رد: ابنة الشتات
اختي الغالية ميريندا
مهما نحاول ان نفهم هذا الواقع ، يتجاوزنا؛ ونظل هناك حيث بدأنا..
حينما أحببت لأول مرة كنت انسانيا ورومانسيا وحاولت فيما حاولت مزج انسانيتي بمزيج من تربيتي الدينية لأتمكن من خلق تصور موضوعي للعلاقة الناشئة والتي احتضنها قلبي بين جوانحه؛ كانت المفاجئة أنني أعيش في عصر تجوزت فيه كل الحدود وكل القيم وكان على أن أختار إما الإنذماج في الوضع أو أن أموت وحيدا وغريبا.. كبريائي أبا علي أن أكون مجرد تابع لتيار جارف من الموضات والتقاليع التي لا قرار لها...
المهم انني انتبهت بعد حين حينما سمح لي الفراغ العاطفي من قراءة النصوص الدينية قراءة موضوعية ومتمعنة في ادق التفاصيل التي أرادنا الله ان نكون عليها.. متجاوزا بذلك النظرة الصوفية للحب الإلهي القائمة على الفناء في الله ومستنتجا ان الحب الالاهي كامن في التضحية بكل غال ونفيس من أجل الوصول إلى المحبة الإلهية.. وخاصة التضحية بالحبيب مهما كان.. سواء جنسا بشريا او وطنا غاليا.. وهذا لا يعني التنكر للوطن حاشا ذلك.. انما الأمر مسألة أولويات.. حينما نتظر إلى الوطن على انه الأمل يزداد الفراغ اتساعا لذلك كان لا بد من الفناء في معنى الحب في الله ومعرفة السر الكامن وراءه.. الوطن او التعلق بالوطن وحبه مجبولة عليه النفس البشرية ولا يمكن ابدا معاندتها او معاكستها في ذلك لكن لا بد من فهم ان الحرمان منه هو امتحان وتجربة للإنسان ليس كفرد ولكن كجماعة.. والغالب أننا في عصر القوميات وقعنا في مطب القوميات ومن تمت نسينا الله فأبى إلا أن يذكرنا أن حب الله من حب الوطن ولما اعتقدنا النصر في مقوماتنا الذاتية سواء منها الوطنية المتمثلة في اللغة والأعراف والتقاليد والسبق التاريخي وأمجاد الأمة وما إلى ذلك كانت الهزائم تتوالى و أزماتنا تتراكم وحبنا يصاب بالوهن وفي كثير من الأحيان بالشلل.. فالنصر من الله واي صدوف عنه هو دخول في امتحان ليست له إلا نتيجة واحدة الفناء في الهزيمة..
نحن لسنا نعيش الشتات العاطفي او الوجداني او الغربة عن الوطن او الأمة ولكن نعيش ازمة عقيدة..
وأنا معك حينما تقولين أننا معشر المسلمين لم تعد لنا مقومات واضحة ولا قيم صريحة وإنما بعبع الشريعة معلق فوق رؤوسنا يقتات من كبريائنا ويشل حركاتنا.. وهنا الامتحان الكبير.. ولست هنا لأناقش هذه المتاهات وإنما لأقف معك امام هذا الامتحان العسير الذي تعيشه الأمة العربية متمثلة في الشعب الفلسطيني الذي اصبح رمزا حيا ونابضا لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها..
انا لست فقيها ولا متفلسفا في الدين ولكنها الحقيقة التي تصدمنا فنصدف عن رؤيتها اتمنى أن لا أكون مقنعا كفاية وأن تكون نظرتك للواقع وللحقيقة أعمق..
تحياتي
|