رد: الأديب -عبدالحافظ بخيت متولي-في حوار مفتوح بالصالون الأدبي يحاوره الشاعر يسين عرع
العامر بالخير دوما نقى القلب يسين عرعار
أشكرك ولا أكف عن الشكر فأنت أهل لكل الشكر
*دعنى أثرثر معك حول الواقع النقدى فى الوطن العربى ومنه نصل إلى رؤيه معينة حول النقد ودعنى أقول لك النقد فى الوطن العربى مدرستين مرسة النقد فى المشرق وهى بعد مندور أصبحت مدرسة للترجمة فالقائمون على هذه المدرسة فى المشرق العربى وعلى رأسهم النقاد المصريون مجرد مترجمون فقط أخذوا التيارات النقدية الغربية ولم يعيدوا إنتاجاها فى ثوب عربى يخدم النص ويجعل تأويله دافعا إلى تطوير الإبداع ولذلك ترى النقد فى المشرق تتزاحم عليه البنيويه والتفكيكية والحداثة وما بعد الحداثة والحساسية الجديدة والهرمنيوطيقا والسيميوطيقا وهذا ناقد بنيوى وذاك تفكيكى وأخر اطباعى وغير ذلك وفوضى العروض النقدية هذه أدت إلى غياب دور النقد الحقيى الذى فك مجاهل النص وشفراته الإبداعية فى نص نقدى جمالى أيضا وأصبح النقد فى المشرق يحتاج إلى شراح جدد ومفسرون يعملون على فك شفرات النقد نفسه كمن قال لابنه لقد صنعت نظارتين إحداهما للقراءة والأخرى للسير فى الطرقات فقال له ابنه يا أبى تحتاج إلى نظارة ثالثة فقال الأب لما ؟ قال الابن لتريك نظارة القراءة من نظارة السير
وهذا كله جعل الكثير من النقاد يلوون عنق النصوص الأدبية لصالح هذا المنهج او ذاك فجاء النقد مستغلقا الأمر جعل أديبا كنجيب محفوظ يقول بالنص : " أنا حين أقرأ مجلة " فصول" المصرية لا أفهم شيئا وهى مجلة متخصصة فى النقد الأدبى وهذا ايضا أفرخ لنا أشباه النقاد والمغالطين وأفرز ما يسمى بالقوالب النقدية الجاهزة التى يصلح تطبيقها على الشعر -مثلا- من امرئ القيس حتى اخر شاعر اُقر بشعريته مقولات من مثل " ان هذا النص يتوازى ويتقاطع فى آن واحد مع مفصلية الفهم الإبداعى الذى يخرج الإنسان من درائرة الكينونة ليلقى به فى دائرة الترهل الاجتماعى غير الحالم " وغير ذلك وأتصور أن هذه الفوضى أيضا تتيح للمتناقدين - ان جاز التعبير- مساحة كبيرة وفى هذا كل الخطر على الإبداع العربى
- والمدرسة الثانية هى مدرسة النقد الغربى التى استطاعت أن تستفيد من المقولات النقدية الغربية باعتبارها وسائل إجرائية لا غايات نقدية فى تطوير الإبداع وتعاملت مع هذه المقولات برؤية منهجية تمزج بين القديم والحديث وانا أثق بذلك كثيرا وأراقبه عن كثب
من هنا يصبح النقد عملية مزج بين التراث والوافد ولابد ان يكون مزج مهجى لا يلغى مقولات الجرجانى او ابن طباطبا ولا يجب مقولات جاك دريدا او باكسون او رواد مدرسة براغ وانا لست مع القائلين بنظرية نقدية عربية تتكلس داخل أورقة التراث فقط ولكنى ابحث عن منهج يمزج القديم والجديد ويخرج بمزيج ثالث فما خرج من رحم فكر مادى بحت لا يمكن تطبيقة على إبداع خارج من رحم فكر عاطفى روحى وواقع لا تشاركه الآلة نصف حياته بل تشاركه الروح والفضاء الإنسانى فالعربى نتاج ثنائية جغرافية افرزت مطبوعات ثقافية وفكرية واجتماعية لا يمكن تغييرها لصالح سياقات فلسفية اخرى فهو نتاج مناخ جغرافى متطرف فى برده أو حره ولذلك فالعربى غاضب إلى حد القتل وعاطفى إلى حد البكاء وبين هاتين النقطيت يكم فكره وإبداعه وفلسفته فى الحياة
*من هذا العرض نستطيع أن نقول أن النقد العربى أغلبه يقتل النقد والمنقود ويؤدى ألى موات النص والمؤلف والناقد ودحر الحياة الإبداعية بكاملها
لك كل محبتى وتقديرى سيدى الكريم*
|