[طارق الوهباني]

الفصل الثالث من حكايات الليل والنهار
واخيراً حل الليل بعتمتهِ المشربة بجرعة من نور البدر الخافت يمتع ناظريه
يتوهج بشاعرية اخاذة
يعتجر خمار الليل الاسود مرصعا بنجوم تزخرفه كأنها حجارة الماس
فهو سيد الفضآء الواسع بلا منازع
حاشيته النجوم تحيطه احاطة السوار بالمعصم او كانها عقد ياقوت على جيد
حسنآء
أو كأنهم عباد خشع يطوفون بالبيت العتيق
يالها من لوحة فنية ترسمها صفحات الماء وهي تعكس هذا المشهد الذي أعجز الوصف
بتناغم عجيب تنسجم الارض فيه والسمآء
كتلة واحدة لا رأب فيها ولا رتق
مشهد يغيب عنه كل ما لا يشبه الليل الا البدر والنجوم في السماء أو ما انعكس من
نور قد رتسم على صفحات المآء
ألمآء الصافي منه اما ما كدر وتعكر صفوه فلا نصيب له
والظاهر منه لا الغآئر المدفون
فبينما هم وقوف يتأملون و قد شاطر الصمت خيمة الليل
واسرت الرهبة والهيبة قلوبهم
تحرر صوت لم يسمعوه من قبل
التفتوا حيث مصدر الصوت باستغراب
لم يعهدوا في مثل هذا الموقف الا الصمت
أسوة بشيخ هرم عجوز قد اعتاد ان يشهد هذا الموقف منذ سنين
يكون اول الحاضرين وآخر من ينصرف
لا يتكلم ابدا ولم يفارق مجلسه على ضفة النهر
تحت سنديانة عمرها من عمره
حتى انها حملت اسمه.....سنديانة العجوز
يقتطع منها أخشابا ينحتها عصيا يتكأ عليها حتى اصبحت كومة
بعدد الليالي التي قضاها وهو يحضر مغيب الشمس متسللا حيث لا يراه أحد
وينصرف متسللا بعد ان يشهد الليل يحسب الزمان ويعد منازل البدر
كانوا يسخرون منه صغارا يتنادون ليلتفوا حوله يزعجوه هاتفين
يا عجوز يا عجوز
فيتبسم وهو يوزع عليهم الحلوى
لكنه لم يتكلم ابدا
فتناديهم امهاتهم خشية حلول الظلام
وتوصيهم بالابتعاد عن مجلس الشيخ النائي
كان صمته يخيفهم
لكن الصغار كالعادة يحبون المغامرات حتى اعتادوا زيارته