عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 12 / 2009, 23 : 05 PM   رقم المشاركة : [57]
عبد المنعم محمد خير إسبير
شاعر وأديب إسلامي، عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية - رئيس شرفي لقسم همس الروح (الشعر الإسلامي) منتدى ديوان الشاعر عبد المنعم محمد خير إسبير، هيئة مجلس الحكماء (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية عبد المنعم محمد خير إسبير
 





عبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond reputeعبد المنعم محمد خير إسبير has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: الأديب -عبد المنعم محمد خير إسبير -في حوار مفتوح بالصالون الأدبي يحاوره الشاعر يس

مشهد يتزامن مع هذه الأيام ولا أريد أن غفل عنه ... أريد أن أخرجه
وأنقله لكم لما له من أهمية قصوى وضرورة ماسة لمناقشة ماورد فيه...

فهلاّ فعلتم يا أحبائي ؟

مشهـــد من الحيــــاة

بقلم : عبد المنعم محمّد خير إسبير
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميّة

استهـــــــــــــــلال
ــــــــــــــــــــــــــ
أيّتها الأمّ الفاضلة ، والمربيّة الجليلة ، في عيدك السّنوي "عيد الأمّ " ، أقف لك بكل الإجلال والتقدير ، لأحيّي فيك حُسنَ الأمومة الفاضلة ، وأقطف زَهَراً من القلب ، وأصنع منها طوقاً ، أطوّق به عنقك ، وأشدّ على يدك البيضاء الطاهرة ، التي زرَعَتْ فأنبَتَت ، ورَعَت فأثمرَتْ، وجاهدَتْ في سبيل أولادها فأعطَتْ فأوفت ، وجمعت أولادها في الحياة فوحّدتْ ، وبعد رحيلها ، ظلّت عينها في مثواها تستشرف أحوالهم لاتغمض ولا تنام ، وبقي قلبها طيّ
تربتها حيّاً نابضاً ينطق بالدّعاء المستدام.
أمّا أنت أيتّها الأمّ التي أسرَفت على نفسها فقصّرَتْ ، وزرعَت فما أنبتَتْ ، وأهدَرَت فما حفظتْ ، وحملتِ الأمانةَ فما أوفَتْ . إليكِ أيّتها الأمّ أقدّم مشهداً حزيناً رأيته في حياتي "وكم رأيت منه الكثير" ، ليكون لكِ ولمن أنبتك في الحياة ، مشهد تذكير وتبصير وتحذير، فلربّما كنت أنت أيضاً قبل أولادكِ ضحية التقصير .

****************
إنّ أعظمَ خسارةٍ يخسرها المرء في الحياة ، هي خسارةُ الوقتِ الّذي يُهدرُ بلا طائل . فالوقت جزءٌ ثمينٌ من كينونة الإنسانِ ،يقدَّرُ به يوم مولده وأيام حياته ويوم موته ، وتُحسَبُ به عمره الفعليّ على قدر أعماله فيه ، ومن الخطأ أن نقول إنّ فلاناً عاش ستينَ أو سبعينَ عاماً في الحياة الدّنيا ، بينما " في واقع الأمر" قدعاشَ العمْرَ الّذي عمل وجدَّ فيهِ ، ليكتسبَ ويُكسِبَ أولاده ربحاً في الحياتين ، فإنْ عمل عملاً صالحاً في مدى عشرينَ عاماً ثم رحلَ عن الحياةِ الدّنيا وهو في السّبعين من العمرِ مثلاً ـ فيكون عمره الحقيقي عشرين عاماً لاأكثر؛ أي عمرهُ العامل لا عمرهُ الخامل ؛ فالعمْرُ يقدّرُ بالمدى الّذي عمّرَ فيه المرءُ من فضائل الأعمال لا ما ماعمَر ، أما الوقت الخامل فهو وقت ضائع لايُردُّ ولايُستردّ ، والمرءُ فيه يكون مَيتاً وهو على قيد الحياة في ظاهره .
في العام المنصرم ، كنتُ أقف قرب باب مدرسة ثانويّة يدرس فيها حفيدي ، أنتظرُ خروجه ومعه نتائج الإختبارات السنويّة النّهائيّة التي تكون دائماً من النّاجحين ، وفيما أنا أتابع انتظاري ، إذ بي ألمحُ ابنَ أحد أصدقائي خارجاً من المدرسة مطأطئ الرأس حزينا ، وما إن رآني حتّى أسرعَ في خطاه باتّجاهٍ آخرَ ليتجنّبَ لقائي ، فلقد كان دائماً كسولاً في دراسته ، وكثيراً ما كنتُ أنصحه وأحرّضه على الإجتهاد خلال السنة الدراسيّة ،وأُبصّرهُ بعاقبة الكسل والّلهو وإضاعة الوقت في اللّعب والتسكّعِ في الطريق.وأسرعتُ نحوهُ لأخفّف عنه بكلماتٍ طيبة يقتضيها الموقف ، إذ من الحكمة ألاّ تعاقبَ إنساناً عاقب نفسه قبلكَ بالبكاء والخجل والنّدامة ، فذلك العقاب الذّاتي كافٍ لهدايته إلى طريق الهدى والصّلاحِ والإصلاح. وحينما خفّفْتُ من معاناته ، قلت له :
ـــ هل علمْتَ سببَ رسوبك ؟ إنّه الشيطان ورفاق السّوء .
ــ هذا صحيح .
وودّعني وسار في طريقٍ غير طريق بيته .
ــ انتظر قليلاً ، فحفيدي سيخرج بعد قليل ، وسنرافقك إلى بيتك .
ــ لنْ أذهب إلى بيتي ، ولاأستطيع أن ألتقي أمّي وأبي وأنا راسب ، سأبقى في الشارع .
ــ كيف تقول ذلك؟! هل الشارع سوف ينجيكَ مما أنت فيه ؟
ــ كثيراً ما كنت أُقضّي فيه أوقاتاً طويلة بطلبٍ من أمّي .
ــ كيف تقول ذلك يابنيّ ؟!
ــ كانت تفضّل أن أخرج إلى الشارع في كثير من الأوقات ، إمّا حين تعود من وظيفتها الحكوميّة متعبة ،فلاتحتمل منّي ومن أختي أيّ خطأ فتضربني وتخرجني ، أو حينما لاتطيق أصوات لعبنا معاً ، أو حينما تدعو صديقاتها إلى ( استقبالاتٍ) في بيتنا ، أوحين يصيبني القلق ليلاً فلا أستطيع النّوم ، ففي تلك الحالات كانت تفضّل أن أخرج إلى (الحارة) لتنفرد هي في مشاهدة برامج خاصّة تفضّلها !!
ــ سكت طويلاً ثمّ أجاب:
ــ ليت لي أباً وأمّاً مثلك ، ولو كان لي ذلك لما رأيتني على هذه الحال … فدعني . لاأريد الذهاب إلى البيت .
أمسكْتُ بيده ،وقبّلت رأسه قائلاً :
ــ بقاؤك في الشارع ليس حلاّ ياولدي.
ــ وما الحلّ؟
ــ الحلّ يكون بالعزم على تصحيح خطإ أعمالنا ، تحمله إلى السنة الدراسية المقبلة ، فكلّنا نُخطئ ، ولاعيب إن أخطأنا ولكن عيبٌ علينا إن تمادينا في أخطائنا ، وانحنينا أمام نتائجها بيأس واستسلام . قم ياولدي قَومةَ رجل يتحدّى الخطأ ويتصدّى للفشل با لعزم والتوكّل على الله .
بينا نحن في غمرة التّحادث ، خرج حفيدي من المدرسة ضاحكاً مستبشراً ، فلحظ زميله معي ، فأشرت إليه إشارة فهم معناها ، فاقتصدَ في إظهار فرحة نجاحه ، وأقبل على زميله يعانقه وهما يبكيان ، فأحسن حفيدي صُنعاً بذلك . إذ ليس من الرّحمة وحسنِ الخُلُق ، أن يستعرض المرءُ فرحتــــه( أية فرحة ) و نعمتهُ ( أيّة نعمة) أمام من افتقد الفرحة والنّعمة ، ويرقص على أسى الآخرين ؛ وما أكثر الخاطئين في تلك المواقف الإنسانيّة.
سألتُ حفيدي بعد إشارة خاصّة مني فهمها :
ــ هل تذكر يا وضّاح حديثاً للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - يصف فيها القويّ ؟:
ــ نعم . فقد قال رسول الله : ليس الشديدُ بالصُّرَعة ، ولكن الشديد الّذي يملك نفسه عند الشدائد .
ــ هل سَمعْتَ ياولدي؟ ، هيا قم يا ولدي إلى بيتك ، وكنِِ ذلك الرجل القويّ الّذي عناه الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
وغادرني إلى بيته بعزمٍ وثقة بالنّفس .
في نهاية السنة الدراسية التالية ، رأيتهُ يخرجُ من المدرسة ضاحكاً يقفز في الهواء من فرحة نجاحه ، وحينما شاهدني أقبل عليّ يبكي.
ــ أتبكي ثانية يا ولدي ؟ زمن البكاء انتهى.!
ــ من الفرحة ياعمّي ، شكراً لك على نصيحتك في السنة الماضية ، فالفضل لك بنجاحي .
ــ أستغفر الله يا ولدي ممّا تقول ، فالفضل لله أّولاً ، ثم لعزمك وتوكّلكَ عليه .
وأمسكت بيده لأنتهز الفرصة للمقاربة والمقارنة بين امتحانين ، فقلت :
ــ كيف رأيتَ نفسك بينَ الأمس واليوم؟
ــ الحمد لله فسعادتي الآن لاتوصف
ــ أتسمح لي يا ولدي أن أُذكِّرَكَ بالإستعداد لامتحانٍ آخر ؟
ــ تفضّل .
ــ في امتحانِ السنة الماضية الدّنيوي ،كنت على قارعة الطريق تبكي ألماً ، والآن أنت عليها تبكي فرحاً ، ألم تفكّر يوماً في مصيرك عند رسوبك في الإمتحان الأعظم ؟
ــ بدهشة بالغة سأل : وما هو ياعمّي أما اكتفينا من الإمتحانات ؟
ــ لا ياولدي ، إنني أعني الإمتحان الأخروي ؛ امتحانك أمام الله ، يومَ تشيب فيه الوِلْدان ، ألا يستحقّ منك التّفكّرَ والتدبّر والعمل من أجله ؟
سكت طويلاً … ثم أدركَ مقصد كلامي ، فأطرق …. …..
ــ أرى في دموعكَ خيراً وأملاً يا ولدي ، وهذا أمْرٌ يُغنيك عن الجواب ويُسعدني.
فرفع رأسه تجاهي فلمحْتُ دموعه تتلالاً تحت أشعة الشمس كقطع الماسّ ، وتتدحرج على خدّيه كقطر النّدى ، ونظر إليّ بحسرة يغالب فيها نحيب بكاء وقال :
ــ كم أتمنّى أن تكون أمّي وأبي ، كم أتمنّى .
ــ لا ياولدي ، أنت تخطئ ، فلأبويك فضل كبير عليك ، وسوف تُُحِسُّ به في المستقبل.
فهزّ برأسهِ كمن لمْ يقتنع بكلامي وقال :
ــ كن معي دائماً ياعمّي …… فأنت أبي وأمّي .
تركتهُ يتّجه إلى بيته ، ومضيت ساهماً في طريقي ، أسترجع بيتين من قصيدة لي نظمتها في بدايات أيّام شبابي :
تاللهِ لونِعَـــــمَ الإلهِ فقدتهـــــا *** وأبي يعيشُ ، فلاشقاءَ ولا غُمَمْ
جُرحُ البنوّةِ لا يُضمّده سوى *** أيدي الأبوّةِ في الدّنا وفـــؤادُ أمّ

رحمة الله عليهما … بسم الله الرحمن الرحيم ….الحمد لله.....
********
تحيتي

التعديل الأخير تم بواسطة عبد المنعم محمد خير إسبير ; 04 / 12 / 2009 الساعة 27 : 05 PM. سبب آخر: تعديل كلمات
عبد المنعم محمد خير إسبير غير متصل