[د. ناصر شافعي]

ينابيع شريان نهر الحب
د. ناصر شافعي

نهر متدفق يسري في دمائنا و عروقنا ، تجري خيراته في شريان الحب في أجسامنا .. كل أنهار العالم لها ينابيع ولها مَصَاب ، يصب هذا النهر العظيم في قلوبنا .. لكن أين توجد ينابيع هذا النهر المتدفق .. الباعث للحياة ؟.

الينبوع الكبير المستمر الدائم لنهر الحب ينبع من أعالي نفوسنا .. من الحب الالهي .. الذي يمنح نهر الحب استمراريته و تدفقه الدائم ليغذي الروح و الوجدان .. وينعش حياة الانسان . تتدفق من الأعالي شلالات حب السلام و حب الخير و حب الغير .. وتتكون بحيرات من حب التسامح ، و حب الكرم ، من الطفولة حتى الهرم .

إن جف ينبوع الحب الالهي ، نضب سريان أنواع الحب الأخرى في الشريان .. وتكونت مستنقعات من الكراهية و الحقد و الضغينة ، تعيش فيها و تنتعش الآثام و الخطايا .. وتملأ بالموتى و الضحايا .. وتنتشر فيها أوبئة الظلم و الفساد ، و أنظمة قهر العباد.

وعلى ضفاف نهر الحب تنمو و تنتعش صفات الجمال و المودة و الطيبة و الإخاء .. فتفيض بسحرها الخلاب على أرواحنا بالتفاؤل و حب الحياة . وتزين الوجود بالبهجة والأمل ، الباعث على العمل .

ومن أعالي هضاب الأمومة العظيمة ينبع الحب الأبدي للأم و الأب .. فيزيد وثاق الترابط الأسري و العائلي ، و يثري بفضله حب المجتمع و البشرية جمعاء .

ويغذي هذا النهر العظيم ، فيضان متكرر ، موسمي ربيعي ، أو طارئ خريفي ، أو ملهب صيفي ، أو دافئ شتوي .. فيضان من الحب البشري للجنس الآخر ، ينعش مسيرة الحب الساري في أرواحنا .. ينبه عقولنا لضرورة وجود الحب في حياتنا و استمراريته . قد يغيب هذا الفيضان أو يتأخر ، فترات .. ربما سنوات .. و لكنه لا محالة مؤكد الحضور و الظهور. وبفضله تنمو زهور العشق و المحبة وفي استمرارية ينتعش الإحساس بالتواجد و الحياة .

فماذا لو غاب أو إختفي فيضان الحب ؟ .. إنه جفاف العواطف ، لا محالة .. و ضمور و ذبول أحاسيس الحب و الخير .. فتنمو مشاعر شوكية موجعة ، تنغص على النفس حياتها .. وتسرع في نهايتها و موتها .. وتزيد في الروح من قسوة القلب و الفؤاد و الفكر.. و تشعل في النفس كراهية العطف و الحنان و الشكر .

تعالوا نزيد من فيض هذا النهر الجميل .. بمزيد من الحب الالهي و الجمالي و الأسري و الانساني .. لنثري التواجد و التفاعل الوجداني .. لنبقي للحياة ، و تبقى الحياة لنا .

د. ناصر شافعي
22 نوفمبر 2009