا يفهم الناس ما نكتب؟"
بيد ان الشاعر الجميل جدا كسر هذه القاعدة فى هذا النص الرائع حين لخص تاريخ الهزيمة العربية امام العدو فى قصيدة يتوجه خطابها الشعرى الى قطاع كبير من البشر " حفاة القدمين" وهم الالة البشرية للتغيير بعيدا عن النخب الحاكمة واستطاع الشاعر ان ان يوجز هذا منذ دلالة العنوان " ياحافى القدمين" واذا كنا نسلم بان العنوان هو البوابة الشرعية لقراءة النص وانه يوجز الفكرة الرئيس فى الخطاب الشعرى فاننا نسلم ايضا بان هذا العنوان هو مدخل التوهج النصى بتركيبة السياقى المعتمد على اداة النداء" يا" والتى من شأنها ان تجمع حواس المتلقى لاستقبال بقية السياق وتضعه عمدا فى المنجز الدلالى للعنوان ثم ياتى التركيب الاسمى " حافى القدمين" ليخترق الجانب الوجدانى فى المتلقى المتعاطف بطبعه مع الحفاة رمز القهر والفقر وهنا ينجح العنوان فى لم الشتات الذهنى للمتلقى ليدفعة فى غمار المتن النصى المفسر لهذا العنوان وياتى هذا المتن كاشفا عن مرارة الشعور عند الشاعر المهزوم من هزيمة امته والذى يرى ان الخلاص يمكن فى هؤلاء الحفاة فيستهل النص باستفهام متفجر قلق" ركب الجميع وانت ماذا تنتظر؟ ان هذا الاستفهام المغلف بالسخرية المريرة فاتحة نصية تنفتح على دلالة مرواغة فمن الجميع ؟ وماذا ركبوا ؟ ولم ركبوا" والى اين يتوجهون ؟ كل هذه الاسئلة تثيرها هذه الفاتحة النصية المصنوعة بمهارة شاعر حاذق
ثم يتوالى النص كاشفا عن اجابات هذه الاسئلة
"وقطارُ سِلمِ العارِ سـارَ ولم تَسِـر
فاترك رصيفَ الساكتين على الأذى
وارجع إلى عهدِ النضالِ المُسـتَتِر
ماذا سـتنفعُ ســلطة ُّ وحكومة ُّ
والأرضُ ينهبها دخيلُّ مُقتَـــدِر

وهنا ايضا يتحول الشاعر من مجرد موجه لاسئلة الى متلق ايضا لهذه الاسئلة فيصنع اجابات بوصفه احد هولاء الحفاة فيضع النص فى اطار يشبه المسرح اليونانى القديم الذى يقوم على صوت الممثل وترديد الجوقة وكاننا امام صوتين صوت عال يشبه الصراخ" ركب الجميع" وصوت يشبه الصدى الموازى "اترك رصيف الساكتين/ ارجع الى عهد النضال/ماذا ستنفع سلطة؟" وهذا الامتزاج يحمل الدفقة الشعرية فى النص كل التوهج والقلق الذى يحرك الماء الآسن فى نفس المتلقى حتى يصبح على نفس درجة احساس الشاعر ويظل هذان الصوتنا مابين خفوت وصياح يخلقان نوعا من التقابل الشعورى الساخر والمحرض على الثورة حتى تاتى نهاية النص "لحظة التنوير " فيه مختزلة رؤية الشاعر وهدفه"فاحشـد رفاقك للكفاحِ المُسـتمِر
واكسر حرابَ الغدرِ في دولِ الخنا
واجمع شـتاتكَ من شِتاتٍ مُنتَشِـر
فســيخلق الإعدادُ جيشــاً ثائراً
يمشي على لهَبِ الجحيمِ المُسـتعِر
وعظامُ جدِّكَ في الجليل ِ ستكتسي
عَزماً وإصـراراً وجيلاً ينتَصِـر"

هذا النص الذى يقع بين قوسين شعريين متوهجين قوس الفاتحة المراوغة وقوس الخاتمة الواضحة فى تحديد الهدف مما يجعلنا نواجه نصا باذخا ابرقت فيه لغة ساحرة وبساطة لا تخل بشرطه الابداعى
ثم ان الشعر اختار قافية الراء الساكنة التى تضافرت مع تزاحم افعال الامر فى النص وتوظيفها دلاليا وموسيقيا فكأننا امام سيمفونية شجية وكأن كل قافية صمت البندقية عقب طلقة الرصاص
احييك سيدى الشاعر العبقرى على هذا النص العبقرى ايضا ولك كل محبتى

عبد الحافظ بخيت متولى غير متصل   رد مع اقتباس